«عايز أشوف ابني».. قانون الرؤية تعذيب للآباء وقتل بطيء للبراءة

خلافات زوجية
خلافات زوجية

نهى رجب

خلافات زوجية مستمرة، عنف ومشادات كلامية تنتهي بالضرب والإهانة وتكون النتيجة في النهاية الطلاق، ووحدهم الأبناء من يدفعون ثمن ضريبة التفكك الـسري بعد الانفصال، حيث تكمن الطامة بعد الطلاق باستخدام كارت الأبناء وجعلهم ضحية لهذا الطلاق والعناد بين الأبوين حيث يبدأ كل منهما يكيد للآخر على طريقته الخاصة فهناك الكثير من الامهات يحاولن الانتقام من الآباء بحرمانهم من رؤية الأبناء أو الامتناع عن تنفيذ رؤية الصغير، وتستمر المعاناة مع قانون الرؤية خاصة من جانب الآباء الذين حرمتهم طليقاتهم من رؤية أبنائهم، أو حتى العكس، فحسب آخر إحصاء هناك 7 ملايين طفل لا يرون آباءهم، وإذا تم هذا يكون تحت حراسة الشرطة، مزيد من التفاصيل في سطور التقرير التالي.

بداية أخرى لابد منها..

المادة 67 من قانون الأحوال الشخصية تنص على أنه يتم تنفيذ الحكم الصادر برؤية الصغير في أحد الاماكن التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزارة الشئون الاجتماعية وذلك مالم يتفق الحاضن والصادر لصالحه الحكم  على مكان أخر، ويشترط فى جميع الأحوال أن يتوفر فى المكان ما يشيع الطمأنينة فى نفس الصغير، ولاينفذ حكم الرؤية بالإجبار بأي حال من الاحوال، وتنص المادة 4 أيضا من قرار وزير العدل رقم 1087 على أنه فى حالة عدم اتفاق الحاضن على المكان الذى يتم فيه رؤية الصغير يكون للمحكمة حق الاختيار من الاماكن الخاصة بالرؤية وفقًا للحالة المعروضة عليها وبما يتناسب قدر الإمكان وظروف أطراف الخصومة مع مراعاة أن يكون المكان مصدر طمانينة للصغير ولا يحمل على أطراف الخصومة مشقة لاتحتمل.
لكن هناك العديد من الآباء يرفضون بعض البنود فى قانون الرؤية وطالبوا بإلغائها واستبدالها بما يسمى بالاستضافة حتى يتمكن الاب من الاختلاط بأطفاله يومين فى الاسبوع بدلا من رؤيته فقط 3 ساعات إذا تم التنفيذ.
وتبقى النهاية مؤلمة وهي، أن هناك أطفالا لا يعرفون معنى كلمة "أسرة".


شبح الرؤية
مرسي مهندس كهرباء يفجر مفاجأة في البداية، يتساءل قائلا، "يرضي مين إني أشوف ولادي ساعات قليلة في الشهر، ده إذا شوفتهم من الأساس"؟!، ويتابع، بدأت معاناتي مع زوجتي تقريبًا بعد العام الأول من الزواج حيث أنجبنا طفلين توأم وكانت الحياه تسير على ما يرام حتى تدخلت حماتي فيحياتنا الشخصية رغم تحذيري لزوجتي، ووصل معها الامر إلى السيطرة التامة على بيتي، ومن بعدها أصبحت مراتي مثل العجينة فى يد أمها، وصرت بالنسبة لها مجرد صورة، راجل والسلام، حيث وجدتها تتمرد على الكثير من الامور فى حياتنا الزوجية، تطلب مني أشياءً ومتطلبات فوق طاقتي وكانت تضغط علي بشتى الطرق مما كان يتسبب فى الكثير من المشكلات والمشاجرات بيننا، تحولت حياتي لجحيم بالفعل خاصة بعد أن طلبت مني زوجتي أن اكتب لها شقة الزوجية باسمها لكنني رفضت واغلقت تماما باب النقاش فى هذا الموضوع لكنها هددتني بحرماني من اطفالي وهدم البيت وطلب الطلاق وبرغم ذلك أصريت على موقفي بعدما شعرت بالطمع والجشع فى معاملتها معي وبعد ان فشلت جميع مساعي الصلح بيننا تم الطلاق خلعًا بناءًعلى رغبتها لأنني حتى اللحظة الاخيرة كنت متمسكًا بها من أجل الحفاظ على استقرار اطفالي، بدأت المعاناة الحقيقية بعد ان تعمدت حرماني بالفعل من رؤية اطفالي ولم تلتزم بمواعيد الرؤية التى حددتها المحكمة حيث حكمت لي المحكمة برؤية أولادي 3 ساعات أسبوعيًا دون جدوى.


