فى الصميم

هل يجد «بايدن» طريقه بعيداً عن شبح «ترامب» وظل «أوباما»؟!

جلال عارف
جلال عارف

أخيراً ألمح الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته «ترامب» إلى احتمال عودته للبيت الأبيض بعد أربع سنوات. القانون الأمريكى يسمح بذلك ويعطى للرئيس الحق بولايتين متصلتين أو منفصلتين، وإن كان ذلك لم يحدث إلا مرة واحدة قبل أكثر من قرن من الزمان حين فعلها الرئيس «كيفلاند» الذى سجل اسمه فى تاريخ أمريكا بوصفه الرئيس الثانى والعشرين ثم الرابع والعشرين!!
واضح أن هذا هو هدف «ترامب» منذ صدمة نتائج الانتخابات التى يعانى منها «وتعانى معه أمريكا!» لانه لا يستطيع استيعاب الخسارة أو القبول بها كما كرر كثيراً.. خاصة مع الارقام التى حققها بحصوله على أكثر من سبعين مليون صوت عجزت عن منحه الولاية الثانية بعد أن حصل منافسه «بايدن» على أكثر من ثمانين مليون صوت، وهو ما يعنى أن العامل الشخصى لم يكن وحده هو سبب الارتفاع القياسى فى نسبة التصويت، وإنما هناك أسباب اخرى يتجاهلها «ترامب» بالطبع لكن قيادات الحزب الجمهورى تعرفها.. وهو ما يفتح الباب لمعركة داخل المعسكر الجمهورى لن يكون فيها الطريق سهلا أمام ترامب بعد أن يخرج من البيت الأبيض ويفقد ما يتمتع به حتى الآن من سلطات!!
وبغض النظر عن التحقيقات التى بدأ بعضها مع أسرة ترامب وأعوانه والتى يمكن أن تطاله بعد الرحيل، فإن الإعلان المبكر من جانب ترامب عن إمكانية ترشحه بعد ٤ سنوات تعنى - بالاضافة إلى المعارك الداخلية داخل المعسكر الجمهورى - أنه سيظل يمثل عامل قلق وإزعاج لإدارة «بايدن» وأنه سيظل يسعى للحفاظ بأنصاره فى الجناح اليمينى المتطرف وحشدهم لعرقلة تنفيذ برنامج «بايدن» المناهض لكل سياسات ترامب والذى يرفع شعار «عودة أمريكا» بتجديد تحالفاتها الخارجية التقليدية، وبسياسات داخلية أكثر انفتاحا، وبإصلاحات اقتصادية سريعة تحتاج للتعاون مع الجمهوريين «ولو فى أضيق الحدود» لعبور الأزمة الكبيرة التى تضرب الاقتصاد الأمريكي.
لن يذهب «ترامب» إلى الظل مثل عشرات الرؤساء السابقين.. ورغم سنواته الخمس والسبعين سيظل عاملاً فاعلا داخل حزبه أو خارجه انتظارا لأمل العودة للبيت الابيض بعد أربع سنوات. وسيظل الفريق المتعصب من أنصاره على ولائهم له حتى لو تطورت التحقيقات الجارية الآن أو فتحت ملفات قضائية عديدة كان إغلاقها مرتبطا بوجوده فى البيت الابيض وسيظل شبح «ترامب» يمثل حاجزا صعبا أمام «بايدن» وما تفرضه عليه الظروف من عمل للتخفيف من حالة الانقسام فى المجتمع الأمريكي، والعبور الآمن - بعد كورونا - نحو وضع اقتصادى أفضل يمكنه من تنفيذ برنامج الاصلاح وتحسين أحوال الطبقة الوسطى والأقليات الفقيرة.
ومع ذلك كله.. ستبقى المعركة ضد شبح «ترامب» تلقى ظلالها أكثر داخل المعسكر الجمهورى الباحث عن النجاة من مخاطر العنصرية  والتطرف وبينما سيكون على «بايدن» أن يجد طريقه، وأن يمضى فى تكوين إدارته، واستكمال برنامجه فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجهها أمريكا المنقسمة على نفسها  والمنعزلة عن حلفائها، ومع تحديات لا تقل خطورة داخل معسكره الذى تجمع لهزيمة «ترامب» لكن خلافاته الداخلية مازالت كبيرة.
التعيينات التى أعلنها «بايدن» للمناصب الرئيسية فى إدارته حتى الآن تبقى على الكثير من الخلافات بين الاجنحة المتصارعة داخل الحزب الديموقراطى لكنها - فى الأساس - تطرح السؤال حول تأثير الرئيس الاسبق أوباما على العهد الجديد «بايدن» أكد من جانبه أنه لن يكون «الولاية الثالثة لأوباما».. لكنه يحتاج لعمل كبير لوضع ذلك موضع التنفيذ.. والتصديق. فالعالم يتغير وأمريكا تغيرت بالفعل، والتحديات الراهنة غير مسبوقة. «أوباما» بعد هوجة تسويق كتابه الجديد سوف يأخذ المسافة المناسبة كرئيسى أسبق، أما «ترامب» فهو خارج التوقعات، وأما «بايدن» فعليه أن يمضى منذ اليوم الأول لولايته بعيداً عن «شبح» ترامب وعن «ظل» أوباما!!