باولو روسي.. 270 دقيقة بعد السجن حولته لأسطورة كرة القدم

باولو روسي
باولو روسي

يأبى عام 2020 أن يكتفي بصدمة عشاق الساحرة المستديرة برحيل الأسطورة دييجو أرماندو مارادونا، ليتجدد الألم ويتواصل الحزن مع صدمة أخرى برحيل أسطورة عالم كرة القدم باولو روسي.

إعلان الرحيل
في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس الموافق 10 ديسمبر 2020 أعلنت فيديريكا كابيليتي زوجة أسطورة كرة القدم الإيطالي باولو روسي، وفاته  بعد تدهور حالته الصحية في الأيام الأخيرة، ليترك غصة في قلب عشاق كرة القدم.

لقد قطع سيف الموت 64 عاما من الإنجازات والإخفاقات والبطولات والألقاب والأهداف المحلية والقارية والعالمية، إلا أن أبرزها وصانع أقوى ألقابه وأمجاده كان بعد تعرضه للسجن والوقف.

بداية الأسطورة
البداية في مدينة براتو إحدى مدن إقليم توسكانا في 23 سبتمبر لعام 1956، ولد باولو روسي، وعند اكتمال عامه السادس بدأ مثل أي طفل في ممارسة كرة القدم كهواية في الشارع مع أصدقائه، لكن سرعان ما تحولت هذه الهواية إلى شغف وطموح أكبر بكرة القدم، إذ انضم روسي للعب في أحد الفرق الصغيرة في مدينة فلورانسا بإيطاليا، وقد بلغت شهرته أنحاء البلدة التي يعيش فيها.

شبح الإصابات
انضم إلى يوفنتوس في سِنّ 16عاما، وظل فيه من الفترة 1972حتى 1975، لكنه لم يشارك خلال هذه الفترة في أي مباراة بسبب كثرة الإصابات التي تعرض لها منذ الانضمام، وعلى إثر ذلك قرر النادي التخلص منه وإعارته إلى نادي كومو لبضعة أشهر، ليظل سوء الحظ حليفه أيضا، فلم يوفق في أي مباراة لعبها مع ناديه الجديد، ولم يحرز أي هدف، حتى انتهى به الأمر بدون مشاركة، بسبب شبح الإصابات الذي طارده من جديد.

