أموات على قيد الحياة بـ«شهادة حكومية».. قصص من التلاعب في شهادات الوفاة 

صورة موضوعية
صورة موضوعية

- الصحة: بشهادة الميلاد أو البطاقة فقط  نسجل المتوفى
- قانونى: حبس 15 سنة عقوبة التزوير فى الأوراق الرسمية..والمتهم دائماً مسئول الصحة والمبلغ أوالطبيب 
- «مُطلقة» تستخرج شهادة وفاة لزوجها للاستيلاء على الميراث
- عبدالهادى: انا ميت منذ سنوات ولم أستطع إثبات إني «حى»
- بنات يستغلون سفر والدهم للاستيلاء على أملاكه

 أن تكون حياً وتمسك بيدك شهادة وفاتك وتحارب من أجل إثبات وجودك، هذه قصة ليست من وحي خيال فيلم أو مسلسل  درامي، ولكنها حقائق ووقائع شهادتها محاكم وأورقة المصالح الحكومية لأشخاص أحياء استخرجت لهم شهاداتوفاة وهم علي قيد الحياة استخرجها آخرون بأسماء الضحايا  لتحقيق أهداف مشبوهة  ومنهم من استخرجت له شهادة وفاة  بسبب إهمال موظف الصحة ، وذاقوا المرار لإثبات وجودهم وعدم وفاتهم  و تبوء محاولاتهم  بالفشل.


لم أكن أتخيل يوماً ما أن أكون «ميت» وأنا مازلت على قيد الحياة بهذه العبارة بدأ فؤاد حسين حديثه لـ(الأخبار المسائي)، قائلاً ،طليقتى استخرجت لى شهادة وفاة من أجل الورث أو ربما لأشياء أخرى لا أعلمها».  

وبسؤاله عن بداية القصة وكيف اكتشف الأمر قال «حسين» ذهب أخى ذات يوم لاستخراج «قيد عائلى» فوجدنى «متوفى»، فاتصل بى على الفور وأخبرنى ..لا أستطيع وصف شعورى ومدى الدهشة التى أصابتنى عندما أخبرنى أخى أننى متوفى فى سجلات الحكومة.

فتوجهت إلى مكتب السجل بالعباسية وطلبت من الموظف استخراج شهادة وفاة باسم فؤاد حسين موسى سيد أحمد  (اسمى) فطلب منى البطاقة الشخصية وعندما أخذها سألنى هذه البطاقة تحمل اسم المتوفى أريد البطاقة الخاصة بك فأخبرته أننى نفس الشخص وأنا هنا كى أفهم لماذا أنا متوفى فى السجلات، فأرسلنى إلى مكتب المدير الذى أخبرنى أن شهادة الوفاة تم استخراجها من محافظة الإسكندرية مكتب صحة حى العطارين.

وأضاف فؤاد ،»وضعت شهادة الوفاة والبطاقة الشخصية فى جيبى وذهبت إلى مكتب صحة حى العطارين بالإسكندرية»، وبسؤال الموظف، أقر أن هذه الشهادة صحيحة ومثبتة فعلاً بالأوراق الرسمية بالمكتب، فسألته كيف هذا ؟..وأنا أقف أمامك فقال لى إن هناك شخص ما جاء إليه وأخبره أن هذا الشخص متوفى بالمستشفى الميرى، وكانت جميع الأوراق صحيحة فأخرجت له تصريح الدفن.

واستكمل( المتوفي الحي) سرد قصته قائلاً: بالبحث عن هذا الشخص اكتشفت أنه سائق لسيارة إسعاف وعند التوصل إليه أخبرنى أنه كان يساعد سيدة طاعنة فى السن طلبت منه المساعدة مدعية، أنها من المحلة الكبري محافظة الغربية  ،مركز إتاى البارود وأن زوجها توفى، ولا يحمل أى بطاقة شخصية إلا شهادة الميلاد فما كان منى إلا أنى قدمت لها المساعدة ولا أعلم شىء بعد ذلك. 

وبالذهاب إلى مديرة المستشفى ،قامت باستدعاء الأطباء وجميعهم أكدوا أنه فى يوم 25/6/2019 دخل رجل المستشفى لا يحمل أى أوراق رسمية ،وقال إنه فؤاد حسين موسى، وقمنا بعمل اللازم واتضح أنه كان يحتاج لعملية جراحية وبالفعل يوم 27 من نفس الشهر، قمنا بإجراء العملية وتوفى أثناء إجرائها، وبعد ذلك قامت زوجته باستلام الجثه ،ولا نعلم شىء أكثر من ذلك.  وهنا عرض عليه «فؤاد» صورة طليقته على سائق الاسعاف فتعرف عليها وأقر بأنها بالفعل السيدة التي تعاملت معه في تلك الواقعة.

وسرعان ما حرر «فؤاد» محضراً بالواقعة حمل رقم (4938) إداري العطارين لعام 2019، بالاستعلام عن بيانات المشكو في حقها «صابرين.م» من مديرية أمن الإسكندرية تبين أنه صادر لها أكثر من 6 بطاقات شخصية علي عناوين مختلفة وأن سبق لها الزواج 4 مرات وأمرت نيابة العطارين بضبطها وإحضارها. وبعد مدة تفاجئ فؤاد، بحفظ المحضر  ، مطالبا الجهات المسئولة باسترداد حقه.

رصدنا القصة الثانية للحاج عبدالهادي، الذي سجل قصة جديدة في سيناريو الأحياء الذين يحملون شهادات وفاتهم بسبب خطأ من موظف استهل عمله وأهمل فيه.