هيثم يعمل محاسبًا يقول، "معاناتي بعد الطلاق لم تنته حتى الآن حيث رفعت قضية إسقاط حضانة عن الام بسبب تعنتها وعنادها معي خاصة فى الامور المتعلقة برؤية اطفالي ومنعهم عني لكن تم رفض القضية وللاسف باءت كل محاولاتي بالفشل، مما جعلها تتمرد أكثر علي وتقوم بتشويه صورتي أمام أولادي الذين يرفضون رؤيتي برغم انها حق لي بعد الطلاق،وللاسف الشديد لايوجد فى القانون الحالي أي نصوص بشأن معاقبة الطرف الحاضن في حال عدم الالتزام بتنفيذ حكم الرؤية.


سميحة إحدى الجدات للأب المتضررات من قانون الرؤية تقول، "عانيت لسنوات طويلة بسبب حرماني من رؤية أحفادي نور عيني بسبب تعنت أمهم وانتقامها من ابني برغم أنني ليس لدي ذنب إلا أنني دفعت الثمن مع ابني دون وجه حق، لذلك لابد من إلغاء نظم الرؤية واستبداله بالاستضافة حتى يتمكن الاب وأسرته من عمات وأجداد رؤيةالأبناء على الاقل يومين فى الاسبوع خاصة وان هناك رفضا مطلقا لتطبيق الرؤية فى مركز  الشباب لمدة 3 ساعات لان هذا الامر يعتبر مهينًا للطفل والاسرة خاصة أن ابني مشترك فى أحد الاندية الكبيرة فى العاصمة وبرغم ذلك يتم رفض الرؤية فيه ويحكم بالرؤية فى مراكز الشباب، والمشكلة أنه يتم السماح للاب فقط برؤية أطفاله لكن لايسمح للجد أو الجدة من طرف الاب رؤية احفادهم.


الاستضافة بشروط
دكتورة نيفين انور عضو المجلس القومي للمرأة  اكدت ان  قانون الرؤية حق قانوني وشرعي للأب لا أحد ينكر ذلك على الاطلاق ولكن فيما يتعلق باتهام البعض بأن قانون الرؤية متحيز للمرأة ويساعد على قطع الارحام فهذا الكلام غير صحيح وغير عادل وظالم لان تعديل قانون الرؤية صادر منذ عام 1985 كما إالقانون يطبق على المرأة فى حوالي نصف الحالات، وذلك من وقت انتقال الحضانة من الام إلى الاب سواء بعد بلوغ الصغير سن 15 عامًا أو لغير ذلك من الأسباب، أما بالنسبة لمن يطالبون باستبدال الرؤية بالاستضافة فهذا يمكن أن يتم بالاتفاق وبين الاسر التى لاتوجد بها مشاكل أما الاسر الأخرى فأنه يجب أن يتم مراعاة توافر شروط موضوعية لمصلحة الطفل لتنفيذ الاستضافة وأن لايكون لطالب الاستضافة تاريخ فى إيذاء الطفل مثلا لأن الأب الذى يضرب الطفل لايستحق أن يستضيفه حتى لاتتكرر هذه المأساة مرة أخرى، وبناءً عليه يجب أن تكون الاستضافة بإذن الحاضن ورأي المحضون، أيضا أن يكون هناك تأمين كامل من الناحية الامنية، فكيف تضمن الأم عودة أطفالها اليها وعدم سفر الاب مثلا الى الخارج انتقامًا منها أو خطفهم وحرمانهم منها وهي حوادث تحدث الان، وللاسف لايعاقب القانون على هذه الجريمة ومنهم من يستخدم هذه الوسائل كنوع من انواع الضغط على الأم للتنازل عن حقوقها مثلا، لذلك لابد ان يتم ربط الرؤية بالاتفاق بمعنى أن يكون الاب مستمرًا فى دفع نفقة الأم والطفل دون انقطاع لإثبات حسن النية، وفى النهاية فإن الأب له الحق فى رؤية طفله ولكن هذا الحق مقصور على النظر الى الصغير وفى أحد الاماكن التى حددها وزير العدل ولايجوز للأب أن يباعد بين الابن وأمه فى سن الحضانة.


