الشحرورة صباح.. حكاية سندريلا طارت منها الملايين

الشحرورة صباح
الشحرورة صباح

غنت صباح في عالية في كازينو طانوس «كابري لبنان» التي يلتقي فيها الأمراء والكبراء كل صيف ينثرون الذهب النضار في ليالي عاليه الساحرة، وإذا بسندريلا المغنية البائسة التي تترنم بأغاني الحب والهوى والشباب وملء عينيها الدموع، تفاجأ بظهور أمير الأحلام الذي كان يحمل في يساره قلبًا فياضًا بالحب والغرام، وفي يمينه الجاه والذهب والسلطان، وكان أمير الأحلام أميرًا في الواقع لا في الخيال.

كان ينزل في ذلك الصيف بفندق طانيوس يحيط به جيش من الخدم والحشم، يمثل أبهة الإمارة ومظاهر الجاه والسلطان، فاستمع في إحدى الليالي إلى صوت تلك الشابة الناضرة المطلقة، التي استحوذت بصوتها وجمالها على قلب الأمير، فهام بها حبًا وغرامًا من النظرة الأولى، ثم أشعلت نار الوجد في قلبه بأنشودة حيته فيها تحية تليق بمكانته الرفيعة السامية، فلم يشكرها الأمير الشرقي الكريم بالكلام أو يعبر لها عن إعجابه بالألفاظ، بل عبر عنه بلغته عمليًا فتنازل لها عن سيارته الكاديلاك وأهدى لها فيلا في «صوفر» وأغرقها بالهدايا والمجوهرات.

وفجأة وعلى غير انتظار سمعت صباح أميرها لا يصارحها بحبه وإعجابه فحسب بل يعرض عليها جاهه وثروته واسمه، ويطلب يدها للزواج، فعقدت الدهشة لسانها، ولم يترك لها الأمير فرصة للكلام وجاء لها بطائرة خاصة لتقلها إلى دولته برفقة والدها وشقيقتها الصغرى «سعاد».

ومرت كل هذه الحوادث أمام عينيها كالحلم وخيل لها أنها تعيش في قصة من قصص الخيال فقد هبطت من الطائرة لتمشي على طريق مفروش بالورود والرياحين وفي استقبالها حاشية الأمير ينحنون لها بالتعظيم والتكريم وينادونها بالأميرة ثم تجد تحت تصرفها خمسة قصور آية في الفخامة والثراء وستصبح كلها بما فيها من خدم وحشم طوع أمرها ورهن إشارتها، ونزلت أميرة الأحلام في أحد القصور الخمسة 15 يوما استعدادًا لعقد قرانها على الأمير العاشق، وكان والدها غادر إلى لبنان ولحقت به سعاد لتعد ثياب الزفاف لشقيقتها الأميرة.

ويصف الكاتب محمد السيد شوشة في مؤلفه «أنغام من الشرق» الحادث الذي قلب سعادة الأميرة صباح رأسًا على عقب، فقد تسرب النبأ إلى الصحف، فأذاعت أخبار الزواج المرتقب بين الأمير ومعبودته المطربة فقامت ثورة، وثارت الإمارة كلها على هذا الزواج، كيف يتزوج أحد أمرائها من مغنية؟، وكيف يتزوج الأمير المسلم من مسيحية يجب وقف هذا الزواج، لا يمكن أن يتم.. وبذلك تعرضت حياة أميرة الأحلام للخطر وتلقت تهديدات كثيرة بالقتل إذا لم تبرح المدينة في الحال، وإزاء هذه الثورة اختفى الأمير، وغادرت أميرته البلاد خائفة مذعورة على أول طائرة إلى لبنان استقلتها في هذه المرة وحدها بلا خدم ولا حشم، وبلا كلمة وداع من أميرة الأحلام!

الشحرورة صباح اسمها الحقيقي هو جانيت جرجس فغالي.. ولدت فى 10 نوفمبر عام 1927 فى لبنان وهي أحد أيقونات الفن والغناء العربي، وامتدت حياتها الفنية من الأربعينات حتى وفاتها عام 2014 تاركة إرثًا فنيًّا تلفزيونيًّا سينيمائيًّا ومسرحيًّا وغنائيا كبيرًا، كما كانت من بين أوائل المغنين العرب الذين وقفوا على خشبات المسارح العالمية.