بسبب صراع تيجراي.. سودانيون يفتحون منازلهم لاستقبال اللاجئين إثيوبيين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

عندما غادرت منزلها في إقليم تيجراي هربا من القتال، ودخلت مع زوجها الأراضي السودانية، لم تكن سيجامارا تعرف ما الذي ينتظرها، لكنها تعبر اليوم عن ارتياحها للاستقبال الحار الذي لقياه من السكان المحليين بعد الجوع والعطش والإرهاق.

اقرأ أيضًا: الأمم المتحدة: توقعات بفرار أكثر من 200 ألف شخص بسبب القتال في تيجراي


وصل الزوجان إلى مدينة حمداييت السودانية الفقيرة بعد أن عبرا نهر ستيت بعد أيام من بدء النزاع في إقليم تجيراي. كل ما كانا يسعيان إلية هو مكان ينامان فيه بعيدا عن مخيمات اللاجئين المكتظة بآلاف الواصلين على الطرف الغربي لحمداييت.


وتقول سيجامارا من داخل كوخ مبني من القش ليس به أثاث سوى سرير واحد "كنا نفكر في استئجار مكان، ولكن الناس هنا استضافونا من دون أن ندفع نقودا".


والزوجان الشابان بين آلاف اللاجئين الذين فروا من إقليم تيجراي في شمال إثيوبيا بعد اندلاع القتال في مطلع نوفمبر حين شنت القوات الحكومية هجوما على القوات المحلية المتمرّدة. وقتل المئات في النزاع الدامي بين الحكومة الفدرالية برئاسة أبيي أحمد وقوات جبهة تحرير شعب تيجراي.


وتقول مريم أبوبكر، مضيفة سيجامارا التي تعيش مع أسرتها في منزل مبني من الطين مع سقف من القش، "يمكنهم البقاء هنا الى أي وقت يريدون".


وسجلت سيجامارا وزوجها اسميهما في مركز استقبال اللاجئين بهدف الحصول على وجبات طعام يومية. وتقول لفرانس برس "سنبقى هنا بضعة أيام. إن عاد الهدوء الى تيجراي، سنعود، وإذا لم يعد، لا خيار لدينا، سنعيش في مخيم للاجئين".

 مخيمات مكتظة

ويستضيف العديد من سكان منطقة حمداييت على الرغم من فقرهم، لاجئين إثيوبيين فروا من النزاع. وقدّم بعضهم المأوى فقط، بينما قدّم آخرون الطعام ومياه الشرب.


ويقول مدير مركز استقبال حمداييت يعقوب محمد إن المركز استقبل أكثر من 24 ألف لاجىء منذ اندلاع القتال في تيغراي. وبحسب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بلغ عدد الإثيوبيين الذين فروا الى السودان 36 ألفا، ويمكن ان يصل الى مئتي ألف خلال الأشهر الستة المقبلة.


وإقليم شرق السودان لديه تاريخ طويل في استضافة اللاجئين الإثيوبيين والاريتريين يعود الى عام 1967 جراء الحرب الإثيوبية الإريترية ثم الجفاف والمجاعة التي ضربت إثيوبيا في ثمانينات القرن الماضي.


ويقول المزارع السوداني عيسى حسن الذي يعيش في حمداييت "أصبح المكان مزدحما، لكن لا بأس هم ضيوفنا".
إلا انه يشكو من أن تدفق اللاجئين أدى الى ارتفاع الأسعار في أسواق المنطقة. "أسعار الخضروات والفاكهة وحتى المياه ارتفعت بشكل كبير بعد وصولهم. مثلا كيلو الموز كان يباع بسبعين جنيها سودانيا (حوالى أربع سنتات)، والآن يباع بـ150 جنيها".


ويشير بحر الدين يعقوب الذي يعمل في الزراعة والتجارة الى أن الإمدادات تأتي من الولايات المجاورة بكميات قليلة مقارنة بالأعداد الكبيرة للاجئين. ويقول "الآن الطلب مرتفع جدا، لذلك ارتفعت الأسعار".


وتسعى السلطات السودانية وجمعيات الإغاثة الى تجهيز المخيمات وتقديم الغذاء والخدمات الطبية الأساسية لمواجهة التدفق الكبير للفارين من الحرب. لكن الحكومة السودانية مثقلة بأعباء مشكلاتها الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر خصوصا في ولايتي القضارف وكسلا الواقعتين في شرق البلاد وتستضيفان العدد الأكبر من اللاجئين.

 تضامن 

في مركز استقبال "القرية 8" القريبة من معبر اللقدي الحدودي بين السودان وإثيوبيا، يؤكد العديد من الإثيوبيين أن المواطنين السودانيين رحبوا بهم وقدموا لهم احتياجاتهم الأساسية.


ويقول اللاجئ آدم يوسف "كثيرون قدموا لنا طعامًا من مزارعهم، وبعض الحصائر لننام عليها، وسمح لنا البعض باستخدام حماماتهم. كانوا كرماء جدًا معنا".


قرب مخيم أم راكوبه الواقع على بعد 80 كيلومترا من الحدود السودانية الإثيوبية، يقوم السكان بجمع تبرعات من الملابس والطعام لتقديمها للاجئين.


ويقول أحمد عبد الله اسماعيل الذي يعيش في قرية دوكه القريبة من مخيم أم راكوبه، "عند وصولهم كان الخوف باديا على وجوههم والكثير منهم حفاة".


ويضيف "نحس بهم ونحاول أن نقدم لهم المساعدة بقدر استطاعتنا".


لكن الوضع رغم ذلك صعب جدا في المخيمات. فالمياه شحيحة والحمامات لم يكتمل بناؤها بعد، ما يجبر اللاجئين على التبرز والتبول في الأرض العشبية حول الغرف.