محمد فؤاد عضو مجلس النواب يقول، قانون الاحوال الشخصية من أهم القوانين الاجتماعية التى تمس الأسرة، وقانون الرؤية بصفة خاصة وللاسف هناك بعض الفئات يتعاملون مع هذا القانون على انه يميز بين الرجل والمرأة لذلك نجده دائما ما يثير الجدل والازمات، وفى رأي أن الاستضافة هى الحل الانسب للطفل لان القانون الحالي يسمح للرؤية مدة 3 ساعات فى مركز شباب وطبعًا فى أغلب الحالات يكون صعب على الأب رؤية أطفاله سواء لاسباب صحية أو مادية او حتى أسباب متعلقة بالعمل، لذلك فالقانون الذي تقدمت به حرصت فى المقام الاول فيه على مصلحة الطفل من خلال استضافة الطفل يومين في الاسبوع وأن تكون هناك مناصفة بين الأب والأم فى العطلات الرسمية، وأهم نقطة أنني تعمدت ربط النفقة بالرؤية فى مشروع القانون ففى حالة عدم دفع الزوج النفقة فليس له الحق فى الاستضافة، ووضعنا أيضا ضوابط كنوع من انواع الحماية من خطف الابناء، فعلى سبيل المثال منع سفر الطفل أو حالة تعاطي الزوج للمخدرات أو المعيشة فى مكان غير آمن طبعا بعد إثبات التحريات لذلك، وعن تأخير إصدار القانون حتى الان؛ بسبب دراسته بشكل جيد وعلمي من جميع النواحي ومناقشة جميع المؤسسات المعنية بهذا الامر وأيضا ضرورة إجراء الحوار المجتمعي حتى يتم فى النهاية إصدار قانون عادل لجميع الاطراف يراعي في المقام الاول مصلحة الطفل ومستقبله بعد انفصال الابوين.


ثغرات في القانون
دكتورة آمنة نصير عضو النواب وأستاذ العقيدة بجامعة الازهر قالت، قانون الأحوال الشخصية بصفة عامة مليئ بالثغرات وبصفة خاصة قانون الرؤية حيث يسمح لكل طرف من الزوجين بأن يكيد للآخر ومن يدفع الثمن في النهاية هم الأبناء الذين لا حول لهم ولا قوة لذلك لابد من أن نعطي حق الصغير كي يعيش حياة سوية بعد الانفصال مع من يتولى حضانته، وفي الغالب تكون الام ومن ناحية أخرى نعطيه الحق في رؤية والده كما شرعت العقيدة الإسلامية وأيضا حسب القانون، وفي رأي قانون الأحوال الشخصية الحالي يحتاج الكثير من التعديلات لذلك سأتقدم في الفترة المقبلة بمقترحات وفقا لدراستي الاسلامية وسأراعي في المقام الأول البعد النفسي والأخلاقي والشرعي، وأيضا يجب أن تكون بشروط وقيود منظمة لهذا الامر بهدوء وأحترام لأنه في النهاية من مصلحة الطفل زيارة الطرف غير الحاضن ورؤيته "الاب" وأيضا لابد من وجود تغليظ عقوبات لمن يغدر ويستغل الرؤية بخطف الابناء انتقامًا من الأم.