صور | آلاعيب الدجالين.. تاريخ طويل من النصب والاحتيال

الدجالة المتهمه
الدجالة المتهمه

محمود صالح 


من أراد أن يصدقهم فهذا شأنه، لكن الواقع والحقيقة هم دجالون، وكثير منهم نشالات في وسائل النقل العام نهارًا وفي المساء تجدهم في المناطق الراقية يقرأن الودع والطالع للنساء، وأحيانا تكون نوعًا من التسلية.

قراءة الطالع عبر ضرب الودع أو تحريكه بشكل عشوائي ينتج عنه شكل يمكن لقارئة الودع التي تتميز بجلبابها الأسود الواسع أن تفسره بطريقة ما حسب الحالة النفسية لصاحبة الودع.

اقرأ أيضا|اصطدام سيارة بأحد رادارات طريق السويس

هي بالتأكيد من المهن التى تشتهر بها مصر، ولا تزال حتى الآن محط أنظار الكثيرين ممن لديهم الفضول لمعرفة مستقبلهم وما يؤول إليه، رغم أن الحكمة تقول، "كذب المنجمون ولو صدفوا أو صدقوا"، سواء كانوا مصريين أو سياح أجانب،  لكن بعيدًا عن كون تلك المهنة التي ينصب بها أصحابها، ومنافية لكل الأديان، إلا أن استخدامها وامتهانها والإقبال عليها يأتي فى سياق الفضول وحب التجربة ليس إلا، كونها تمثل تاريخًا طويلًا منذ اشتهارها وحتى الآن، إلا أنها فى الأونة الأخيرة أصبحت أداة نصب بامتياز، يتخفى ورائها لصوص اتخذوها ساترًا لجرائمهم، بطرق مختلفة.

فى التقرير التالي ندخل معكم إلى تفاصيل أكثر عن تلك المهنة، وكيف تُرتكب من ورائها جرائم سرقات ونصب كثيرة، بدعوى معرفة الغيب وقراءة الطالع.

الحكمة تقول، "لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع"

"أوشوش الودع وأشوفلك الطالع، وأعرف المستخبي من فنجان قهوتك المقلوب"، كلها ألفاظ يرددها هؤلاء النصابين ونحفظها عن ظهر قلب، لكن لا يزال يصدقها الكثير منا حتى الآن".

هذا هو طبع الإنسان؛ الخوف من الغد والمجهول الذي ينتظره، لذا نجد الكثيرمن الناس انكبوا على ضاربات الودع، أو التى على شاكلتها من قراءة الفنجان، وقراءة الكف، وغيرها من تلك الأمور، لكنها في الحقيقة ومع أنها تراثية بحت، ويشتهر بالعمل بها النساء، خاصة الغجريات من الهنجرانيات أو البدو، أصبح بعض ممن يمتهن تلك المهنة هدفه السرقة والنصب، وذلك لما توفرة تلك المهنة لأصحابها من دخول المنازل والكمبوندات مستغلين أقبال النساء عليهم.

ضرب الودع

في محافظة الشرقية، وتحديدًا في مدينة أولاد صقر، نزلت سيدتان يعملن في ضرب الودع وقراءة الطالع بعض قرى المدينة، وفعلا بدأن في عملهم وحولهم التفت النساء كي يعرفن الطالع، خاصة الزوجة الشابة التي تريد أن تتأكد من إخلاص زوجها، خاصة وأنه في الأيام الأخيرة بدا عليه عدم الاكتراث بها، وعندما يحل المساء تجده وقد التزم طرف السرير.

وفوجئ الجميع أن هذا التجمع ما هو إلا ساترًا وباطنه عملية سرقة، والأدهى من ذلك والأمر أن هاتين السيدتين لم يكونا بمفردهما، بل أن هناك من يعاونهما فى جريمة النصب هذه، وأن رجلا – وذلك على حسب شهود عيان – ينتظرهما يوميًا على أول الطريق ويركبا معه ثم لا يظهرون مرة أخرى في نفس المكان الذي حضروا إليه من قبل.

لم تقتصر طريقتهما التي يحفظها الجميع عن ظهر قلب، على سرقة المحيطين بهما وقت غفلة منهم، ولكن امتد جبروتهما إلى طرق باب بيت فى قرية ميت سلسيل التابعة لمحافظة الدقهلية، والمجاورة لمدينة أولاد صقر، وأقنعا صاحبة البيت بقدرتهما على ضرب الودع وقراءة الطالع، ثم شغلتها سيدة منهما فيما دخلت الأخرى بعد تخدير صاحبة البيت وسرقة مصوغات وبعض الأموال من المنزل، ولم يتم اكتشاف السرقة إلا بعد أن استردت صاحبة البيت وعيها.

وبعد تكرار تلك الحوادث والجرائم من لصوص ضرب الودع وقراءة الطالع استطاعت كاميرات الشوارع أن تُظهر شكلهما وملامحهما جيدا، مما جعل الكثير من سكان المحافظة يستغيثون بالشرطة للقبض عليهما وشريكهما وتقديمهم للمحاكمة.

