معارك الإقليم | أزمة مزمنة ومعالجة مصرية مختلفة

طارق عبيد 
طارق عبيد 

طارق عبيد 

في صراعها  للافلات من فخ الربيع العربي اللي قضى على ما تبقى من قوة الدول العربية سواء باشعال حروب اهليه او تنشيط جماعات «طائفية/ديمقراطية/حقوقية» لارباك اي استقرار محتمل، اتبعت مصر مراحل تبدو لأي منصف انها كانت  خطوات مدروسة. 

-المرحلة الاولى: وهي الأخطر، مرحلة تشبه السير على رمال متحركة في يوم عاصف، مرحلة امتصاص موجة الربيع العربي الأولى ومحاولة تحييدها لتجنب اي انفجار في الموقف قد ينتهي بحرب اهليه او فوضى طويلة تنتهي بسقوط الدولة والمرحلة دي انتهت باسقاط نظام مبارك وما تبعها من حالة سيولة أمنية و سياسية، حاولت القوى الطامعة داخليا زي الاخوان و خارجيا زي قطر وتركيا و ايران  استثمارها في تعزيز نفوذها وسيطرتها في اكبر تحول مر بمصر و المنطقة منذ سايكس بيكو.

-المرحلة التانية "ودي مرحلة المواجهة النشطة" كانت مواجهة مخطط أسلمة المنطقة وتقسيمها لمناطق نفوذ سني تقوده تركيا و شيعي تقوده ايران  ثم يهودي تقوده اسرائيل، المخطط ده اللي يبدوا انه متناقض ظاهريا او حتى متضارب في المصالح كان هيغير الجغرافيا السياسية للمنطقة، قواعد عسكرية تؤمن السيطرة على ثروات المنطقة و طرق امدادها، تقسيم المنطقة وتفتيتها لكنتونات منزوعة القوة و بالتالي يضمن الرعاة سيطرة مطلقة لـ ١٠٠ سنة جاية، المشروع ده اعتمد على نقاط ارتكاز في الاقليم، تركيا اعتمدت على الاخوان المسلمين بعد ما تم تدريبهم وادماجهم في مشروع خلافة ساذج بيشكل المكون الاعظم من منهجهم الفاسد، ايران اعتمدت على الشيعة في توسعة نشاطها التخريبي في المنطقة "لبنان واليمن والعراق نماذج"، اسرائيل اعتمدت على تدخل جراحي عسكري اثناء الصراع لضمان عدم تفوق اي طرف قد يغير من معادلة القوة في المنطقة، هنلاحظ انهم رفضوا اسقاط بشار لكن انهكوه و كذلك حزب الله و التيار الشيعي في العراق وحماس في غزة. مصر اربكت المشروع باسقاط الاخوان في ٣٠يونيو، حركة استراتيجية خاطفة غيرت موازين الاقليم واربكت رعاة مشروع الفوضى ،وبرغم المعاناة الرهيبة اللي مصر شافتها نتيجة الخطوة دي الا انها تظل معاناة مقبولة اذا عرفنا ان البديل كان احتلال تركي ناعم لمصر قد يتحول في اي لحظة لاحتلال خشن، دفعنا تمن الخطوة دي حصار اقتصادي و عمليات ارهابية وشهداء ومصابين تجاوز عددهم الألاف.

-المرحلةالتالتة كانت مرحلة التمدد و معالجة تهديدات الامن القومي في دواير اوسع، الخطوة دي 

-بدأت بتسليح الجيش باسلحة نوعية تؤمن تغطية للتمدد المصري داخل دواير الامن القومي  و انشاء قواعد عسكرية مركزية تسهل عمليات السيطرة والفتح الاستراتيجي للقوات ( قاعدة محمد نجيب وبرنيس نموذجا ) وده مكن مصر من احكام السيطرة على الثغرات اللي كان ممكن تسبب مشكلة في بنية الأمن القومي المصري بمفهومها الشامل ، مثلا  اننا نقدر ننفذ ضربات في عمق ليبيا في رد مصري عنيف على ذبح مصريين هناك، 

-دعم وتسليح وتدريب الجيش الليبي حتى تم طرد بقايا الاخوان والدواعش من كامل الشرق الليبي مع تأمين تغطية جوية فورية لأي تهديد يقترب من منطقة التحريم المصرية 

-اقامة حلف متوسطي ثلاثي مصري قبرصي يوناني لضمان تأمين  موارد الطاقة في المتوسط في اكبر عملية تنسيق عسكري وجيوسياسي يشهدها جنوب المتوسط خارج نطاق حلف الناتو.

-اقامة علاقات ممتازة مع جنوب السودان لسد ثغرة طالما تسللت منها اسرائيل ثم المعالجة  الفعالة في التعاطي مع  نظام البشير الاخواني في شمال السودان و ضمان تحييده على الاقل في اي صدام مستقبلي حتى سقوطه،التواجد القوي في اريتريا كنقطة ارتكاز للتحرك داخل القارة ومواجهة اي خطر مستقبلي يهدد بشكل مباشر تدفق المياه في النيل.

-تأمين حلف عربي ثلاثي مصري اماراتي سعودي يشكل محور المواجهة الاشد في مواجهك مشاريع القوى الاقليمية الطامعة في التهام بلادنا وان كان الحلف ده محتاج يشتغل بعمق اكتر ويتحرر من عقد تاريخية لازالت تعطله عن انه يقوم بدوره الكامل في المواجهه

-المرحلة الحالية هي مرحلة مواجهة الفاعلين الاصليين في مشروع الفوضى بعد ما تم محاصرة وكلائهم في المنطقة بشكل اجبرهم انهم يتدخلوا بشكل مباشر، مصر كانت بتستعد للحظة زي دي جاية لا محالة خدنا بكل اسباب القوة "المتاحة" واجتهدنا اننا نكون على قدر المسؤولية العظيمة اللي على عاتق مصر و اللي هي جزء من قدرها انها تكون القلب الصلب لمنطقة هشه تكالبت عليها التعالب وخانها الرعاع من اهلها. اللي بتقوم مصر هو عمل في صميم الامن القومي وهيكون له تمن من اقتصادنا ودم ولادنا لكنه تمن رخيص بندفعه واحنا راضيين ومحتسبين وعلى الحق. نسأل الله النصر والسداد و الثبات لأبطال نعرف بعضهم و نجهل جُلهم،شايلين بلدهم على اكتافهم، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا..