دماء في عش الزوجية.. ربع جرائم القتل «أسرية»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

داليا أمين

 92%◄منها تتم بدافع الشرف أو الخيانة

◄ «اشتغل يا عواطلى» مقولة تتسبب فى ذبح زوجة.. وأخرى تشعل النار في زوجها

◄ علماء النفس والاجتماع: الاعتراف بالمرض النفسي ونشر ثقافة طلب العلاج أسلم الحلول

◄ أمين الفتوى: البعد عن الدين والتنشئة الأخلاقية والاجتماعية الخاطئة تهدد الأسر المصرية

 

«اشتغل يا عواطلى» كانت هذه العبارة وراء ذبح زوج لزوجته لاستثارته غضباً لمعايرته طوال الوقت لأنه بدون عمل منذ عامين.. كما تجردت زوجة من كل مشاعر الإنسانية وقتلت زوجها حرقاً بإشعال النيران فيه حياً أثناء نومه، انتقاماً منه بسبب تهديده المستمر لها بالطلاق لإنجابها البنات دون الذكور، وفي ساعة شيطان تخلى رجل عن أبوته وطعن ابنته بسكين نتج عنها جرح قطعىيتوفيت على إثره بسبب شكه في سلوكها، وكانت المفاجأة بأن الطب الشرعى أثبت أن الفتاة عذراء.. وبدم بارد قتل زوج زوجته بسبب الشك والغيرة العمياء بعد 7 سنوات زواج.. ومن الحوادث المشينة قيام زوجة بقتل زوجها الطبيب وأخته بالاتفاق مع عشيقها حتى يخلو لهما الجو لممارسة حبهما الحرام، ولم تكتف الزوجة بذلك بل بعد قتلهما مارست الرذيلة بجوار جثتى زوجها وأخته .. كما تخلت أم عن كل معانى الأمومة وقتلت ابنها الرضيع لأنه كان دائم البكاء.

اقرأ أيضا|«الدم بقى ميه».. يقتل أخيه في الغربية وأخر يخفي جثة جدته «بشنطة» سفر

هذه الجرائم ليست حصيلة سنوات، وإنما حصيلة عدة أشهر فقط من هذا العام، فقد شهدت الفترة الأخيرة ازدياداً في عدد الجرائم الأسرية بشكل يدفعنا إلى دق ناقوس الخطر، والبحث عن الأسباب التي أدت الى ارتكابها لأنها تهـدد الأسـر المصريـة، حيـث يقتـل فيهـا الإنسان أقرب الناس إليه ولأسباب تافهة. «الأخبار المسائى» فتحت هذا الملف الشائك، وسألت علماء النفس والاجتماع والقانون عن سبب تزايد تلـك الجرائـم، وكيـف يمكـن محاصرتهـا والتقليل منها.

 

في البداية أعلنت الدكتورة سعاد عبدالرحيم، رئيس المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن المركز أجرى مؤخراً دراسة حول الجرائم الأسرية، كشفت نتائجها أن نسـبة 92% مـن هـذه الجرائـم تتـم بدافـع العرض والشرف نتيجة الشك وسوء الظن والشائعات، ومن أهم الأسباب الأخرى غياب الرحمة عن العلاقات الإنسانية، وتراجع منظومة القيم والأخلاق، وضعف الوازع الديني، والاختـلال العقلـي والنفسـي، والضغـوط الاجتماعية والنفسية، والبطالة وتردى الأوضاع الاقتصادية، وإدمان المخدرات التى تغيب العقل، وارتفاع معدلات العنف والبلطجة فى الأفلام والمسلسلات وتقليد البعض لها،

والتنشئة السلوكية الخاطئة . كل هذه الأسباب وغيرها تؤثر على العلاقات بـين أفـراد العائلـة فتـدّب المشـاكل فـيمـا بينهم لتطيح بالدفء العائلى.

 

الخلل النفسى

ويضيـف الدكتـور جمـال فرويـز، أسـتاذ علـم النفـس، قائلا: يعـد الخلـل النفسـي السـبب الرئيسـي وراء حـدوث معظم هذه الجرائـم، سـواء كان حدوثـه مفاجئـاً، أو ورائه مـرض نفسـي يعانـي منـه الشـخص منـذ فتـرة ولـم يتـم علاجـه، لذلـك لابـد مـن الاعتـراف بالمـرض النفسـي، ونشـر ثقافة طلب العلاج النفسى، وإيجاد حلول للمشكلات بطريقة عقلانية لتحقيق الاستقرار الأسرى، ويجب أن يقـوم الإعـلام بتوعية المواطنـين بضرورة التوجه للطبيب النفسى أو مكاتب الاستشـارات الزوجيـة لطلـب المشـورة فى

حالـة تعقـد الأمـور قبـل اسـتفحالها. وتـرى الدكتـورة سـامية خضـر، أسـتاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن التنشئة الاجتماعية الخاطئة وراء هذا العنف فنجد أن هناك مفاهيم التربية الخاطئة مع أولاده وتصبح دائـرة الضـرب والتعذيـب مسـتمرة ممـا ينتـج عنـه حـدوث جرائـم الضـرب الـذى أفضـى إلـى المـوت أو قهـر الطـرف الأخـر خاطئة منتشرة أن الضرب ينتج عنه شخص قوى بينما هذه التربية الخاطئة تنتج شخصاً غير سوى نفسياً وهذا الشخص يستخدم نفس حتى يعرضه لضغوط نفسية تدفعه للانتقام فتحدث الجرائم.

 

العقوبات المخففة

ويقول المستشار جمال القيسونى، رئيـس محكمـة جنايـات القاهـرة السـابق إن هناك بعض القضاة في القضايا الأسرية يستخدمون المادة 17 من قانـون العقوبـات والتـي تسـمى بـ»الرأفـة» مما يؤدى لزيادة الجرائم الأسرية، ويستخدمها القاضي بعد قراءة ملف القضية، في ضوء الظروف التي دفعت أفراد الأسرة لأن يقتل بعضهم بعضاً. ورغم ارتكاب تلك الجرائم البشـعة التـي تصـل أحيانـاً إلـى التمثيـل بجثـة القتيـل، يسـتخدم القاضـي الرأفـة ويخفف العقوبة درجة أو درجتين، مع أنـه يجـب عـدم النظـر إليها بعـين الرأفة، بـل إنـزال أشـد عقوبـة فـي الجانـي حتـى يكـون ِعبـرة لمـن تسـّول لـه نفسـه ارتـكاب جريمـة مـن أي نـوع، مطالبـاً بتخصيـص دوائر جنائية للنظر في الجرائم الأسرية،لأنهالاتقلخطورًةعن جرائم الإرهاب، وتصيب الاستقرار الأسري في مقتل، وفي الوقت نفسه يجب علاج أي خلل أسري قد يؤدي حدوث جرائم، لأن الوقاية خير من العلاج.

 

البعد عن الدين

فـى النهايـة يؤكـد الشـيخ الدكتـور عمرو الوردانـي أمـين الفتـوي بـدار الفتـوى، أن أسباُب انتشار الجريمة في المجتمع هـو البعـد عـن الديـن، ووسـائل الإعـلام المغرضـة التـي أتاحـت الفرصـة لتطـاول الصغير على الكبير، والبعد عن العادات والتقاليد الشرعية، وعدم تحمل المسؤولية وعدم استخدام العقل.. مشيراً إلى ضرورة عودة منظومة القيم والأخلاق للمجتمع، علـى أن تكـون البدايـة بالأسـرة فيتحقـق الترابـط والتكاتـف بـين أفرادهـا ويقـوم كل فرد بدوره، فالأب لابد أن يقوم بواجبه نحو رعاية الأبناء وتربيتهم تربيـة سـليمة علـى القيـم والأخـلاق، ولا ينشـغل فقـط بالجانـب المـادي، بـل لابـد أن يرسخ القيم والمبادئ والأخلاق واحتـرام الكبيـر، وكذلـك لابـد أن تقـوم الأم بواجبها نحو الزوج والأبناء، وأيضاً على الأبناء الطاعة والاجتهاد فـي الدراسـة، وفـي هـذه الحالـة تتحقـق منظومة شاملة داخل الأسرة تضمن للجميع العيش في سلام وأمان واستقرار.