شهادة وفاة للمبلغ 

حيث يقول عم عبدالهادي توفي جاري  في 20 /5/ 2020 ولديه 4 بنات ،وليس لديه أبناء ذكور، قررت الذهاب لمكتب الصحة لاستخراج شهادة وفاة لتكريم المتوفي ودفنه، وعندما وصلت لمكتب الصحة وجدته مغلقاً ،  ولم أجد سوي  ورقة ملصقة علي أبواب المكتب  مكتوب بها اسم وعنوان ورقم هاتف الطبيب المسئول، تواصلت معه وذهبت لمقابلته في منزله، وأعطيته بطاقة جاري المتوفي وبطاقتى كمبلغ، وأخبرته باِسمي واسم جاري المتوفي وأعطيته مبلغاً من المال.

وتابع قائلاً: المفاجأة الكبري كانت عندما ذهبت لاستخراج معاشي، تفاجئت أن شهادة الوفاة تم استخراجها باِسمي وليس باِسم جاري، وأن اسم الأم في شهادة وفاتي هو اسم والدة جاري المتوفي، فقد حدث لبس في الأسماء وتم تبديلها لأن سني  يبلغ 65 عاماً وجاري يبلغ من العمر45 عاماً ، فاعتقد موظف الصحة أن المتوفي أنا لكبر سني عن جاري.

واستخرج عبدالهادي «فيش وتشبيه» له في شهر 7 ، لتأكيد أنه مازال على قيد الحياة، وعدد من المستخرجات الرسمية التي تثبت وجوده..وحالياً مازال يبحث عن طريقة سريعة لتصحيح شهادة الوفاة. أما الضحية الثالثة، وقعت مع أب عندما  قام أبناءه باستغلال  سفر والدهم للخارج وانفصاله عن والدتهم وقاموا باستخراج شهادة وفاة لهم بالاستيلاء على الميراث بتاريخ   أكتوبر2007 ، وقد كان خارج البلاد فى هذا التوقيت.

يقول الأب عدت إلى مصر بعد 11 عاماً من الغربة وذهبت للأحوال المدنية لاستخراج بطاقة شخصية لنفاذ مدة البطاقة التى أحملها ، وهناك تفاجئت بموظف الشباك يقول لى إننى متوفى منذ عام 2007، وفؤجئت، بأن بناتى استخرجوا شهادة وفاة للاستيلاء على كل ما أملك (تحويشة العمر)، رغم  لان لدي أبناء ذكور من زوجة سورية مازالت علي ذمتي.

قدمت بلاغاً ضدهم مطالباً باستخراج بطاقة رقم قومى يثبت وجودى على قيد الحياة ومعاقبة مكتب الصحة والطبيب الذى قام بالتوقيع على شهادة وفاتى، أما عن الموقف القانوني لتلك القضايا، يقول شادي طلعت مدير اتحاد المحامين للدراسات القانونية إن تلك الوقائع تدخل تحت جريمة التزوير في أوراق رسمية والتي تصل عقوبتها  للحبس 15 عاماً، بالإضافة إلي إمكانية وجود جرائم أخري أسفرت عن وقوع تلك الجرائم  مثل  تجارة الأعضاء، وفي هذه الحالة تصل العقوبة للأشغال الشاقة المؤبدة، وإذا ثبت بعد استخراج الجثة ، وتشريحها أن سبب الوفاة شبه جنائية تصل العقوبة للإعدام شنقاً. وأكد «طلعت» أن المتهمين في تلك القضايا مدير المستشفي التي استخرج منها الشهادة الطبية للوفاة والطبيب المعالج وموظف الشهر العقاري والشخص الذي يدعي أنه علي صلة بالمتوفي وقام باستخراج تلك الأوراق»المُبلِّغ».


واختتم قائلاً: استخراج أوراق الوفاة يستلزم وجود شهادة طبية من الطبيب المعالج مسجل بها رقم قيده وتوقيعه ويذكر فيها أسباب الوفاة ويذكر فيها اسم المتوفي. أجري محرر «الأخبار المسائي» مكالمة بالخط الساخن (105 ) في تمام الساعة 8 مساءً، أخبرهم أنه من سوهاج ويقيم في القاهرة، وأن أحد أقاربي توفي بمنطقة قليوب ويريد استخرج شهادة وفاة، فكان الرد: سنبحث عن أقرب مكتب صحة لك مفتوح تستطيع الذهاب إليه وسيتم الاتصال بك لاحقاً.

وبعد قليل عاود موظف الخط الساخن الاتصال بمحرر «الأخبار المسائي»، وأخبره بأن مكتب الصحة الوحيد المفتوح حالياً ويستطيع الذهاب إليه هو مكتب صحة بنها وأعطاه العنوان ورقم الهاتف، ثم تواصل المحرر مع مكتب الصحة ببنها، فكان الرد بأن منطقة قليوب غير تابعة لهم وعليه الانتظار لصباح اليوم التالى.

وسأله المحرر ما الأوراق المطلوبة لاستخراج تصريح الدفن وشهادة الوفاة؟، فسأله عامل «السويتش» عن سن المتوفي قال له «المحرر» : إنه يبلغ من العمر 35 عاماً  فرد عليه إن سنه صغير ويستلزم فحص من المستشفي ولكن إذا كان سنه كبير يمكن أن يتم استخراج له تصريح دفن بدون كشف طبى، ولا يتطلب ذلك سوي تسليم بطاقة المتوفي وبطاقة المُبلغ، فأكد له محرر «الأخبار المسائي» أن المتوفي لا يملك بطاقة ولكنه يملك شهادة ميلاد فقط، فقال مستقبل المكالمة يصح استخراج الأوراق بشهادة الميلاد.