الانتقال إلى نادي فيتشيننرا
وانتقل روسي في الفترة من 1977-1976 إلى نادي فيتشيننرا، أحد أندية الدرجة الثانية، في صفقة هي الأغلى في تاريخ كرة القدم في الفترة من 1976-1982، إذ بلغت الصفقة 1.75 مليون دولار، ليقود فريقه للصعود إلى دوري أضواء الدرجة الأولى، وفي موسم 1976-1977 قاد ناديه إلى المركز الثاني خلف ناديه السابق يوفنتوس، وقد أحرز في هذا الموسم 24 هدفا، وتُوّج هدافا للدوري.
بدء مأساة روسي
في نادي فيتشيننرا مر بأسوأ مراحل حياته، ففي فبراير 1980 انفجرت قضية المراهنات الرياضية المعروفة باسم توتونيرو، التي تورط فيها أندية وشركات ولاعبون، وقد تم معاقبة الأندية التي تورطت في هذا الأمر بالهبوط إلى دوري الدرجة الثانية، وإيقاف بعض اللاعبين، وكان أبرزهم روسي الذي اتهم بالتلاعب في نتيجة مباراة فريقه ضد "أفيللينو" في ديسمبر 1979، فحكم عليه بالسجن وإيقافه عن اللعب لمدة ثلاث سنوات، ثم خُفّضت العقوبة بعد ذلك إلى سنتين.
بعد السجن تحدث المفاجأة
دافع روسي عن نفسه في هذه القضية قائلا؛: "كان يجب أن يدفع الثمن شخص مهم، وفهمت بسرعة أنني الضحية التي تم تعيينها… كنت كبش فداء لمنع أزمة أخطر وأعمق".
وبعد انتهاء فترة عقوبته كانت المفاجأة هي ضم مدرب المنتخب الإيطالي إينزو بيرزوت روسي إلى تشكيلة المنتخب الذي سيلعب في كأس العالم 1982 بإسبانيا، لكن مع بداية الجولة الأولى في كأس العالم 1982 بإسبانيا لم يكن هناك أي وجود أو ظهور يُذكر لروسي، وكان الأداء باهتا، إذ انتهت المباريات الثلاث بالتعادل، وتأهلت إيطاليا بأعجوبة على حساب الكاميرون بفارق هدف واحد.
الهجوم الذي صنع الأسطورة
الجماهير والصحف شنت هجوما كبيرا على روسي، حتى وصفته الصحف بأنه "شبح يتجول في الميدان بلا هدف"، ففي الدور الثاني، وفي أثناء مباراة إيطاليا ضد الأرجنتين، لم يقدم روسي شيئا وفازت إيطاليا بصعوبة بنتيجة 2-1 لصالح إيطاليا، وبقيت المباراة الفاصلة بينها وبين البرازيل لتحديد من سيتأهل للدور قبل النهائي.
270 دقيقة توجته على العرش
في 270 دقيقة فقط توج روسي نفسه على عرش الساحرة المستديرة في الثمانينيات من القرن الماضي، وخلّد اسمه بعد ذلك ضمن أساطيرها، إذ كانت ضربة البداية في ملعب ساريا بمدينة برشلونة في الخامس من يوليو 1982، بين إيطاليا– والبرازيل، في ظل وجود الجيل الذهبي للبرازيل أمثال سقراط، وزيكو، لتبدأ المباراة وبعد 5 دقائق أعلنت رأس روسي عن أول أهداف منتخب إيطاليا، ليرد منتخب البرازيل بهدف التعادل من سقراط.
 وفي الدقيقة الـ 25 أعلن روسي عن الهدف الثاني لصالح منتخب إيطاليا، وانتهى الشوط الأول بفوز إيطاليا، وفي الدقيقة 74 أحرز روسي الهدف الثالث، ليعلن الحكم انتهاء الشوط الثاني بفوز الطليان وتأهله للدور قبل النهائي.
بعدها حصد عدة جوائز وألقاب، حيث تم اختياره بعد ذلك ضمن أفضل 100 لاعب في العالم، ومن ضمن أفضل 125 لاعبا في قائمة بيليه لعظماء كرة القدم، ومن ضمن أفضل 50 لاعبا في تاريخ أوروبا، وأصبح روسي حديث الصحف العالمية بعد إحرازه لبطولة كأس العالم 1982، واستمر في اللعب لنادي يوفنتوس حتى عام 1985، وحقق معه بطولة الدوري مرتين وكأس إيطاليا ودوري أبطال أوروبا، وكأس الاتحاد الأوروبي، والسوبر الأوروبي، ثم انتقل بعدها للعب لمدة عام مع نادي أي سي ميلان ثم إلى نادي فيرونا الذي لعب معه لمدة عام، دون أي إنجازات.
ملخص حياة الفتى الذهبي لإيطاليا
الكاتب جون فوت مؤلف كتاب "الكالتشيو: تاريخ كرة القدم الإيطالية" يلخص حياة «روسي»، بقوله: «إن شاهدت الفيلم من الخلف فقد يكون أسوأ لاعب تراه في حياتك.. إنه مروع، لم يكن قادرا حتى على التمرير وبالتأكيد افتقد ثقته في نفسه».
ليرحل الفتى الذهبي لإيطاليا في ثمانينيات القرن الماضي "باولو روسي"، إذ كان أداؤه غير مبشر بالخير، حتى بعد انضمامه إلى المنتخب للمشاركة في كأس العالم 1982 بإسبانيا، فلم يستطع إحراز هدف أو حتى المشاركة في صنعه، أثناء مباريات الدور الأول لكأس العالم، حيث كانت آثار ابتعاده عن الملاعب لمدة عامين لا تزال مسيطرة عليه، وكان أكثر اللاعبين الذين هاجمتهم الصحف في بداية كأس العالم بسبب ضعف مستواه، لكن سرعان ما تحول هذا الهجوم إلى مدح، وأصبح في خلال 270 دقيقة أشهر وأفضل لاعب في العالم آنذاك، حتى وصفه البعض بأنه "موناليزا الساحرة المستديرة"، وأطلقت عليه الجماهير اسم "بابليتو".

اقرأ أيضاً : وفاة أسطورة إيطاليا باولو روسي عن عمر 64 عامًا