وحى القلم

كلنا إعلاميون

صالح الصالحى
صالح الصالحى

مع التقدم التكنولوجى الرهيب الذى نشهده الآن، ولا نعلم مداه فى المستقبل.. ومع ما قدمه من سهولة التواصل والاتصال اللامباشر بين البشر فى شتى أنحاء الأرض، عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى والتليفون المحمول.. أصبحنا جميعا إعلاميين.. نمارس الإعلام بقصد أو بدون قصد.. نبعث رسائل حسنة وأخرى خبيثة..
الأمر كان يقتصر على الأخبار والآراء والتعليقات والتويتات المكتوبة عبر صفحات اليوتيوب أو الفيس بوك وقد يتعدى ذلك الى بعض الفيديوهات القصيرة. إلا أنه أصبح من السهل الآن إنشاء محطة تليفزيونية أو إذاعة أو إنشاء موقع خاص يبث كل شيء دون محاذير أو رقيب.
الأمر لايقتصر فقط على قنوات اليوتيوب التى تبث فى مواعيد ثابتة أقامها متخصصون فى الإعلام أو مواطنون عاديون وإنما أصبح هناك بث مباشر لبعض الأحداث، وبث العمل اليومى أو ما يسمونه «الروتين اليومى» أو من يبث دعاية أعلانية لعمله التجارى سواء كان هذا العمل على مستوى الشركات أو الأفراد.
الكل أصبح يمارس الإعلام بطريقة أو بأخرى، سواء بالكتابة أو بالبث على القنوات أو الاذاعة.. والكل يطلق المحتوى وفقا لهواه ورؤيته.. ولانعلم الغث من الثمين ولا الخبيث من الطيب، الأمر سداح مداح كما يقولون سموات مفتوحة.. بل سموات وأراضى مفتوحة فلم يعد شىء مغلقا الآن.
الكل يمارس الاعلام دون حاجة لمعرفة أصول العمل الاعلامى.. الذى أقيمت له كليات الإعلام لتدريسه بأعتباره علما هاما بل بالغ الخطورة وشديد الأهمية فى التأثير على الشعوب ووعيهم وثقافتهم.
وأرى أننا فى القريب العاجل سوف نتحول جميعا إلى إعلاميين.. نطلق ما نشاء من وسائل إعلامية وكيفما نشاء وفى أى وقت نشاء.. ووقتها لا أدرى هل سيكون هناك من يتلقى هذه الوسائل.. أم سنصبح جميعا مشغولين فى إعداد رسائلنا التى نطلقها فجميعنا إعلاميون؟!.
على أية حال إن الأمر يتطلب منا جميعا وقفة جادة وسريعة، لدراسة هذه الظاهرة التى تنتشر بسرعة فائقة ولا يقف أمامها دين أو قانون أو قيم أو عادات وتقاليد.. والتى كما لها تأثير إيجابى فلها تأثير سلبى.. وأعتقد أن تأثيرها السلبى سوف يكون خطيرا خاصة على مجتمعاتنا إذا لم نتعاط  معها ونتفاعل معها للتقليل والحد من هذا التأثير السلبى قدر المستطاع.. علينا أن نقوم بتدريس الإعلام فى مدارسنا من خلال مايعرف الآن بالإعلام التربوى.. حتى يعرف التلميذ منذ صغره قواعد الإعلام الصحيحة.. ويدرك مدى أهميته وتأثيره وحتى يكون له القدرة على فرز مايتلقاه من رسائل.. تحمل مضامين بعضها طيب وكثير  منها شرير..
الأمر لايحتاج إلى تأخير.. فلن ينجح فى تنظيمه قوانين وعقوبات.. وإنما يتوقف على مدى إدراك ووعى وثقافة المواطن سواء كان صاحب رسالة إعلامية أو متلقى أن وجد.