«أشياء معروفة وغريبة» أحدث إبداعات الكاتب الأمريكي «تيجو كول»

الكاتب الأميركى من أصل نيجيرى تيجو كول
الكاتب الأميركى من أصل نيجيرى تيجو كول

يخصص الكاتب الأميركي من أصل نيجيري تيجو كول "ميتشيجن 1975" كتابه «أشياء معروفة وغريبة» لدراسة الصورة، مؤكدًا أن «أغلبنا ينقصه عنصر الإثارة الشكلية أو القطيعة المفهومية التي تعتمد عليها الصور الخالدة».

«أشياء معروفة وغريبة» عمل يتطلع إلى الروابط العميقة بين الصورة والرعب، وصورة الحرب، والملكية التصويرية، والتعامل مع الصور من جانب الباحث فى جوجول، وفي الوقت نفسه يتناول أعمال المصورين الذين أنتجوا هذا النوع من الصور.


«كول» مؤرخ فني ومصور ومؤلف لروايتين: «كل يوم هو للص» 2007 والأخرى التي حققت نجاحًا كبيرًا «مدينة مفتوحة» 2012، لو حكت الأولى عن عودته الفاشلة جزئيًا إلى نيجيريا (حيث ولد)، فالثانية تدور فى نزهة تأملية عبر مدينة "هي نيويورك عقب هجمات 11 سبتمبر".

العملان يتميزان بموهبة فريدة فى الملاحظة، وبشيء آخر يربطه بقوة بمقالات «أشياء معروفة وغريبة»: هذا المزج بين الخيال والتجربة الذاتية، وهو بصمة الكاتب الحقيقية، لا يهم إن كان يتناول تمثيل قيصر لوليام شكسبير أو يكتب عن الروابط بين الأحلام والرعب أو يروى زيارة للقدس.


ينطلق كول من مقولة جيمس بالدوين «الأشخاص مربوطون بالتاريخ والتاريخ معلّق بهم»، إنها نظرة ثاقبة تحيط بمقالات هذا الكتاب فى مجمله، ولعل ما يميّزه أنه ناقد أدبى رفيع وقراءاته لكُتّاب مثل سيبالد وتوماس ترانسترومر وأندريه أسيمان وجون بيرجر قراءات مقنعة وجذابة شأنها شأن أى قراءة ذكية. غير أن ما يجعل منها فرادة الشكل الذى اختاره المؤلف ليمزج فيها الطابع الشخصى لقراءته (الملمح السيَرى المتعمد لعمله) وربطها بالأحداث السياسية والتاريخية. استشهاد كول بـ بالدوين يرتبط بتناول الثانى بالأساس للعنف ضد الأفروأميركان، رغم أن كول لم يشر فى كتابه إليهم، إلا أنهم مربوطون بالحكاية كما الحكاية مربوطة بهم.


بناء على هذه الفكرة الأخيرة، يأتى تقسيم النصوص إلى ثلاثة موضوعات رئيسية، الأول مقالات أدبية «أشياء مقروءة»، الثانى كتابة حول التصوير الفوتوغرافي، والثالث الرحلات «أن تكون هناك» وهو القسم الأقل إقناعًا فى «أشياء معروفة وغريبة». ينتمى عمل تيجو كول إلى التقليد الأدبى المسمى «فلانور»، أو أدب التسكع، وهو أدب ينتمى له مؤلفون بارزون مثل بودلير وفالتر بنيامين وروبيرت والسر وفرانز هيسيل وبيتر هاندكه. ويقوم هذا الأدب على التأمل العميق والتفكير، وتحلل الهوية الفردية من الجمعية. وكول يجمع مفترقات الطرق بسهولة فاتنة. يشبه تيجو نايبول الذى لا يزال يتأمل ونراه وهو يتأمل، من دون أى أفضلية لأسلوب يميز الأعمال الأخيرة للفائز بنوبل. وأدب كول ليس أدب «الإثارة الشكلية» (إذ يتميز بالوضوح وبنوع من الشفافية الخداعة التى تميز تقليد كتابة المقال الأنجلوسكسونية)، لكنه يتميز بالقطيعة المفهومية التى يربطها المؤلف بالتصوير الفوتوغرافى عند إنتاج «صور خالدة».


 الأشياء «المعروفة والغريبة» كعنوان، هى أشياء واحدة، مألوفة ومضطربة فى نفس الوقت عندما نخضعها لنظرة أحد مثل المؤلف، وتلخص تجربة أن تعيش عاطفيًا وفكريًا فى هذه اللحظة التاريخية. وكتاب كول غارق تمامًا بهذه التجربة ويجمع بعض «الصور الخالدة» الأهم فى العام الأخير.