حكاية «إيزيس وأوزوريس» أسطورة الحب والوفاء بمتحف شرم الشيخ

حكاية إيزيس وأوزوريس
حكاية إيزيس وأوزوريس

أكد خبير الآثار، الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى، بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن أسطورة إيزيس وأوزورويس، رمزًا للحب والوفاء إلى ما لا نهاية فى مصر القديمة، والتى تحكي كيف غدر ست بأخيه أوزوريس، الذي كان يبغض فيه جمال وجهه ورجاحة عقله وحمله رسالة المحبة والخير بين البشر، فدبر مكيدة للقضاء عليه واتفق مع أعوانه من معبودات الشر، على أن يقيموا لأوزوريس حفلًا تكريمًا له ثم أعد تابوتًا مكسى بالذهب الخالص بحجم أوزوريس وزعم أنه سيقدمه هدية لمن يكون مرقده مناسبًا له ورقد فى التابوت كل الضيوف ولم يكن مناسبًا لأى أحد حتى جاء دور أوزوريس فأغلق عليه ست التابوت وألقوه فى نهر النيل.

ويشير الدكتور «ريحان»، إلى أن قاتل أوزوريس وهو شقيقه «ست»، قام باغتصاب العرش وقامت إيزيس تبحث عن جثة زوجها حتى عثرت عليها في جبيل، ولكن ست أفلح في سرقة الجثة وقطعها إلى اثنين وأربعين جزءًا ووزعها على أقاليم مصر لم تستسلم إيزيس وتمكنت من جمع أشلاء زوجها، فحبلت وولدت حورس، وأصبح أوزوريس ملكًا في مملكة الموتى.

وبكت إيزيس على أوزوريس وبحثت عنه على طول شاطيء النيل واختلطت دموعها بماء النيل حتى فاض النهر وبينما كانت تجلس بين سيقان البردى في الدلتا همس في أذنيها صوت رياح الشمال تبلغها بأن المعبود أوزوريس ينتظرها على شاطئ بيبلوس فذهبت واستضافتها عشتروت وكانت إيزيس تحول نفسها كل مساء بقوة سحرية إلى نسر مقدس تحلق في السماء وتحوم حول شجرة زوجها أوزوريس حتى حدثت المعجزة وحملت إيزيس بالطفل حورس من روح أوزوريس ورجعت به مصر تخفيه بين سيقان البردي في أحراش الدلتا حتى كبر وحارب الشر وخلص الإنسانية من شرور «ست».

ويشير الدكتور «ريحان» إلى أن الطفل حورس الناتج عن اجتماع إيزيس وأوزوريس الذي كان في بادئ الأمر مجرد طفل ضعيف تتولى أمه حمايته أصبح منافسًا لست على العرش وانتهى صراع ست مع حورس بانتصار حورس، مما أعاد إلى مصر النظام الذي افتقدته تحت حكم ست كما قام حورس بعدها بإتمام عملية إحياء أوزوريس.

وقد ذكرت الأسطورة لأول مرة في نصوص الأهرام التي تعتبر أولى النصوص الجنائزية المصرية القديمة التي ظهرت على جدران غُرَف الدفن بالأهرامات بنهاية الأسرة الخامسة خلال القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد وتحتوى هذه النصوص على أفكار من المفترض أن تاريخها يرجع إلى عهود سابقة تختص بذكر الحياة الآخرة للملوك المدفونين بالأهرامات .

وينوه الدكتور «ريحان»، إلى أن القصة الأكثر اكتمالًا حول الأسطورة موجودة على نقش «الترانيم الكبيرة لأوزوريس»، الذي يعود إلى الأسرة الثامنة عشرة «1550-1292 ق.م»، ومن المصادر الأخرى المهمة للأسطورة تمثيلية منف الموجودة على حجر شباكا، وهي قصة دينية تتضمن حكاية موت أوزوريس، وكيف انتهى الصراع بين حورس وست، تربط هذه التمثيلية نظام الملكية الذي يمثله أوزوريس وحورس، بالإله بتاح خالق منف، طالما ساد الاعتقاد أن هذه التمثيلية ترجع إلى الدولة القديمة «2686 - 2181 ق.م»، وعليه تم التعامل معها باعتبارها مصدرًا للمعلومات حول المراحل الأولى في تطور الأسطورة، لكن منذ سبعينيات القرن العشرين، استنتج عالموا المصريات أنها تُنسب إلى الدولة الحديثة على الأبعد.

ويتابع بأنه قد تم تسجيل حلقات من أسطورة إيزيس وأوزوريس في نصوص «الصراعات بين حورس وست»، وتجسّد رواية للحلقات المتعددة للصراع بين الإلهين تعود إلى الأسرة العشرين «1190-1070 ق.م»، ويصور هذا النص شخصية الآلهة محور الأسطورة تصويرًا حيويًا ويبدو حورس ضعيفًا جسديًا لكنه شخصية ذكية تشبه العفريت أما ست فهو رجل قوي البنية في صورة مهرج محدود الذكاء والمعبود «رع» في صورة قاضٍ متجهم متحيز وأوزوريس في صورة تتضح عليها الفظاظة وذو لسان لاذع.

وفي الدولة الحديثة، ارتبط موت وإحياء أوزوريس بالعيد السنوي لوفاء النيل الذي جعل من مصر أرضًا خصبة، شاع أن مياه النيل تعادل دموع رثاء إيزيس، أو السوائل في جسم أوزوريس، وعلى ذلك، أصبح أوزوريس يمثل القوة الإلهية المانحة للحياة التي كانت حاضرة في مياه النهر وفي النباتات التي نَمَت بعد الفيضان.

وبنهاية الدولة الحديثة تطور التقليد حيث أصبح يُقال أن ست قطَّع جسد أوزوريس إلى قطع وفرقها على أنحاء مصر، وقامت المراكز الموالية لأوزوريس في البلاد بادّعاء أن الجثة، أو أجزاء معينة منها، وُجدت بالقرب من هذه المراكز. قيل أن هذه الأشلاء يمكن أن يكون عددها وصل إلى اثنين وأربعين، كل منها يعادل واحدًا من أقاليم مصر الاثنين وأربعين. وبهذا، أصبح الإله الملك تجسيدًا لمملكته.

اقرأ ايضا|خبير آثار: «المتاحف» بوابة مصر لتنشيط السياحة الثقافية