إنها مصر

ماذا نريد من أمريكا ؟

كرم جبر
كرم جبر

لا نريد ديمقراطية «الفوضى الخلاقة» التى فجرت فى شعوب المنطقة أسوأ ما فيهم، وأشعلت الحروب الأهلية والدينية، لا نريد ديمقراطية الدم والرصاص، ولا الربيع الذى تحول إلى جحيم.
نريد من أمريكا أن تتفهم ظروفنا، وتعى التوازن الدقيق الذى تسير مصر على هديه، وهى تصنع تزاوجاً هادئاً بين الاستقرار والتنمية، فالفوضى لن تملأ البطون ولن تشبع الجوعى، والاستقرار يحتاج دولة قوية تدافع عن مصالحها.
لا نريد لأمريكا أن تختار من الشعوب أسوأ عناصرها وتجعل منهم أصدقاء وشركاء، وتغدق عليهم الدعم والتمويل، وترفع فى وجه حكومات المنطقة أوراق ضغط تحت شعار حقوق الإنسان.
حقوق الإنسان ليست التقارير المزيفة أو المبالغ فيها واختزال كل شيء تحت مسميات مختلفة، ولكنها هدف سام ونبيل لضمان حق الشعوب فى حياة كريمة، فى المسكن والملبس والمأكل والصحة والتعليم وجودة الحياة.
أمريكا التى نريدها هى التى تكون عوناً للشعوب فى ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان، دون أن تتحول إلى أوراق ضغط وابتزاز لتحقيق أغراض سياسية بعيدة تماماً عن جوهر حقوق الإنسان.
لا نريد من أمريكا أن تجعل أموالها أسلحة فاسدة، تتسلل إلى أعوانها وجمعياتها، فتفسدهم وتجندهم ضد أوطانهم، وتجعلهم أدوات هدم لا بناء، وشوكة فى الظهر وليس عوناً ومساندة.
لا نريد أمريكا التى تصدر للمنطقة أسلحة الموت والدمار، فتستنزف ثروات دول وشعوب المنطقة، وتسلِّح كل أطراف الصراع فى آن واحد، ولا أمريكا التى أرسلت جنود المارينز لغزو العراق والشام، بل أمريكا التى تبحث عن أصدقاء على قاعدة المساواة.
لا نريد من أمريكا أن تكرر تجارب صناعة الإرهاب، بإطلاق القاعدة وداعش وغيرها من حلفاء الإرهاب، وأن تستوعب درس 11 سبتمبر جيداً، حين انطلقت الذئاب التى قامت بتربيتهم فى أفغانستان لتدميرها فى أسوأ حادث إرهابى يشهده تاريخها.
مصر كانت أول دولة فى العالم تحذر من مخاطر احتضان الإرهاب، وأكدت مراراً وتكراراً أن من يحضِّر العفريت ليس بالضرورة يستطيع أن يصرفه، وأثبتت الأحداث والتجارب صدق رؤيتها.
نريد من أمريكا إحياء حلم إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، لإنقاذ السلام القابع فى مشرحة الموت منذ سنوات طويلة، ولن تهدأ المنطقة وتستقر أحوالها إلا إذا تم إحلال السلام.
نريد من الإدارة الأمريكية الجديدة أن تفتح الجسور المغلقة أو تعلى شأن الرغبة فى إنقاذ شعوب المنطقة من ويلات الحروب الدينية والأهلية، وأن تساعدها فى استرداد الأمن والاستقرار.
أمريكا التى ترفع شعارات الحرية والعدالة، وتقدم للعالم نموذجاً للديمقراطية النظيفة، التى تحمى الشعوب ولا تهدمها.