واستكمالًا لتلك الجرائم فقد شهدت مدينة المنصورة واقعة مماثلة، ولكن فى تلك المرة كان الأمر مختلفا إلى حد ما، بطلتها امرأتان طرقا باب أحد المنازل وأوهما صاحبته أن بها مس، وأن هناك من صنع لها عمل، وأنهما عرفا ذلك بمحض الصدفة من امرأة قريبة لها أتت لقراءة الطالع وحكت أنها ذهبت لدجال لصنع عمل يؤذي به قريبتها.

ولأن تلك السيدة كانت تعاني في الوقت ذاته من بعض المشاكل مع زوجها صدقتهما وأدخلتهما منزلها، وبداخل المنزل أخرجت أحداهما سائلًا ورشته على وجه صاحبة البيت، وقالت لها أنها مياه مباركة وبهذه الطريقة سيزول العمل، وطلبت منها أن تدخل الحمام كي تغسل وجها ثم تخرج إليهما، ولكن بعدما خرجت صاحبة البيت من الحمام، وبعدما استردت وعيها لم تجد السيدتين، واكتشفت سرقة الكثير من محتويات الشقة وهربهما.

حديقة الحيوان

لا يكاد يمر أسبوع حتى تسمع عن الكثير من جرائم السرقة داخل حديقة الحيوان بالجيزة، ومن النساء اللائي يفترشن الأرض يدعين رواد الحديقة إلى ضرب الودع وقراءة الطالع، مستغلات الزدحام داخل الحديقة والتفاف الناس حولهم، ثم يندس بينهم شباب ويقوموا بسرقة الموجودين، باتفاق بين قارئة الودع واللصوص، ثم يقسمن فيما بعد ما استطاعوا سرقته.

من ضمن تلك الوقائع التي حدثت مؤخرًا على نفس الشاكلة، هي لفتاة فى نحو الـ 30 من عمرها، تدعى "عايدة م.ك" رأت ضاربات الودع داخل الحديقة، فذهبت إليهن كي تعرف بختها، وما ينتظرها من مجهول، لم يمر على وقوفها معهم أكثر من 10 دقائق حتى فوجئت بسرقة هاتفها الشخصي من حقيبة يدها، وأموالها – على حسب من تواجدوا ولاحظوا الواقعة– وشاهدوا شاب كان يجري قبل صراخها بلحظات.

وما أثار الشكوك على أن ضاربات الودع هم شركاء فى تلك الجرائم أن معظمها تحدث أثناء تجمع الناس حولهم، وهو الأمر الذي استدعاء المتواجدون في الحديقة لقوات الأمن متمنين أن ينتهي تواجد هؤلاء السيدات.

مضاعفة المبلغ

فى القاهرة، لم يكن الوضع فيها لكونها مدينة أفضل من الأرياف، فقد استطاعت سيدتان في منطقة المعصرة أن يوهما ميكانيكي سيارات يدعي "محسن. ص" بأنهما قادرات على مضاعفة الأموال بضرب الودع وفتح المندل وفك السحر.

وعليه أعطاهم 1500 جنيه كنوع من أنواع الاختبار لهما، وفي نيته إن استطاعا أن يضاعفا المبلغ فسيزيد لهما العطية، وبعد أن أعطاهم المال تظاهرا بأنهما يقرأن بعض التعاويذ عليه، ثم طلبا منه أن يأتي بحقيبة، وأوهماه أنها وضعا المال داخل الحقيبة، ثم طلبا منه أن لا يفتحها قبل ساعتين، وسيكون المبلغ 2400 جنيه، وأنهما سيرجعان إليه مرة أخرى، لأخذ الحلاوة.

وبعدما مرت الساعتان فتح الرجل الحقيبة فلم يجد بها المال المنتظر، فقط حجارة، هنا أدرك أنه وقع ضحية عملية نصب أحكماها عليه نصابتان لا تبلغ كبيرتهما عن 35 عامًا.

وعليه حرر على الفور محضرًا في قسم شرطة المعصرة، واستطاعت الأجهزة الأمنية من رصد السيدتين من خلال كاميرات المراقبة وتم القبض عليهما، أحدهما تدعى "نصرة.ن"، تبلغ من العمر 28 عامًا، ربة منزل ومقيمة بمنطقة صفط اللبن بالجيزة، ومطلوبة في قضية ضرب بالحبس شهرين، ومعها" ولاء" والتي تبلغ من العمر 26 عامًا، ربة منزل ومقيمة بشارع سوق السمك بالجيزة، ومطلوبة في قضية قضت فيها المحكمة بالحبس 3 أشهر.

وتبين أثناء التحقيق معهما أنهن اعتدن ممارسة تلك الأفعال بصفة مستمرة، ولم تكن تلك الواقعة الأولى لهما، بل استخدمن قدرتهما على خداع الناس بحجة ضرب الودع وقراءة الطالع وفتح المندل ليحكمن قدرتهن على ضحاياهن ثم يسرقوهن بأكثر من طريقة.