حكايات| تشهير بعد الانفصال.. من منشورات الغزل لـ«فضائح وبلوك» فيسبوك 

تشهير بعد الانفصال.. من منشورات الغزل لـ«فضائح وبلوك» فيسبوك 
تشهير بعد الانفصال.. من منشورات الغزل لـ«فضائح وبلوك» فيسبوك 

من «جوزك على ما تعوديه.. وادبحي له القطة» إلى «بلوك بلوك بلوك»، يبدو أن الحياة وقواعدها تغيرت في سنوات ليصبح الحفاظ على أسرار البيت والخصوصية «موضة قديمة»، والتباهي والتفاخر وكشف تفاصيل الحياة «عادة مجتمعية» في ظل الـ«سوشيال ميديا».

 

الأمر لا يتعلق بالإعلان عن الارتباط فقط، بل يتحول إلى نشر كل ما يخص الحياة الشخصية، حتى وإن وصل الأمر للانفصال، وأثر ذلك علاقات كثيرة بعد الانفصال تسببت في مشاكل مستمرة لأحد الطرفين أو كلاهما بسبب أسلوب «التلقيح».

 

تحكي أميرة مشكلتها، قائلة: «بدأ الموقف بعد خطوبتي لعادل (صالونات) وكان كل شيء كما ينبغي، ودخلنا في قصة حب، وتبادلنا نشر كلمات الحب والغزل حتى على صفحاتنا على فيسبوك، لإظهار حبنا أمام العالم كله بسبب فرحتنا بتواجدنا سويا».

 

اقرأ للمحررة أيضًا| زوجة لثلاثة رجال «معًا».. أحتاج اهتمام كل واحد فيهم

 

ومع اقتراب موعد الزواج، ظهرت بعض الخلافات بين أسرة عادل وأسرتي، والتي أدخلتنا في دوامة تسببت في الانفصال بلا رجعة.

 

 

وكانت صدمتي عندما وجدت من عادل الوجه الآخر، فكان انتقامه من أسرتي بتشويه سمعتي عبر حسابه الشخصي، كما نشر بعض الصور التي جمعتنا سويا وتحمل بعض الأجواء الرومانسية لاستفزاز مشاعر أسرتي، إلا أنه حذفها بعد فترة من تدخل بعض الأصدقاء المشتركين، واعتقدت أن الأمر انتهى بـ «بلوك»، ولكن كلما تقدم شخص لخطبتي يفسد الأمر بتشويه سمعتي بأي شكل من الأشكال.

 

أما أحمد فكانت قصته مختلفة، بسبب تدخل صديقات خطيبته في كل التفاصيل الخاصة بينهما، فكانت خطيبته تتعمد دائما نشر كل اللحظات السعيدة الخاصة بهما عبر حسابها على «فيسبوك»، رغم رفضه لهذا الأسلوب.

 

ودفعت هذه الطريقة صديقاتها للتدخل المستمر بينهما، حتى عندما تحدث مشكلة بينهما تقوم إحدى صديقات خطيبته بالاتصال به وبدلا من تهدئة الموقف تقوم بإشعاله، إلى أن انتهى الأمر بتنفيذها نصيحة صديقة بعمل حظر له «بلوك» حتى ينفذ رغباتها ويستجيب لها حتى وإن كان ما تريده غير مقبول بالنسبة له، وانتهى الأمر من جانبي بشكل نهائي، إلا أنها بدافع الغيرة تحاول إفشال أي ارتباط في حياتي بالتحدث إلى الفتاة التي أقرر خطبتها لإبعادها عني.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| الانفصال السري بين الأزواج.. حبس انفرادي تحت سقف واحد

 

وقصة مأساوية أخرى، ترويها منى عن طليقها الذي ظل يدمر حياتها لسنوات بعد الانفصال بدافع الانتقام، حيث استغل وجود صور لها على جهاز الكمبيوتر الخاص به وهاتفه المحمول، واخترق حسابها ناشرا العديد من الصور الشخصية لها كنوع من التشهير بها والقضاء على سمعتها حتى لا تتزوج مرة أخرى.

 

 

ولم يتوقف الأمر إلا بعد قضايا عديدة وإبلاغ مباحث التليفونات، دفعته للهروب إلى الخارج حتى لا يواجه التهم الموجهة إليه.

 

وعن حكم التشهير بعد الانفصال على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول الدكتورة إلهام شاهين، الأمين العام المساعد بمجمع البحوث الإسلامية، لـ«بوابة أخبار اليوم »: «لا شك أن هذا هو الحرام بعينه، ويجب أن نعلم أن الزواج عقد سماه الله تعالى بالميثاق الغليظ، أي العهد الذي أُخِذ للزوجة على زوجها عند عقد النكاح، وما يتضمنه من حق الصحبة والمعاشرة بالمعروف».

 

والميثاق الغليظ يقتضي حسن المعاشرة بين الزوجين، والصدق، والتضحية، والإخلاص، والبذل، والوفاء والحب، والتفاهم، وحفظ الأسرار وستر العيوب في حال استدامة العشرة، أما في حالة استحالة العشرة والفراق بالطلاق فإن الله وضع مبادئ للانفصال ولإنهاء هذا العقد الذي سماه بالميثاق الغليظ، فإذا كانت المعاشرة إبّان الحياة الزوجية بالمعروف فإن التفريق والطلاق ينبغي أن يكون بالتي هي أحسن، مع استمرار كثير من المعاملات الأخلاقية الراقية ويزيد عليها؛ حيث قال تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، ومن المعلوم أن الإحسان أرقى درجة وأرفع مكانة من المعروف.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| فسخ عقد الزواج.. رجل يكتشف «جنون» زوجته

 

ومن المعروف في الطلاق أن لا يسيء أحد الزوجين للآخر وأن لا يسعى في تشويه صورته وتحطيم شخصيته، وأن لا يظلمه شيئا من حقوقه، وأن يتلطف له في القول والفعل، أما الإحسان فأن يذكره بالخير ويبرز مواطن الفضل عنده ويظهر كريم صفاته التي يتحلى بها، وأن يعطيه من الحقوق أكثر مما يستحق وأن يتنازل له عن بعض حقوقه ويعفيه من بعض واجباته.

 

 

ولذلك قال تعالى {وَلاَ تَنسَوُاْ الفضل بَيْنَكُمْ}؛ فالمعاملة في حال الطلاق ينبغي أن تكون بين الزوجين بالفضل لا بالعدل لأن العدل وحده قد يكون شاقاً وتبقى البغضاء في النفوس، ولكن عملية الفضل تنهي المشاحنة والمخاصمة والبغضاء، فمعنى {وَلاَ تَنسَوُاْ الفضل بَيْنَكُمْ}، إن التقابل في العفو يكون بين الاثنين، بين الرجل والمرأة، ونفهم منه المقصود بقوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَاْ الذي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح} أنه هو الزوج، فكما أن للمرأة أن تعفو عن النصف المستحق لها فللزوج أن يعفو أيضا عن النصف المستحق له.

 

 هذا في الأمور المادية فإذا كانت الأمور الاجتماعية والنفسية فهي أولى بالفضل لا بالعدل، ولذلك فإن ما يحدث الآن بين الناس في جال الطلاق من سلوك لا أخلاقي ينم عن عدم علم بعظم العقد وحقوق وواجبات كل منهما تجاه الآخر.