حكايات الحوادث| مأساة رحمة.. والزفاف إلى القبر

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

عندما يتملك الشيطان من النفس، يروضها، ويرتكب بها أبشع الجرائم دون شفقة، ويتحول الإنسان إلى ذئب لا يعرف الرحمة، وغير مبال بالعقاب.

«رحمة» فتاة في ريعان شبابها، تتألق حيوية وجمالا، تحلم بيوم زفافها، ولم تكن تعلم بأنها ستزف إلى القبر، حيث رحلت عن الحياة التي أحبتها، ولم يتبقى لها منها سوى نعش خشبي، يواري جثمانها، قبل زفافها بأسبوع، في مشهد حزين، ينفطر له الأكباد.

اقرا أيضا|قصص وعبر| رحمة.. ضحية ذئبي «الاستروكس»

استقلت رحمة الدراجة البخارية، التي انطلقت عجلاتها تنهب الطريق نهبا، خلف خطيبها، وزوج المستقبل، تفسح للعواطف طريقا ينهمر كالشلال، تغمرها سعادة بالغة، تحلم بالمستقبل، والحياة الجديدة التي ستقدم عليها، بينما كانت الشبورة على شاطئ الترعة، كثيفة تتحرك كتلها في ثقل، ومياه الترعة تحمل في حركتها حنان، والصمت يلف المكان، والنجوم في السماء تأتي، وتمضي فيزيد المنظر رعبا، وجمالا في آن واحد، وفجأة، وبلا مقدمات يتوقف الخطيب، ويطلب منها النزول، وأخذ يمطرها بكلمات الغزل، والحب، والتي يخفي وراءها، جريمة، شنعاء، يقضي بها على حلمها البسيط، اتسعت عيناها ذهولا، وانعقد لسانها عن الكلام من شدة الفزع، والاضطراب، بعدما أحكم قبضتا يديه حول رقبتها، ولم يرحم أنينها، ونظرات عينيها المغرورقة بالدموع، وألقى بها وسط مياه الترعة، تصارع الموت، تطفو تارة، تمد يدها، تظهر ثم تختفي، حتى وهنت قواها، وأبيضت عيناها، وهبطت في قاع الترعة، غارقة.

انقلبت قريتها رأسا على عقب، يهرول الجميع للبحث عنها، بعد أن علموا من عائلتها عن غيابها، ولم تعد، يجوبون القرى المجاورة، ولكن دون جدوى، وانتشر رجال المباحث، بدائرة مركز محافظة المنيا، لعمل التحريات، المكثفة، ومراجعة الكاميرات، حتى اكتشفوا بأنها كانت بصحبة صديقة لها، وحامت حولها الشبهات، بينما جاء الخطيب الذي ماتت عواطفه، يبكي ويجهش في البكاء بحرقة شديدة، يسابق الجميع في البحث عنها، وبعد ثلاثة أيام عثر على رحمة يطفو جسدها فوق الماء بترعة الإبراهيمية، بمحافظة المنيا، بينما لم يكف رجال المباحث عن حل لغز جريمة غرقها، وجاءت عدالة السماء.

تشكك رئيس المباحث في تصرفات الخطيب القاتل، وبتضييق الخناق عليه، ومواجهته بالتحريات، التي أكدت بأنه اصطحبها ليلا، بعد أن استقلت دراجته البخارية، وأنها أبلغت صديقتها عن أن هناك ميعاد بينهما، وأنه كان بانتظارها بأطراف القرية للتنزه، والذهاب إلى قريته القريبة بنفس محافظتهما المنيا.. انهار الخطيب، واعترف بجريمته، حيث كان يريد التخلص من رحمه العروس المجني عليها، وفسخ، خطوبته قبل عقد القران، والزفاف، وخشية أن ترفض عائلتها أن يسترد المصوغات الذهبية، «الشبكة»، فهداه شيطانه إلى هذه الحيلة، وقرر قتلها غرقا، معتقدا الهرب من جربمته، وعدالة السماء.