موكب المومياوات الملكية| «مرنبتاح» جعل أعداء مصر عبرة لمن يعتبر

موكب المومياوات الملكية| «مرنبتاح» هو خير خلف لخير أسلافه العظام لا يهمها إلا نهضة مصر ومجدها
موكب المومياوات الملكية| «مرنبتاح» هو خير خلف لخير أسلافه العظام لا يهمها إلا نهضة مصر ومجدها

حدث عالمي فريد من نوعه، ينتظره العالم بأكمله يرتبط بنقل 22 مومياء ملكية فرعونية من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة، إذ تتحرك عربات متلاحقة تحمل كل واحد اسم ملك فرعوني، وسط تغطية إعلامية دولية ومحلية عدد كبير من الوزراء والسفراء لدى مصر.

ولا يختلف إثنان على أن نقل موكب المومياوات الملكية أخد أهم المشروعات الأثرية والترويجية للسياحة المصرية المرتبطة بالعام 2020، ولعل إحدى مومياوات الملوك الذين سيتم نقلهم هي مومياء الملك « مرنبتاح »، حيث قدم الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، عرضًا موسعًا له:

فمن هو «مرنبتاح» ؟

الملك مرنبتاح، أو "محبوب الرب بتاح"، هو ابن ولى عهد الملك رمسيس الثانى العظيم، لقد كان مرنبتاح هو الابن الثالث عشر للملك رمسيس الثانى، والذى خلف أباه المعمر على عرش مصر العظيم، وتولى حكم مصر وهو فى العقد السابع من عمره.


يقول «عبد البصير»، إن مرنبتاح حكم حوالى عشر سنوات، وتم توثيق فترة حكمه فى ثلاثة نقوش عظيمة: الأول عبارة عن حوالى ثمانين سطرًا على لوحة فى معبد الإله آمون فى الكرنك، والثانى عبارة عن لوحة ذات 35 سطرًا من منطقة أتريب، أو بنها، فى الدلتا، والثالث هو لوحة الانتصار العظيمة التى وجدها عالم الآثار البريطانى الأشهر السير وليم فلندرز بترى فى عام 1896 فى المعبد الجنائزى المدمر للملك مرنبتاح فى طيبة أو الأقصر، والمكونة من 28 سطرًا، وتشير اللوحات الثلاث إلى حملات مرنبتاح العسكرية وتكمل الواحدة منها الأخرى.

وفى سنوات حكم الملك رمسيس الثانى الأخيرة ساد السلام والهدوء على الحدود المصرية وبين الدول التابعة لمصر، غير أن الزمن قد تغير الآن فى عهد الفرعون مرنبتاح، فهب تمرد فى جنوب سوريا وسرعان ما تمت السيطرة عليه من قبل الفرعون القوى، وتمت مهاجمة حليف مصر الملك الحيثى فى ممتلكاته الشمالية، وحدثت مجاعة فى أرضه، نتيجة نقص المحاصيل الزراعية، فأرسل الملك المصرى مرنبتاح إليه الحبوب، لأن مصر كانت سلة الغلال لبلاد الشرق الأدنى القديم، كما تذكر القصة التوراتية.

وأوضح «عبد البصير»، أنه كان هناك عدم استقرار على حدود مصر الغربية مع الليبيين الذين انتشروا فى الدلتا المصرية فى العام الخامس من حكم الملك مرنبتاح، وحاولوا غزو مصر وإحداث ثورة فى بلاد النوبة وواحات صحراء مصر الغربية، فقام الملك مرنبتاح بتحرك سريع وهجوم شديد وقضى عليهم وذبح منهم ما يزيد على ستة آلاف فرد.

وأضاف «عبد البصير» ، أن مرنبتاح قام بإخضاع النوبيين بعد القضاء على الليبيين، وعلى الرغم من كبر سن مرنبتاح، فإنه لم يتهاون مطلقًا فى الدفاع عن مصر وتأمين حدودها وقهر أعدائها بقسوة وجعل منهم عبرة لمن يعتبر.

