قصة أول معرض وطني للكتاب.. وأقدم مشاركة مصرية بمعارض دولية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

حرصت الدولة المصرية على المشاركة في الفعاليات الثقافية بالخارج منذ عشرات السنين، إيماناً منها بأهمية نشر الثقافة المصرية في الخارج وخلق علاقة ثقافية مع الدول الصديقة والشقيقة. 


وقبل أن تبدأ مصر تنظيم معرضها الأول للكتاب عام 1969، شاركت مصر على مدار تاريخها، في العديد من المعارض الدولية، ورغم أن بداية معارضنا الدولية المحلية جاءت متأخرة بعض الشىء، إلا أن مصر عرفت طريق المشاركة فى معارض الكتاب الدولية منذ القرن التاسع عشر.


وكان أول معرض تشارك فيه مصر بمطبوعاتها معرض باريس سنة 1867م، شاركت فيه مطبعة بولاق، ومدرسة المدفعية، ومدرسة الطب، والأزهر الشريف، وكان إجمالي الكتب التي شاركت بها مصر 254 كتابًا في الفقه والتصوف واللغة والطب والعلوم الحربية وغيرها من المجالات، وحصلت مطبعة بولاق على الميدالية الفضية استحسانًا لمطبوعاتها.


ونشأت الطباعة في مصر عام 1822م في عهد محمد علي باشا، عندما أنشأ مطبعة بولاق، وازدهرت الطباعة في عهده وتطورت، لكنها مرت في عهد الخديو عباس الأول والخديو محمد سعيد بكبوة بسبب إهمالهما مطبعة بولاق، وفي عهد الخديو إسماعيل أعاد الاهتمام بمطبعة بولاق مرة أخرى، وقرر المشاركة بمطبوعات بولاق في المعارض العالمية.


وبحسب كتاب «تاريخ مطبعة بولاق» ومعرض باريس معرض سنوي عام غير مخصص لمجال بعينه، وكان لمصر قسم خاص مستقل عن قسم الدولة العلية العثمانية بالرغم من تبعيتها لها، كان مصمما على الطريقة الفرعونية، وقد حضره الخديو إسماعيل، ثم شاركت مصر بعد ذلك في معرض فيينا بالنمسا سنة 1873م، وكان عدد الكتب المعروضة هذه المرة أقل من الكتب المعروضة في معرض باريس، إذ شاركت مصر بـ 69 كتابًا، بجانب عرضها للورق المُصنَّع في مصر.


ووفقا للعدد من الباحثين، كانت مشاركة مصر في المعرض الدولي المقام بباريس عام 1867 هي الأولى من نوعها بالنسبة لمصر، ولكن لم تكن الأولى بالنسبة لتاريخ المعارض الدولية بصفة عامة ولفرنسا بصفة خاصة، فقد اعتاد المجتمع الفرنسي مثل هذه الأحداث منذ عام 1798 عندما بدأت فكرة معارض الفنون والمعارض المتخصصة في الظهور.


وقررت أن تستغل الفكرة على نطاق أوسع فجاء المعرض الدولي الأول عام 1851 في لندن، ووصل عدد المشاركين فيه إلى 13,937، ثم جاء المعرض الدولي الثاني بفرنسا عام 1855 ووصل عدد المشاركين فيه إلى 28,237، أما المعرض الثالث فكان في لندن أيضًا عام 1862، ووصل عدد المشاركين فيه إلى 28,653.


ولحقت مصر بركاب المعارض الدولية منذ البداية بل واكبت الحدث في المعرض الدولي الرابع المقام بباريس عام 1867 وشارك فيه كثير من البلدان منها (فرنسا- بريطانيا- ألمانيا- أستراليا- إيطاليا- الولايات المتحدة- روسيا- النمسا- هولندا- السويد- البرازيل- إسبانيا- تركيا- المغرب- تونس- الصين- اليابان- اليونان- الدنمارك- إيران- مصر).


استعدادًا للأول من إبريل 1867 أخذت باريس تتجمل لاستقبال العالم، بمبادرة وعمل شاقٍ من هوسمان Haussmann الذي حمل على عاتقه تجميل باريس وتحديثها لتليق بالوفود المشاركة في المعرض. 


وفي الأول من إبريل 1867 استقبل قصر الشامب دي مارس Champ de Mars ملوك الدول وأمراءها وكبار رجالها بأبهة وعظمة أشاد بها الجميع. فقد عمدت فرنسا إلى أن ترتدي ثوب الفخامة والترف؛ منافسة لبريطانيا بمعارضها السابقة وتعزيزًا لقوتها لكونها من القوى العظمى التي تحكم العالم آنذاك.


ويعتبر أقدم معرض وطني للكتاب في مصر، حين فكر بعض التجار في الإسكندرية في إقامة معرض وطني في أوائل 1893م، فمولته الحكومة بألف جنيه ودفعت بلدية الإسكندرية 400 جنيه، وافتُتح المعرض في 22 أبريل 1894م، وكان معرضًا للمطبوعات عمومًا وليس للكتب فقط، على عكس المعرض الأول للكتاب عام 1969، وقد شاركت فيه مطبعة ديلوسترولوجو ببورسعيد، ومطبعة لاجوداكيس بالإسكندرية، ومطبعة خروزان أخوان بالمنصورة، ومطبعة محمد مسعود، ومطبعة البورصة، ومطبعة لاروكا، ووزعت فيه الجوائز على المطابع لجودة الطباعة والتجليد. 


وربما تتشابه نشأة معرض الإسكندرية مع نشأة معرض فرانكفورت بألمانيا في القرن الخامس عشر، وهو أقدم معرض للكتب في العالم، فكلاهما كان بمبادرة من التجار، لكن يبدو أن دعم الحكومة المادي لهذا المعرض أدى لإهماله مبكرًا عند إهمال الدولة له، ويبدو أن هذا الإهمال كان متعمدًا إذ لم تشارك مطبعة بولاق وهي المهيمنة على الطباعة في ذلك الوقت أو المطابع الأميرية التابعة للحكومة في هذا المعرض، فضلًا عن الظرف السياسي الذي كانت تمر به مصر في هذا الوقت، وقد كانت حديثة عهد بالاحتلال الإنجليزي.


ولم يرد في أي مصادر ذكر لمعارض وطنية أخرى للكتب إلا عام 1946م، وهذه الفجوة الكبيرة جدًّا بين التاريخين (1894 : 1946) لا بد أن يكون أُقيمت فيها معارض وطنية للكتب، لأن فكرة المعارض لم تكن غائبة عن مصر طوال هذه المدة، لاسيما معارض الفن (الرسم والتصوير)، وقد كان للقاهرة معرض فني سنوي، والمعارض الحرفية والصناعية.


أما معرض سنة 1946 فقد أقامته وزارة المعارف وجعلت اسمه «معرض الكتاب العربي»، أقيم المعرض في 30 يونيو سنة 1946 بدار الجمعية الزراعية الملكية بالجزيرة لمدة أسبوع، وكان الغرض من إقامته التعريف بعدة موضوعات، منها: تطور حركة التأليف من بداية النهضة الحديثة حتى وقت المعرض، وتطور الطباعة منذ إنشاء مطبعة بولاق، وتطور الصحف منذ قيام الصحافة في مصر، وتطور الكتاب المدرسي من حيث موضوعه وطبعه.

 

اقرأ أيضا : صابرين تعلن إصابتها بكورونا