أمين «البحوث الإسلامية»: أمن المجتمعات من أعظم مقاصد الشريعة

جانب من اللقاء
جانب من اللقاء

قال الدكتور نظير عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، إن أمن المجتمعات من أعظم مقاصد الشريعة ومن أهم واجبات إمام المسلمين؛ إذ أن الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به، ولولا الولاة لكان الناس فوضى، ولهذا فالإخلال بالأمن وزعزعة الاستقرار وإرهاب المسلمين والمستأمنين هو إفساد في الأرض وإجرام في حق الخلق يناقض مقصد التشريع العام .

وأضاف، الأمين العام في كلمته التي ألقاها خلال مؤتمر كلية الشريعة والقانون بدمنهور والذي عقد بعنوان: "الوعي الفقهي والقانوني وأثره في تحقيق التَّعايش السِّلميِّ"، أن هذا المؤتمر جاء في هذا التوقيت؛ ليرد على تلك الاتهامات الجائرة التي أطلقها البعض ضد الإسلام؛ ليؤكد بالدليل والبرهان على بهتان هذه الادعاءات، وللتأكيد على أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم مبناه الرحمة، وتأسيسه الحق، وهدفه الإنسان، مهما اختلف الزمان والمكان، لافتًا إلى أن أمن المجتمعات من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية، وأن الأحداث الإجرامية الأخيرة شهدت من أعمال التفجير والتخريب ما يكشف عن الترابط الوثيق بين العطن الفكري والتحجر الفقهي وبين تهديد الآمنين وسفك دماء المعصومين.

أقرا أيضا| أمين البحوث الإسلامية: أمن المجتمعات من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية

وتابع عيّاد: إن مكامن الانغلاق الفقهي في مثل هذه المناهج وأثره على زعزعة استقرار البلاد وأمن العباد يمكن توضيحه من خلال عدة نقاط من أهمها إن النظر الجزئي لنصوص الشريعة بعيداً عن مقاصدها الكلية، وأن الاستدلال الناقص لبعض الأدلة الأصولية دون مراعاة التوابع والعوارض المؤثرة على تنزيل الحكم على الوقائع الأمر الذي قد يثمر شططاً عن الوصول للحكم الصحيح وبعداً عن الظفر بالحق المطلوب.

وأوضح أن الأصوليين اتفقوا على ذم التعجل بالقول بالحكم المستنبط من الأدلة قبل البحث عن كل ما يمكن أن يكون له أثر على سير الدليل نحو إثبات حكم ما؛ من معرفة العوارض المؤثرة على دليل الحكم كالنسخ والتخصيص والتقييد وغيرها،  فلا يجوز التمسك بدليل من أدلة الشرع وبناء الأحكام عليه من جهة الاستقلال دون جمع الأدلة الأخرى المتعلقة به والمؤثرة عليه، أو أن ينظر إليه بمعزل عن عوارض الألفاظ التي تؤثر على فهم المعنى المراد لذات الدليل أو بمعزل عن مقاصد الشريعة الكلية.

وأشارى إلى أن التعايش يكون بالإدراك والفهم للمشتركات الإنسانية وما تقتضيه من حقوق وواجبات، وبعبارة أخرى يكون التعايش بالتمييز بين المشتركات والخصوصيات ذلك التمييز القائم على احترام حق الآخر في الاختيار والاختلاف عما نحن عليه، فالتعايش لا يعني الانسلاخ من خصوصيات العقائد والشرائع، وإنما البناء على المشترك وتعزيز أوجه الاستفادة منه.

وأكد الأمين العام أن الإسلام أمر بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة قال تعالى ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، ذلك لأن الحكمة تقتضي في جملة ما تقتضيه الحفاظ على العلاقة الإنسانية الموجودة أو إيجادها وتقويتها  ثم البناء عليها بإيصال الخير ودعوة الحق إليه لا هدم المشتركات بزعم إيصال الحق، كما أن الإسلام لا يبخس أحد حقه حتى من لم يؤمن به، وما أكده الإسلام من الكرامة الإنسانية للناس كافة وحفظ النفس وعدم الإكراه في اعتناق الدين وغيرها من الموضوعات التي ينبغي تحليلها ودراستها بما يوضح معالم ومنهج الإسلام في التعايش مع الآخر وما ينظمه من حقوق وواجبات تنظم هذا التعايش.

وأشار عيّاد إلى أنه مما ينبغي الإشادة به فضلًا عن التنبيه عليه، أن مصرنا الغالية قدمت نموذجا فريدا على مر عصورها لهذا التعايش السلمي الذي بدأ من اللحظة الأولى لدخول الإسلام إلى مصر ودخول كثير من المصريين في الإسلام؛ حيث قدمت مصر للعالم كله نموذجًا إسلاميًا عمليًا في التعايش السلمي بين مختلف الشرائع لم تصل إليه كثير من الدول الأخرى حتى الآن، وليس هذا الأمر دعوى عاطفية أو متحيزة دون دليل أو برهان، فهذا دستور مصر بين أيدي الجميع؛ فهو إذ ينص في مادته الثانية على أن " الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، يطبق مبادئ الإسلام في التعايش وحق الآخر في المادة الثالثة منه فينص على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيس للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية، كما ان من يقرأ ديباجة الدستور المصري يرى معالم هذا التعايش في كل جملة في أعلى نص قانوني ملزم وهو الدستور.