وأشار « عبد البصير» ، الي أنه على لوحة انتصار مرنبتاح الكبرى، كتب الملك المنتصر مرنبتاح يفتخر بالقضاء على كل الأعداء، ومن بين ما تمت كتابته على تلك اللوحة، جاء الذكر الوحيد لإسرائيل فى كل الآثار المصرية القديمة وقال :"تم القضاء على إسرائيل، واختفت بذرتها، وصارت فلسطين أرملة لمصر"، وهنا تم تصوير كتابة كقبيلة وليس كبلد له منطقة جغرافية محددة كمعظم البلاد من أعداء مصر التقليديين، وهذا ما جعل البعض يعتقد أن الملك مرنبتاح هو فرعون الخروج الذى خرج فى عهده بنو إسرائيل من أرض مصر المباركة، غير أن هذا الأمر ما يزال محل جدال بين العلماء ولم يتم حسمه بعد وإلى الآن.



وتابع« عبد البصير» ، أن مرنبتاح ملك مصرى عظيم هو خير خلف لخير أسلافه العظام: أبيه رمسيس الثانى العظيم، وجده الملك سيتى الأول المحارب العظيم، وجده الأعلى الملك رمسيس الأول، تلك ذرية بعضها من بعض، لا يهمها إلا نهضة مصر ومجدها ورفع رأسها عالية خفاقة بين الأمم.

 أما عن مومياء الملك مرنبتاح عثر عليها في خبيئة، ومقبرة الملك أمنحتب الثاني في الأقصر عام 1898، وهي محفوظة حالياً في قاعة المومياوات الملكية بالمتحف المصري بالتحرير ولقد وصلت ونقلت إلي المتحف في عام 1907، واسم الملك مرنبتاح مكتوب بالخط الهيراطيقي، وهو أحدي الخطوط المصرية القديمة والكتابات موجودة علي غطاء المومياء، وتظهر المومياء شكل رجل متقدم في السن وكان اصلعا إلا بضعة شعرات قليلة، ويلاحظ أن الرأس بيضاوية الشكل والأنف ضيق بارز وجلد الوجه ملئ بالتجاعيد، ومن فحص مومياؤه تبين انه كان يعانى من التهاب المفاصل، وتصلب الشرايين في أواخر أيامه.

ورغم عدم تحديد موعد حتى الآن للموكب الملكي، بات العالم على موعد مع الحدث الاستثنائي الذي يُنتظر أن تشهده القاهرة قريباً بنقل 22 مومياء ملكية من المتحف المصري إلى المتحف القومي للحضارة، في مسار تم إعداده بعناية لتكون الرحلة آمنة من التحرير إلى الفسطاط.

ومن المنتظر أن تعيد عملية النقل إلى الأذهان ذكريات نقل تمثال رمسيس قبل سنوات إلى المتحف المصري الكبير، وسهر أهالي القاهرة حتى الصباح ليتابعوا موكبه، مع ملايين شاهدوه عبر الشاشات على مستوى العالم.

استعدادات وإجراءات مُكثفة شهدتها القاهرة، لتليق بعظمة ملوك وملكات الفراعنة، ومومياواتهم التي ترجع إلى عصر الأسر الـ17، و18، و19، و20، و22، من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات، هم: «سقنن رع، مريت آمون، امنحتب الأول، تحتمس الأول، الملكة تي، تحتمس الثاني، تحتمس الثالث، أمنحتب الثاني، أمنحتب الثالث، حتشبسوت، أحمس، نفرتاري، ست كامس، سبتاح، رمسيس الثاني، سيتي الأول، سيتي الثاني، رمسيس الثالث، والرابع، والخامس، والسادس، والتاسع».

وكان متحف الحضارة قد استقبل 17 تابوتاً ملكياً في يوليو الماضي، لترميمها وتجهيزها للعرض، استعداداً لاستقبال هذه المومياوات، فيما أكد الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار الانتهاء من تجهيز قاعة «المومياوات الملكية» بمتحف الحضارة.

اقرأ ايضا | رمسيس الثاني وحتشبسوت و19 ملكا فرعونيا في رحلتهم الأخيرة لمتحف الحضارة