الزيادة السكانية .. «وحش» تروضه الدولة

الزيادة السكانية .. «وحش» تروضه الدولة
الزيادة السكانية .. «وحش» تروضه الدولة

كانت ولا تزال المشكلة السكانية هي الأزمة الأكبر التي تواجه الحكومات المتعاقبة على مصر وتسببت هذه الزيادات غير المدروسة في زيادة الضغط على الموارد الأساسية للدولة والتي كانت تشكل حجر الأساس للدولة المصرية المتقدمة على مدار التاريخ، ومع تزايد معدلات النمو التي نجحت مصر في الوصول إليها خلال السنوات القليلة الماضية ظلت المشكلة السكانية حاضرة لتبتلع معدلات النمو المتزايدة.

 

لم تعان مصر من أزمة حقيقية في معدل الزيادة السكانية بداية من عام 1900 حتى عام 1950 فلم يتجاوز عدد السكان 9 ملايين نسمة عام 1900 وتزايد إلي 19 مليون نهاية عام 1950، وخلال تلك الفترة كانت مصر قبلة للمهاجرين من كافة دول العالم وخاصة هؤلاء المتضررين من الحربين العالميتين الأولي والثانية والتي كانت مصر ملجأ آمناً لهم، وكانت نسبة النمو خلال تلك الفترة من 2% إلي 3% وهي نسبة تتناسب مع معدل الزيادة في عدد السكان آنذاك.

اقرأ أيضا : طفرة كبيرة في التعليم .. 31 مليار جنيه لمشروعات استثمارية.. وتطوير المناهج

وساهم ذلك المعدل المنضبط في تعظيم مكانة مصر في تلك الفترة اقتصاديا حيث كانت مصر تمتلك فائضا في الميزان التجاري يقدر 1،9 مليون جنيه في وقت كان الدولار يعادل 20 قرشا فقط، كما سجلت مصر خلال الفترة من 1926 وحتى عام 1953 أكبر غطاء نقدي في العالم، ولم لا فقد كان اقتصاد مصر قائما علي الزراعة والتصدير وخاصة الذهب الأبيض القطن المصري الذي كانت مصر تنتج منه 6 ونص مليون قنطار كانت تزرع علي مساحة تصل إلي 1٫6 مليون فدان، وهو الوقت الذي كانت بورصة القطن في القاهرة والإسكندرية من أكبر بورصات القطن العالمية.

 

هذا التميز جعل مصر علي في نهضة عمرانية فريدة تميز شوارع ومدن القاهرة والإسكندرية إذا تمت مقارنتها بالدول الأوربية، وأعطاها أيضا العمل على تطوير مشروعات البنية التحتية وامتلاك ثاني خط سكة حديد في العالم بل كانت مصر تقرض الدول الأوربية خلال الحرب العالمية الأولى.

 

سن الإنجاب

وتسبب التزايد المستمر في عدد المواليد والذي وصل بمصر التي كانت تتساوى مع إيطاليا في عدد المواليد عام 1950 إلى أن يصل ويساوي عدد مواليد كل من «إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، المملكة المتحدة، السويد، بلجيكا».

ورغم تراجع معدل المواليد لكل سيدة خلال الفترة الأخيرة إلا أنها بنسبة لا تزال الأعلى بالمقارنة مع دول أخرى في المنطقة، فقد سجلت مصر 3،3 معدل خصوبة «عدد المواليد لكل سيدة» وهو المعدل الذي يضع مصر في المركز 52 على مستوى العالم في معدل الخصوبة ضمن 200 دولة حول العالم، وسط سعى إلى تخفيض هذا المعدل إلى أقل من 2.2 وهو المعدل الذي يضمن تساوي معدلات النمو الاقتصادي مع عدد السكان.

وشكلت الفترة بداية من الثمانينات نقطة تحول في زيادة أعداد المواليد تسببت في تضاعف أعداد السكان في الدولة وعقود الزواج إلي 2٫5 مرة، لتسجل 5 مواليد في الدقيقة الواحدة عام 1980 بواقع طفل واحد كل 20 ثانية، لتصل حاليا في عام 2020 إلي طفل كل 13.5.

 

العديد من التحديات سوف تواجهها مصر حال استمرار الوضع الحالي والذي سوف يؤدي إلي مضاعفة عدد سكان مصر خلال 50 عاما، فطبقا لإحصائيات الأمم المتحدة يتوقع أن تصل مصر إلي 200 مليون شخص عام 2070.. ولكن يمكن خفض الزيادة المستمرة بواقع 800 ألف نسمة في العام ليتم توفير أكثر من 670 مليار جنيه من ميزانية الدولة بحلول عام 2030 وذلك من خلال استقرار الدولة ومضاعفة العمل والعمل على التنمية المخططة والسعي إلى خفض الزيادة السكانية.

 

المدى القصير

ويقول د.أيمن زهري، أستاذ السكان والهجرة بالجامعة الأمريكية، إن إيجاد حلول سريعة للمشكلة السكانية في مصر صعب على المدى القصير، ولكن يجب العمل من الآن لتحقيق نتائج إيجابية مستقبلاً.

 

وأكد على أن العمل يجب أن يكون بشكل أكبر علي تعزيز مكانة المرأة في التعليم والتشغيل لتسهيل إداركها بالمسئولية التي تكون على عاتقها في التربية وتأهيل الطفل ليكون فردا ذا فائدة في المجتمع وهو ما سيساهم بشكل تلقائي في انخفاض معدل المواليد.

اقرأ أيضا : طفرة كبيرة في التعليم .. 31 مليار جنيه لمشروعات استثمارية.. وتطوير المناهج

كما يوضح أن العمل علي التوعية ومحاربة الأفكار الخاطئة حول الإنجاب والتي حاولت بعض الأفكار المتطرفة زرعها في المجتمع المصري والتي لا تعترف بتنظيم الأسرة والحد من الإنجاب، مؤكداً أن هذه الأفكار تسببت بشكل كبير في الزيادة السكانية خلال الأعوام الماضية.