حماس.. حركة «تصفية» القضية الفلسطينية

القضية الفلسطينية
القضية الفلسطينية

محمود بسيونى

ظهرت حركة حماس أو حركة المقاومة الإسلامية عام 1987 على يد الإخوانى أحمد ياسين بمعزل عن حركة فتح التى كان يتزعمها الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، ولعبت الحركة دور الطرف المعطل لمسارات السلام التى انخرطت فيها حركة فتح مع توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 وهو المسار الذى دعمته وشاركت فيه مصر بهدف الوصول الى حل الدولتين بشكل مرحلى وهو ما بدأ بحكم ذاتى فلسطينى للضفة الغربية وغزة فيما عرف باتفاقية غزة - أريحا.

دور الطرف المعطل تطور فى يونيو عام 2007 إلى التقسيم بهدف الاستيلاء على السلطة فى غزة ووصل الأمر إلى الاقتتال الفلسطينى الفلسطنيى لعدة أيام بين حماس وقوات السلطة الفلسطينية، ثم قامت حماس بتشكيل حكومة لم تحظ بأي اعتراف دولي، ولكنها استمرت في تولي السلطة بالقوة الجبرية فى غزة.

ومنذ ذلك التاريخ تمت تصفية القضية الفلسطينية، وظهر الانقسام الفلسطينى بشكل فج وسافر وصنفت حماس جماعة إرهابية وهو ما تم استثماره جيدا من جانب إسرائيل حتى تمكنت من قتل عملية السلام وتجميد حل الدولتين والاستيلاء على مزيد من الأراضى حتى وصلت فى النهاية إلى الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل.
 

كل تلك التطورات ما كانت لتحدث فى فلسطين إلا بوجود طرف غير وطنى مثل حماس.. طرف يلتفت لمصالح فريقه وتياره ولا يعطى أى اهتمام بقضيته المركزية، فبدلا من التكتل لإنجاح التفاوض من أجل استرداد الأرض، أصبح مجهود كل الأطراف المعنية منصباً على تحقيق المصالحة الوطنية  البعيدة.

وتدار حماس بعقلية إجرامية، فهى لم تتروع عن ارتكاب جرائم القتل ضد الفلسطينيين أنفسهم، فيدها ملوثة بدماء فلسطينية أريقت سواء من وقف ضد انفصالهم بغزة أو من وجه انتقادات لطريقة إدارتهم للقطاع، ولم تتورع تلك العقلية الدموية عن دعم العناصر الإرهابية التى عبرت الأنفاق باتجاه مصر وكانت سببا فى استشراء الإرهاب فى سيناء أو تدريب العناصر الإرهابية الإخوانية الهاربة على استخدام الأسلحة والمتفجرات فى عمليات التفجيرات والاغتيالات التى توالت عقب إنهاء المصريين لحكم الإخوان خلال ثورة 30 يونيو 2013 .

حماس مثل أي جماعة خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين لا تعير لفكرة الوطن وحياة الإنسان أى اعتبار ، وكان من السهل عليها تعريض حياة سكان القطاع للخطر بسبب القصف الإسرائيلى الذى يتبع عمليات إصلاق الصواريخ المسرحية التى لم تحقق على الأرض أى نتيجة بخلاف أن اسرائيل وضعت يدها على مزيد من الأراضى الفلسطينية وتوسعت فى بناء المستوطنات مستغلة ما تفعله حماس لتشوه القضية الفلسطينية .

انصرفت حماس منذ سيطرتها على غزة قبل 13 عاما الى تعقيد القضية بإدخال اطراف بعيدة عن القضية الفلسطينية، وظهرت أطراف إقليمية مثل قطر وتركيا وإيران لتعلب أدوارا معطلة وتمارس الضغوط على الأطراف المساندة المعتدلة من أجل إبعادها حتى يتسنى لها استخدامها لتحقيق مصالحها وايجاد مقعد لها على مائدة التفاوض مع القوى العظمى،  وتأكد للجميع أن حماس مجرد سمسار يبيع قضيته لمن يدفع أكثر.

قطر تستغل حماس من أجل إيجاد دور إقليمى لها لا يتناسب مع حجمها ووزنها السياسى فى الإقليم، تركيا تمارس الضغوط على الأطراف الدولية عبر غزة، وإيران تتبادل اللكمات مع إسرائيل عبر إطلاق صواريخ حماس الهزيلة عليها.

تلاعبت حماس بكل الأطراف العربية المعتدلة وبكل مبادرات المصالحة والتهدئة ولم تتورع عن مهاجمة من يمد العون للقطاع الغارق فى الفقر المدقع والأزمات الاقتصادية، بل وتآمرت على مصر أكثر دولة ساعدت القضية الفلسطينية ودفعت أثمانا باهظة من أرواح أبنائها من أجل الحفاظ على الحق الفلسطينى .

تعلمت حركة حماس فى مدرسة جماعة الإخوان الإرهابية تجارة الشعارات والتشويه والإدعاء، تلعن إسرائيل بالنهار وتنام فى مخدعها بالليل، لا تستغرب فحقائب المال القطري تدخل إلى القطاع بموافقة إسرائيلية بل أن إسرائيل فى كثير من الأحيان تطالب قطر بالإسراع بإرسال تلك الأموال وعدم تأخيرها.
 

لكن كيف تتعامل حماس مع المال السياسي؟

على غرار إمبراطورية الإخوانى خيرت الشاطر المالية الضخمة فى مصر وإمبراطورية بلال أردوغان نجل الديكتاتور التركى المالية فى إسطنبول أسس أمراء الحرب فى غزة بيزنس خاصا بدأ بتجارة أنفاق التهريب التى توقفت بعد الإجراءات الأمنية المصرية وتحولت إلى تأسيس سلسلة من المولات والهايبر ماركت الكبيرة حتى أن قيادات حماس قدرت تكلفة إحدهما بحوالى 200 مليون جنيه مصرى.

تخيل القطاع الذى يصور الإعلام القطرى على أنه محاصر وفقير به هيبر مول مقام على 8 آلاف متر مربع ومكون من أربعة طوابق وملىء بالبضائع المستوردة باهظة الثمن فى قطاع يعانى من البطالة والفقر.

حقيقة حماس لم تعد خافية على أحد ولجوئها للمزايدة على الأطراف الداعمة للقضية الفلطسينية بشرف وأمانة مثل مصر متوقع دائما ورغم ذلك تعاملت مصر بشرف من أجل دعم المواطن الفلسطينى البسيط، وكان معبر رفح هو نقطة اتصال القطاع بالعالم، ورغم كل المخاطر التى نتجت عن فتح المعبر وما تعرضت له مصر من طعنات فى الظهر واستخفاف بأمنها القومى كانت مصر مساندة وداعمة بالمساعدات للمواطن الفلسطينى وليس لأي فصيل أو تيار، وكانت حاضرة فى أزمة كورونا وقدمت كل ما يلزم للقطاع من أجل تأمين حياة الفلسطينين.

منهج حماس الدموى وارتهانها لأجندة الإخوان الإرهابية ومحور الشر قطر وتركيا وإيران فضلا عن غياب الوحدة الفلسطينية وتعميق الانقسام لم يحقق سوى مصلحة إسرائيل واستمرار ضياع الحق الفلسطينى.