«زعيم الشرق» يعزز التحالف مع أوروبا لمواجهة تحديات المنطقة 

الرئيس عبدالفتاح السيسى
الرئيس عبدالفتاح السيسى

جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لفرنسا، فى الفترة من 6-9 ديسمبر الجاري للتأكيد على عمق العلاقات المصرية الفرنسية، واستمرارها بنفس الوتيرة خلال القترة السابقة، حيث تتميز علاقات البلدين بالقوة والمتانة على المستويات الثقافية والاقتصادية والعسكرية، وفي مجالات نقل الخبرة وتوطين التكنولوجيا والبنية التحتية والصحة، وقد عززت الزيارة آفاق التعاون في المستقبل بالنظر إلى مقدماتها ونتائجها التى نرصدها على النحو التالى: 
مظاهر الاستقبال 
منذ وطأت قدمى الرئيس السيسى التراب الفرنسي، وشهدت فرنسا مظاهر استقبال لا تحدث مع كثير من قادة العالم الذين يأتون إلى فرنسا، وقد ظهر ذلك جلياً في استقبال الجمهورية الفرنسية في ساحة «انفاليد» خلال اليوم الأول للزيارة، حيث استقبل الرئيس إيمانويل ماكرون، نظيره المصري الرئيس السيسى استقبالاً أسطورياً بالموسيقى العسكرية وسلاح الفرسان الفرنسى وفق بروتوكول فرنسى معروف مع قادة الدول الكبرى، بعده غادر الرئيس إلى قصر الإليزيه محاطاً بحراسة مشددة، وأغلقت له عاصمة النور بكاملها.
للحديث عن أهمية الزيارة، تجدر الإشارة إلى الواقع فى فرنسا على الأرض والمعطيات التى ترتبط بالعلاقة بين مصر وفرنسا والعوامل المشتركة فى بيئة البلدين التى تعزز هذه الأهمية، وخصوصا ملف مكافحة الإرهاب، وكذلك الموقف تجاه تركيا وما تتبعه الأخيرة من سياسيات عدائية ضد فرنسا ومصر.
كما تنظر فرنسا أيضاً للتحالف الاقتصادي التركي القطري بعين الريبة، فمن قبل كان تحالفاً عسكرياً فجاً بوجود قاعدة تركية في قطر، وهو ما آثار دول خليجية كثيرة ضده، بعد كشف تمويلات قطرية للإرهاب، وتدخلات تركية بالتمويل المشترك مع قطر فى مساجد فرنسا، كل هذه الملفات جعلت من زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى أهمية خاصة بالنسبة لفرنسا الرسمية وأحزابها، والرأى العام.
الأهداف

اقرأ أيضا| بسام راضي: «ماكرون» منح الرئيس السيسي أرفع وسام في فرنسا

تكاد تكون الأهداف متطابقة للدولتين - الفرنسية والمصرية - فى هذه الزيارة، وهذا ما ظهر فى الزيارات والمقابلات واتفاقيات وأطر التعاون المختلفة فى مراحل الزيارة المختلفة وبمستوياتها، فكما سبق وأشرت فى دلالة التوقيت، فان الأهمية تأتى من طبيعة الموقف والتحديات التى تواجه مصر وفرنسا.، وبالتالى ضرورة التشاور والتنسيق والاتفاق على أجندة عمل واحدة مستقبلية. 
ولا يخفى على متابع أن أهمية الزيارة تكمن فى الظرف المشترك، كذا مجمل التحديات التى جعلت من مصير الجمهوريتين مشتركاً أيضاً سواء فى ساحة البلدين الداخلية وتحديات الإرهاب بصفة أساسية وظرف كورونا والتحدى الاقتصادى وفك شفرة التنظيمات الإرهابية، والمقلقات الخارجية التى تهدد الدولتين بشكل وضعتهما معاً على نفس خط الدفاع بالنسبة للإرهاب أيضاً، والدول الداعمة له بشكل غير مباشر وتموله وتوفر له ما يساعده على ارتكاب أفعاله، أيضاً الدول التى تمثل تهديداً مباشراً لمصالح البلدين مثل تركيا وتهديدات المتوسط وتدخلاتها فى ليبيا وسوريا والمياه الإقليمية فى شرق المتوسط بما يهدد الأمن الاقتصادى للبلدين، وتحديات الهجرة غير الشرعية وتسلل الإرهابيين والدور المشترك للبلدين فى ذلك، والمشروعات لوقف ذلك. 
المحاور 
ركزت زيارة الرئيس السيسى لفرنسا على عدة محاور مهمة بدت فى مجمل الاتفاقات الموقعة بين الجانبين للتعاون الدولى، وخلال المشاورات الثنائية واللقاءات، فعلى المستوى المصرى المحلى شهدت اللقاءات والمشاورات المشتركة تطوير البرامج الخاصة بالتعاون البرلمانى بين البلدين، خاصة فى مجال تبادل الزيارات البرلمانية والوفود البرلمانية من البلدين وتحديث المنظومة التشريعية فى مصر بوسائل حديثة وتكنولوجيا فرنسية، فضلاً عن التشاور السياسى المستمر بين البلدين فى قضايا الإرهاب، والدعم الفرنسى لمصر فى مجالات الثقافة والتعليم وتطوير المدارس للفرنسية فى مصر، ومشروع الجامعة الفرنسية والتوسع فى تدريس اللغة الفرنسية. 
أما المجال الاقتصادى والعسكرى فقد عززت الزيارة مجالات التعاون العسكري بين البلدين، وظهر هذا جلياً فى لقاءات الرئيس السيسى مع المجموعات الاقتصادية الكبرى العاملة فى هذه المجالات،مثل مجموعة « داس» حيث التقى الرئيس «السيسى» بالرئيس التنفيذى للمجموعة، وهى كبريات الشركات العاملة فى التقنيات العسكرية والمنتجة للرافال، ومجموعة «إيرباص» و«نافال» لتصنيع السفن والقطع البحرية، وما أسفرت عنه الزيارة من نتائج مهمة على هذا الصعيد دون الخوض فى تفاصيل أرقام وإحصاءات عسكرية ليست مجال حديثنا.
وفي المجال الصحي دعم منظومة التأمين الصحي بمنحة قدرها 150 مليون يورو مقدمة من الوكالة الفرنسية للتنمية، فى حين حظيت محاور البنية التحتية ونقل التكنولوجيا بمشاورات عدة، حيث توقيع وثائق بقيمة 715 مليون يورو وقعتها الوكالة الفرنسية للتنمية مع الجانب المصري،ومنها تطوير خط سكة حديد أبوقير بقيمة 250 مليون يورو، تطوير خط سكة حديد طنطا المنصورة بقيمة 95 مليون يورو، دعم سياسات قطاع الطاقة بمبلغ 150مليون يورو، محطة معالجة للصرف الصحى بحلوان بمبلغ 52 مليون يورو، وغيرها من الاتفاقات المثمرة التى نتجت عن الزيارة.