«محكمة النقض» تؤيد إعدام قاتل كاهن كنيسة المرج

المجني عليه
المجني عليه


قضت محكمة النقض، بتأييد إعدام المتهم بقتل كاهن كنيسة المرج عقب طعنه على حكم محكمة جنايات القاهرة بإعدامه.

وانفردت «بوابة أخبار اليوم» بنشر حيثيات الحكم الصادر من محكمة جنايات شمال القاهرة، بإعدام أحمد سعيد إبراهيم السنباطى، لإدانته بقتل القس سمعان شحاتة رزق الله، عمداً مع سبق الإصرار والترصد، فى منطقة المرج يوم 12 أكتوبر العام قبل الماضى، وذلك فى القضية رقم 30080 لسنة 2017 جنايات المرج.

اقرأ أيضا| تأييد السجن 3 سنوات لضابط شرطة سابق روج عملات مزيفة

وقالت المحكمة، فى أسباب حكمها إن واقعة الدعوى تتحصل فى أن المتهم أحمد سعيد السنباطى، البالغ من العمر 19 سنة، والمولود فى مدينة حلوان، انتقل مع أهله إلى أن استقر فى دائرة قسم المرج، وبدأ الفكر المتطرف يعرف طريقه إليه، ودخل فى نفسه كراهيته للإخوة الأقباط، وقرر فى نفسه أنه لو تخلص من أحدهم يكون قد نجح فى مهمته فى الحياة، وفى صباح يوم الحادث قام ببيع هاتفه الجوال، وقام بشراء سكين، وكان قد انتوى التشاجر مع صاحب حانوت عصائر، ثم تردد فى ذلك، وعدل عن الفكرة، وقرر أن يقتل أى قسيس يراه، وجلس فى انتظار الضحية، بعد أن أصر على القصد وعقد العزم وبيت النية على قتل أى مسيحى يمر بالطريق والخلاص منه، وأثناء جلوسه فى الطريق العام انتظارا لضحية قد يمر أمامه، هنا أبصر المتهم بعينيه «سمعان شحاتة رزق الله» مترجلا بالطريق العام يرتدى زى رجال الدين المسيحى، فهرول المتهم خلفه، وأخذ ينادى عليه بصوت عالي، فاستدار تجاهه، فعاجله المتهم بطعنة بالسكين فى بطنه، فقام «القس» بالصراخ وبالاستغاثة بالمارة، ودخل أحد مخازن الحديد الموجودة فى مسرح الأحداث، فقام المتهم بالدخول خلفه، وطعنه طعنةً نافذةً بجانبه، فسقط المجنى عليه أرضا وأخذ يُكيل له الطعنات والضربات حتى تيقن من إزهاق روحه، ثم قام بنحره، ولحقه ذلك بالتمثيل بجثمانه ووشم الصليب على وجهه بالسكين، وهنا تمددت ساقاه وبرزت وجنتاه وجحظت عيناه، لقد حل عليه أجل الله، وفاضت روحه المؤمنة الطاهرة إلى بارئها، لتسكن فى سماء الخلد مع أمثالها من القديسين والشهداء والشرفاء والأبرار، معلناً فى زهو وفخر أنها ثمرة كفاح غير متكافئ بين فتى أهوج هائج مجرم سفاح جائر ظالم ومجنىّ عليه أعزل مسالم، كل عمله أنه رجل يدعو إلى عبادة الله، ولاذ المتهم بالفرار، وتمكن مجند بالأمن المركزى من الإمساك به وتسليمه للضابط.

وأضافت الحيثيات، إن الواقعة على النحو السالف بيانه فقد استقام الدليل اليقينى على صحتها وثبوتها فى حق المتهم، مما شهد به الشهود، فشهد أحمد عبدالله أحمد محمد بأن المتهم حضر إليه صباح يوم الواقعة طالباً شراء سكين واختار سكيناً كبير الحجم، وطلب منه سن نصله، وبعرض تسجيل الفيديو الخاص بالواقعة عليه أقر أن السلاح الذى استخدمه المتهم فى التعدى على المجنى عليه فى ذلك المقطع هو ذات السلاح الذى قام المتهم بشرائه، وشهد حسام علاء الدين زكى المتولى بأن المتهم كان يقوم بتكفير أبناء الطائفة المسيحية والقيام بأعمال عنف قِبلهم ودور عبادتهم، كما أنه وعلى أثر ذلك سبق له التشاجر مع أحد القساوسة، وأضاف أن المتهم كان يبغض القساوسة، لأنه كان يرى أنهم أساس فى تعليم نشر الكفر، وانتهى إلى أن بغض المتهم لأبناء الطائفة المسيحية قد يرقى إلى قتله أياً منهم.

وأقر المتهم بالتحقيقات، بارتكاب الواقعة تفصيلاً، وأنه بيت النية وعقد العزم على إزهاق روح أىّ من رجال الدين المسيحى، واختمرت تلك الفكرة فى ذهنه لفترة ما يقترب من شهر ونصف، قبل ارتكاب الواقعة، نظراً لبغضه لهم واعتبارهم مشركين بالله، ويقومون بنقل كفرهم، فأعد لذلك سلاحاً أبيض «سكيناً» قام بشرائه صباح يوم الواقعة من الشاهد الثامن، وتربص فى محل الواقعة لعلمه المسبق بمرور أحد القساوسة لجمع التبرعات، وما إن تحينت له الظروف وظفر بالمجنى عليه حتى بادره بطعنه بالسكين، ثم قام بتتبعه ووالَى التعدى عليه رغم محاولات المجنى عليه الهرب، إلى أن أجهز عليه محدثاً ما لحق به من إصابات، قاصداً إزهاق روحه، فأرداه قتيلاً وأتبع ذلك بالتمثيل بجسده، بأن قام بالتعدى على وجه المجنى عليه محدثاً به رمزاً.

وأكدت الحيثيات، أن المتهم اعترف بتحقيقات النيابة العامة أقر المتهم تفصيلا بارتكاب الواقعة، وقام بتمثيلها تفصيلاً وبجلسة المحاكمة، ولدى سؤاله عن التهمة المسندة إليه فقد قدم قصاصة من الورق دوّن عليها الأسماء الآتية: محمد بديع، محمد محمد أبوتريكة، محمد البلتاجى، هادى محمد خشبة، عصام العريان، صفوت حجازى، خيرت الشاطر عبدالرحمن السيد، وأسامة محمد مرعى.

وردّت المحكمة، على دفوع المحامى فيما أثاره قولاً أن اعترافات المتهم تفصيلياً قد جاءت باطلة فهو قول مردود بما اطمأنت إليه المحكمة، مما اعترف به المتهم بتحقيقات النيابة العامة، وقد جاء هذا الاعتراف نصاً فى ارتكاب الجريمة، وأنه عقد العزم وبيّت النية على قتل أى مسيحى يلقاه وأعد لذلك عدته (سكين) وقام بإعداده حتى يكون ماضياً وقاطعاً، وبناء على ارتكاب الواقعة تربص بأى من الإخوة الأقباط المارين بالطريق العام، وما إن ظفر به حتى عاجله بالطعنات والذبح والضرب على النحو السالف بيانه، وقد انتظم هذا الاعتراف كافة مراحل التحقيق، ولم ينفِ ارتكاب الواقعة فى كل مراحل الدعوى، بدءاً من تفكير هادئ فى قتل أى من الإخوة الأقباط وإعداد العدة لذلك، وانتظاره للمجنى عليه (أياً كانت شخصيته) وكيفية الإجهاز عليه وطعنه وذبحه إلى أن ارداه قتيلاً شهيداً.

 جاء هذا الاعتراف طواعيةً واختياراً وعن إرادة حرة واعية، وجاء أمام عضو النيابة المحقق، الذى أخبره أن النيابة العامة هى التى تبحث التحقيق، وناظرته النيابة العامة ولم تثبت أية إصابات بدنية به أو آثار أى تعذيب أو إكراه، وقد جاء الاعتراف متسانداً مع باقى الأدلة التى ساقتها النيابة العامة، وتأخذ المحكمة بهذا الاعتراف باعتباره من الأدلة المتساندة الباقية التى أوردتها المحكمة، ويكون الدفاع فى هذا المقام قد أطلق هذا الدفع مرسلاً لم يتأيّد بأى دليل.

وتابعت المحكمة الحديث عن نية إزهاق روح المجنى عليه والقصد الجنائى، بقولها: إن استخلاص القصد متروك إلى محكمة الموضوع. ولما كان ما تقدم وكان الجانى لديه ضغينة قتل للإخوة الأقباط، وما ترتب على ذلك من تطرف فكرى واتجاه إرادته إلى قتل من يلقاه منهم، وكان المتهم قد أعد سلاحاً أبيض كبير الحجم وقام بسنّه حتى يكون حاداً يساعده على طعن وذبح مَن يلقاه، وقام عقب ذلك بانتظار ضحيته وما إن رآه حتى قام بالعَدْو خلفه وعاجَله بعدة طعنات فى ظهره وبطنه، وبعدما فارق الحياة قام بذبحه حتى تيقّن تماماً من مفارقته الحياة، ولم يتركه إلا بعد أن تأكد أنه أصبح جثة هامدة، ومن هنا يكون القصد الخاص واضحاً وضوحاً جلياً ولا يكون له من قصد إلا إزهاق روح المجنى عليه.

وحيث إن المحكمة تلتفت وتعرض عن أوجه الدفاع الموضوعية التى أثارها الدفاع، ولا ترى فيها إلا مجرد وسيلة لاذ بها لإقصاء التهم والإفلات من العقاب، وحيث إن المحكمة إذ تضع موازين القسط وهى بصدد إنزال العقوبة بعد أن أحاطت بوقائع الدعوى وظروفها وملابساتها عن بصر وبصيرة، وبانت نفس المتهم بما ارتكب من الجرم الآثم رهينة، وتقدم المحكمة لقضائها بما ورد بالكتاب الكريم: «وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِى الأَلْبَابِ» و«أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً»، كما جاء فى كتاب العهد القديم: «كُلُّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا فَعَلَى فَمِ شُهُودٍ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ»، بل وأكثر من ذلك «مَنْ قَتَلَ بَهِيمَةً يُعَوِّضُ عَنْهَا وَمَنْ قَتَلَ انْسَانا يُقْتَلْ»، وأن «صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَىَّ مِنَ الأَرْضِ»، وجاء فى العهد الجديد أن «وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ»، ولما كانت الشريعة والقانون الطبيعى والوضعى والشرائع السماوية قد حرمت جريمة القتل ويعاقب عليها بالقتل، فحقّ على المتهم القول وإنزال أقصى العقاب، فليس من شىء أكثر عدوى من القدوة السيئة، ولا أدفع للجريمة من حكم لا يتناسب مع حجمها وخطورتها وخطورة مرتكبها، فليصدر الحكم قصاصاً وفاقاً من المتهم، وليكن عبرة لمن هو مثله.. ولهذه الأسباب حكمت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء بمعاقبة أحمد سعيد إبراهيم السنباطى بالإعدام، وبمصادرة السلاح الأبيض المضبوط، وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها.