مع احترامى

أكشن الانتخابات الأمريكية

فرج أبوالعز
فرج أبوالعز

مثلما الدراما الأمريكية صناعة هوليوود اجتذبت الانتخابات الرئاسية الأمريكية أنظار العالم أجمع باعتبارها الحدث الأبرز والأهم ولا غرابة فى ذلك فأمريكا أم العالم فى بيزنس السسبنس أى الإثارة بلغة السينما.
أيام وليالى والعالم كله يتابع الأنباء وفى المقام الأول الصراع الرهيب بين بايدن وترامب أو بين الجمهوريين والديمقراطيين أو بالرمز بين الفيل والحمار.. هذا الاهتمام العالمى الرهيب بالانتخابات الأمريكية لا يأتى من فراغ فهى بلد الأحلام ومنبع العجايب وملكة الإثارة والأهم من هذا وذاك هى أكبر دولة فى العالم ولها تأثيرها الكبير فى القضايا الدولية والإقليمية ولها الذراع الطولى فى مختلف مناطق العالم اختلفا أم اتفقنا شئنا أم أبينا.
حقيقة الأمر أن الانتخابات الأمريكية شأن داخلى فى المقام الأول فالمواطن الأمريكى وفق استبيانات كثيرة لا يهتم كثيرا بشئون العالم إلا إذا تعلق بقضية داخلية أمريكية كما أنه لا يعبأ كثيرا بقضايا السياسة فالمهم عنده قضايا الاقتصاد الذى تمنحه وظيفة يعيش منها جيدا ويمارس حياته كما يقول الكتاب «ضحك ولعب وجد وحب».. لذا غالبا ما تجد المواطن الأمريكى يعمل فترات عمله بجد واجتهاد وبعد العمل يعيش حياته أيضا بإخلاص ليجدد نشاطه ليوم العمل الجديد.
من هذا المنطلق هالنى ما يثار على مواقع التواصل الاجتماعى من جدل كبير حول موقف الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن من قضايانا وهل سيساندنا أم يقف ضدنا؟ والغريب أن الجميع تحول بقدرة قادر إلى محلل سياسى ودبلوماسى فمنهم من يرى أن ترامب كان أفضل لنا والآخرون يرون أن القادم أعقل وأهدأ وقد ينالنا من هدوئه جانب.
كل هذا الجدل يعكس اضطراب فى فهم كيفية صناعة القرار الأمريكى تجاه العالم الخارجى فالأمر هنا لا علاقة له بالعواطف أوبزيد أو عبيد لكنه ينطلق فقط من المصلحة الأمريكية وما عداها هراء ودخان فى الهواء.
الولايات المتحدة الأمريكية رغم الأهمية القصوى لمنصب الرئيس تعتمد فى صناعة قرارها الخارجى على غرفتى الكونجرس أى البرلمان مجلسى الشيوخ والنواب.. وبناء على ما تنتجه المراكز البحثية من خطط وبرامج وفق أبحاث ودراسات قد تستغرق سنوات لتخرج بتوجه معين يضمن لأمريكا التفوق فى ميزان القوى العالمى والتفوق العلمى والاقتصادى لتظل دائما ألفة العالم.. ولضمان سلامة عمل مراكز الأبحاث فهى مستقلة وبعيدة عن التبعية لأية قوة سياسية فى الداخل سواء حزب أو منصب قيادي.
هناك مبادئ أساسية فى التعامل الأمريكى مع العالم الخارجى لا تتغير بتغير الحزب صاحب الأغلبية أو الرئيس ويخطئ من يظن أن سياسة أمريكا تجاه العالم من الممكن أن تتغير باختيار الرئيس فهى ثابتة والاختلاف فقط فى تكنيك التنفيذ للوصول للهدف المحدد من قبل.. والدليل الموقف الأمريكى الثابت والذى لم يتبدل أو يتحول لحظة عن مساندة إسرائيل فى كل المحافل الدولية ودعمها عسكريا واقتصاديا لضمان أمنها بل فرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط.
لا جدوى لحديثنا عن حظوظنا مع الرئيس الديمقراطى المنتخب جو بايدن مقارنة بالرئيس الجمهوى الحالى دونالد ترامب فالأهم هو موقفنا نحن وتماسك الشعب مع القيادة السياسية الأمر الذى يجبر أى رئيس أمريكى جمهوريا أم ديمقراطيا على احترامنا وتقديرنا والتعامل معنا بندية وفقا لمصالح الطرفين وليس لأى شيء آخر فلغة العيون تصلح فى الحب والغزل ولا تصلح إطلاقا لعالم السياسة الذى يعترف بشيء واحد لا ثانى له وهو المصلحة.
لا يجب أن ننسى أن العلاقات الجيدة لمصر وأمريكا فى عهد ترامب لم تأت من أجل سواد العيون لكنها جاءت بسبب تماسك الجبهة الداخلية المصرية وثقة الشعب فى قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى نجح باقتدار فى قيادة البلاد نحو الاستقرار والأمن وفى الوقت نفسه مواصلة الحرب لشمول التنمية ربوع الوطن ومكافحة الإرهاب الأسود وصانعيه من أهل الشر وكذلك ممولوه والداعمون له.
أكرر.. تماسكنا الداخلى كفيل بأن يجعل أى رئيس أمريكى مهما كان توجهه وانتماؤه لأن يعمل لنا ألف حساب.