«فاليري جيسكار ديستان».. رحيل المُحارب الذي لا ينسى هزيمته

فاليري جيسكار ديستان
فاليري جيسكار ديستان

«عندما كان رئيس وزراء بلجيكا جاي فيرهوفشتات يعلن اسم من سيرأس اتفاقية مستقبل أوروبا.. كان الجميع مترقبون كأنهم ينتظرون نتيجة قرعة كأس العالم.. وعندما نطق اسم فاليري جيسكار ديستان انطلقت صيحات الاندهاش.. فالرجل ذو الـ75 عامًا هو من سيحدد مستقبل أوروبا».

وبعد 16 شهرًا من العمل الشاق لصياغة الاتفاقية، تمكن الرجل العجوز من إتمام مهمته بنجاح، وتقدم بالشكر إلى تمثال سلحفاة كان موضوعا تحت قبة البرلمان في رمزية للوصول إلى الهدف حتى وإن السير بطيئًا.

العجوز المخضرم والمحارب القديم والرئيس الذي لم ينسى هزيمته بالانتخابات والعجوز الذي صاغ مستقبل أوروبا وهو بسن الـ75، كلها أوصاف يمكن أن تطلق على فاليري جيسكار ديستان الذي رحل اليوم عن عمر الـ94 عامًا.

فحياة فاليري جيسكار ديستان كان دائما مستمرة ومتطورة ولم يمنعه سنه من المضي قدما حتى وإن كان سيره بطيئًا، ليضيف إنجازات كبير إلى حياته السياسية.

جيسكار ديستان ولد في مدينة كوبلنز الألمانية عام 1926، حيث كان والده موظفًا حكوميًا، وشارك مع المقاومة الفرنسية في الحرب العالمية الثانية.

ويمتلك الفرنسي المخضرم سجلا سياسيًا كبيرًا، حيث كان وزيراً للمالية لمدة 12 عامًا وعضواً في البرلمان لما يقرب من عقدين.

ويعتبر جيسكار ديستان أول يميني يتولى رئاسة فرنسا خلال الفترة بين عامي 1974 لـ1981، عندما فاز على الاشتراكي فرانسوا ميتران، وكان عمره وقتها 48 عامًا فقط كثالث أصغر رئيس فرنسي في التاريخ.

واتخذ ديستان العديد من الإجراءات الكبيرة خلال فترة رئاسته فقلل سن الرشد وبالتالي حق التصويت إلى 18 عاما فقط، بعدما كان 21، كما أن وزيرة الصحة سيمون فاي، في عهده، دافعت عن القانون الذي يجيز الإجهاض.

وفي عام 1973 تأثرت فرنسا بشدة بأزمة النفط التي امتدت حتى عام 1979، وانعكست بشدة على الاقتصاد الفرنسي مما ساهم في هزيمة جيسكار ديستان بالانتخابات الرئاسية أمام الاشتراكي فرانسوا ميتران في عام 1981.

وتشير العديد من التقارير الإخبارية، إلى أن جيسكار ديستان ظل متذكرا لتلك الهزيمة التي تلقاها ولم ينساها أبدا.

أوروبي بامتياز

ويوصف جيسكار ديستان بأنه أوروبي بامتياز، فكان إلى جانب المستشار الألماني هيلموت شميدت، عاملا مساعدا في إنشاء المجلس الأوروبي وزيادة صلاحيات البرلمان الأوروبي.

وكتب الأيرلندي ديزموند دينان في كتابه «ever closer union»، أن الزعيمين كان لهما شخصيات متناقضة تماما حيث كان جيسكار «متغطرس ومتعالي ولديه روح البطولة»، بينما كان شميدت «متواضع ومتقلب المزاج»، إلا أنهما نجحا معًا في منح أوروبا الكثير، وساهما في إجراء أول انتخابات مباشرة للبرلمان الأوروبي في عام 1979.

فضائح الماس والتحرش

وعلى الرغم من السجل السياسي اللامع الذي كان يمتلكه جيسكار ديستان، إلا أنه واجه ما عرف باسم فضيحة الماس.

فعندما كان جيسكار ديستان وزيراً للمالية في عام 1973، تم إهداؤه الماس من بوكاسا الأول إمبراطور إفريقيا الوسطى، والذي كان يوصف على أنه ديكتاتور سيء السمعة.

كما تم توجيه اتهامات بالتحرش له بعدما قالت المراسلة ألمانية آن كاترين ستريك، إن الرئيس الفرنسي السابق تحرش بها عام 2008 عندما كانت تحاوره مما دفع فرنسا لفتح تحقيق في الحادث.