مفتي الجمهورية: الإخوان أحيت مفاهيم الخوارج الأوائل بشكل أكثر تعقيدًا 

مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام
مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام

قال فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن ظاهرة التأسلم السياسي تحولت من دعوة تدَّعى أنها إسلامية، إلى كارثة أو كابوس مزعج للأمة الإسلامية، بل للعالم بأسره.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي يعرض على فضائية صدى البلد، اليوم الجمعة، مضيفًا أن التأسلم السياسي هو الاستغلال السياسي والسيئ للإسلام للوصول إلى أغراض معينة في الماضي والحاضر بداية من عصر الخوارج إلى عصر الإخوان.

وأكد مفتي الجمهورية: "بغض النظر عن الظروف التي نشأت فيها هذه الحركات السياسية والتي استغلت الدين استغلالًا خاطئًا؛ فقد فشلت فشلًا ذريعًا نتيجة سوء مذهبهم ومنهجهم، فقد سقط مشروعهم دينيًّا وقيميًّا وأخلاقيًّا منذ بداية نشأته، والسبب في ذلك أنه قام على أسس واهية، ومفاهيم خاطئة، وتصورات باطلة، وما بني على باطل فهو باطل".

ولفت النظر إلى أن مقاصد الشريعة التي يتوجب الحفاظ عليها لا تتم إلا من خلال الدولة والوطن؛ فإذا سقطت الدول سقط الحفاظ على هذه المقاصد.

وأضاف مفتي الجمهورية قائلًا: "المواجهة الفكرية المتمثلة في العلم الرشيد وكذلك المواجهة الأمنية ضد أعداء الوطن يسيران جنبًا إلى جنب، فبينهما تكامل وتوافق، وهذا ما عبَّر عنه قديمًا سيدنا ابن عباس عندما ذهب لمناقشة الخوارج فيما يتبنونه من أفكار، فقال لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار (وهو ما يعني العلم الرشيد)، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره (والذي يمثل رأس الدولة والسلطة)، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون".

أما عن شهادات علماء الأزهر في جماعة الإخوان فقد استكمل: "لقد استشعر الشیخ محمد عبد اللطیف السبكي -عضو جماعة كبار العلماء بالأزھر- خطر الإخوان برؤية ثاقبة ومستشرفة للمستقبل عند نقده لكتاب (معالم في الطریق) لسید قطب عام 1965، وتفنيده لما جاء فيه تفنيدًا علميًّا بعقل أزهري متفتح، بناءً على طلب الإمام الأكبر شیخ الأزھر وقتها فضيلة الشیخ حسن مأمون الذي أسند إلیه مراجعة وكتابة تقریر عن مضمون الكتاب جاء فیه: (لأول نظرة في الكتاب یدرك القارئ أن موضوعه الدعوة إلى الإسلام، ولكن أسلوبه أسلوب استفزازي، یفاجأ القارئ بما یھیِّج مشاعره الدینیة، وخاصة إذا كان من الشباب أو البسطاء، الذین یندفعون في غیر رویة إلى دعوة الداعي باسم الدین، ویتقبَّلون ما یوحى إلیھم من أحداث، ویحسبون أنھا دعوة الحق الخالصة لوجه الله، وأن الأخذ بھا سبیل إلى الجنة)".

وأضاف مفتي الجمهورية أن الشيخ الأزهري السبكي لم يُعد سيد قطب من العلماء أو الفقهاء ولا المجتهدين، بل نعته بالمؤلف مما يدلل على رأيه فيه صراحة.

وأضاف فضيلة المفتي معلقًا على شهادة الشيخ السبكي: "لم يختلف سيد قطب عن معاصريه من أمثاله، فقد نفى الإسلام عن الأمة، وكذلك غيَّب حسن البنا الإسلام عن الأمة، وقد طرحا العنف والتدمير كحل للصدام مع المجتمع ومع الدولة، وهو ما تحقق لاحقًا؛ مما يدلل على كذب زعمهم بتبني السلمية، ولم يختلفا عن سابقيهما من الخوارج في الصدام والتكفير والعداء للمسلمين، بل إن جماعة الإخوان أحيت مفاهيم وأفكار جماعات الخوارج الأوائل ولكن بشكل أكثر تعقيدًا وأخطر تركيبًا".

وأردف مفتي الجمهورية مستكملًا شهادة السبكي على الإخوان مستنكرًا إنكار سيد قطب ونفيه وجود أمة إسلامیة منذ قرون كثیرة، مؤكدا: "هذا يعني أن عھود الإسلام الزاھرة، وأئمة الإسلام، وأعلام العلم والمجتهدين كانوا في جاھلیة، ولیسوا من الإسلام في شيء، على حسب زعم سيد قطب حتى یجيء هو إلى الدنیا!".

واستكمل فضيلة المفتي عرضه لشهادات العلماء فعرض شهادة الشيخ د. عبد الله دراز، قائلًا: "فقد أعلن شهادته في كلمة للإذاعة في سنة 1954 عنوانها (الإسلام دين توحيد ووحدة وسلام وأمان) يؤيد تمامًا ما جاء في قرار هيئة كبار العلماء في رفض انحرافاتها"، ومن المثير للعجب والدهشة أن بعض شيوخ حسن البنا نصحوه بعدم تأسيس جماعة الإخوان وهو الشیخ الأزھري الجلیل السید عبد الوھاب الحصافي شیخ الطریقة الحصافیة -التي كان البنا واحدًا منھا".

وتابع: "أول من نصح البنا بعدم المضي فیما مضى فیه من إنشاء جماعة الإخوان، وأن البنا مع ثقته بعلم الرجل وعقله وإخلاصه وورعه وتقواه إلا أنه رفض النصیحة، واستمر في تأسیس الجماعة حتى اعترف البنا بذلك قائلًا: (واستمرت صلتنا على أحسن حال بشیخنا السید عبد الوھاب حتى دشنت جمعیات الإخوان المسلمین وانتشرت، وكان له فیھا رأي، ولنا فیھا رأي، وانحاز كل إلى رأیه".

وأكد فضيلة مفتي الجمهورية أن تجديد الخطاب الديني الرشيد يصب في مصلحة حماية الأوطان من الإخوان ويشمل الفتوى الرشيدة والعلم الرشيد وتصحيح المسار وتصحيح المفاهيم المغلوطة عند الإخوان.

واختتم قائلًا: "نرى الدلائل والبراهين القوية على قرب نهاية الإخوان، ويعزز هذا ما يوجد لدينا من رصيد علمي كبير في الرد عليهم، حتى إن شعبيتهم تقترب من التلاشي برغم دعواتهم المتكررة؛ مما يدل على وعي المجتمعات بخطرهم وعدم الالتفات لأوهامهم. ونحن في دار الإفتاء لا نلتفت لهجومهم علينا جراء نطقنا بالحق فقد تربينا على قول الحق وعدم الخوف من الباطل".

اقرأ أيضا

مفتى الجمهورية: التأسلم السياسي بدأ من «الخوارج» إلى عصر الإخوان