«أوسكار» الانتخابات.. الأغاني «سبوبة» الموسم بين الملحنين والشعراء الشعبيين

تعبيرية
تعبيرية

كتب: خــالــد عثــمان 

بعد تهافت المرشحين علي مطربي ومؤلفي اغاني الانتخابات باعتبارهما البوابة السحرية للسيطرة علي عقول وقلوب الناخبين وحشد أصواتهم للحصول علي كرسي مجلس النواب نجد صراعا من نوع آخر بين المطربين والمؤلفين في محاولة لكلا منهم لإثبات أنه صاحب الانفراد والسبق في ترسيخ مفهوم الأغنية الانتخابية وأنه نمبر وان والمتصدر في الساحة الغنائية لهذا اللون بهدف الوصول  لحصد أكبر مقابل مادي من جيوب المرشحين.

 

وأرجع المتخصصون نشأة الأغنية الانتخابية للفلكلور الصعيدي، حيث إن بداية ظهورها في صعيد مصر  كنوع من أنواع إضفاء البهجة والسرور ثم تطورت بعد ذلك لتتحول كنوع من أنواع السبوبة وجني الأموال حيث يتسابق صناع الأغنية لجمع أكبر عدد من المرشحين لعمل أغاني، حيث يعد موسماً في ظل الركود الفني ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل دخل الساحة مطربي المهرجانات لتحدث منافسة قوية بينهم وبين مطربي الأغاني الشعبية، حيث أن كل طرف منهم يريد الاستحواذ علي الكعكة «الأخبار المسائي» رصد هذه الظاهرة من خلال التحقيق التالى: 

في البداية يؤكد الشاعر إسلام خليل بأنه صاحب فكرة الأغاني الخاصة بالانتخابات بمشاركة صديق العمر وشريك النجاح المرحوم المطرب شعبان عبدالرحيم منوها أنه حقق من خلالها نجاحاً كبيرا منقطع النظير بعدها أصبحت (موضة أو تيمة )  سار علي دربها العديد من المؤلفين والمطربين وعن دور الأغنية في دعم المرشح أشار خليل بأنها توفر للمرشح أموالا طائلة حيث ينفق علي اللافتات والدعاية الورقية معتبرا بأنها طريقة سهلة وبسيطة للتعريف ببرامج  المرشحين مؤكداً أن أغانيه  بمشاركة. شعبولا كانت سببا في نجاح العديد من الشخصيات السياسية الشهيرة في السنوات السابقة، حيث إن ثمة الناخبين ترتبط في أذهانهم الكلمات الشعبية البسيطة والتي تعد كتعريف للمرشح عن طريق الاغاني ويؤكد الشاعر الغنائي بأن أي فكرة جديدة أو ظاهرة تتحول في لحظة من الوقت لسبوبة أو أكل عيش فنجد ان بعض المؤلفين لايتقنون صنعها ويسيروا علي طريق التقليد الأعمى بأعتبار أن هذه الفترة بمثابة جني أموال ويؤكد خليل بأنه نظرا للنجاحات. التي حققها نجد أن بعض المرشحين بعد وفاة شعبولا طالبوه بالغناء علي نفس التيمة والنغمة الشهيرة والتي كانت بصمة خاصة بشعبولا  «ااااااايه».  باعتبارنا تميمة الحظ والنجاح لأغلب المرشحين الذين قمنا بالغناء لهم مع الاختلاف  في بعض الأغاني التي نفذت بألحان مختلفة وكلمات مبتكرة.
 ،بينما يؤكد المطرب الشعبي محمود سعد الملقب بـ (لورد الأغنية الشعبية)  أنه هو أول من اخترع   فكرة  الأغاني  في الانتخابات  سنة 1990  للمرحوم  محمد السيد  في دائرة  حدائق  القبة أي أكثر من ثلاثين سنة،  ونجح  المرحوم محمد السيد  وفي الدورة  التالية تهافت  عليً  جميع  مرشحي  الدائرة لكي أغني لهم في  دعايتهم ، وأوضح سعد أن  الأغنية ليست مجرد أغنية أغنيها ولكنها  كانت  تعريف  مهم جدا  للمرشح  المجهول  في الدائرة  وكنت أؤلفها  وألحنها  بنفسي  وصارت  بعد ذلك  موضة واشتغل فيها  كل المؤلفين  والملحنين  وحتي  أصحاب  (الدي جي ) والاستوديوهات كلها  انشغلت  بهذه  النوعية من الأغاني  الدعائية التي لم  يسبقني  فيها  أحد   ومن يدعي  أنه سبقني  فهو كاذب  ومدعي  وعندما  ابتكرتها  كان لسه  في اللفة علي حد قوله  ولا يستطيع  أيا ممن  يدعون أنهم  أول من  ابتكر هذه  الفكرة أن يواجهني أو يثبت لمن وسنة كم عمل أغنية انتخابية وأقولها بكل وضوح  وتحدي أنا محمود سعد الفقير إلي الله أول من ابتكر  هذه الفكرة  في مصر  كلها وأي مطرب أو أي مؤلف يدعي أنه قبلي  فهو كاذب،  مضيفاً أنه أول من انفرد  بتأليف وتلحين لأكثر من ستة مرشحين  في دائرتي.   

ومن جانبه يدافع الملحن والموزع صلاح الكردي عن تاريخ عمه الملحن صلاح الكردي الكبير مؤكداً بأنه أول من قدم اغنية الانتخابات بألحانه منذ عشرات السنين مثل الشاعر الكبير بخيت بيومي والناقد الفني الشاعر عبدالله محمد عبدالله الشهير بمكي ماوس والشاعر الكبير المرحوم شوقي صقر والشاعر المخضرم أحمد شعير وكان ذلك في فترة الثمانينات تحديدا عام 1986 وكانت أغاني المرشحين للمرحومان الدكتور عبدالمنعم خزبك وكان يحمل رمز الهلال والحاج أحمد إدريس وكان يحمل رمز الجمل وقامت بأداء تلك الأغاني المطربة فاطمة الجنايني وتم التسجيل في أكبر استديو وقتها ستديو الأهرام .

ويتدخل السيناريست والشاعر الغنائي عبدالمنعم طه للرد علي الرأيين السابقين بقوله مخطئ مَن يدعي أنه صاحب السبق لأن هذه الأغاني تعد ظاهرة قديمة بدأت في صعيد مصر ولم تكن بالمعني المفهوم حاليا بل كانت نوع من أنواع المشاركة وإضفاء السعادة للترحيب بالمرشحين في سراداقاتهم التي كانت تقام لإستقبال الضيوف في منازل البيوت العريقة، وأوضح أن أول من قام بهذه الأغاني مطربي الربابة وهم أنفسهم كتاب وملحني تلك الأغاني وكان يتم  رصد مكافأة للمغني والمطرب كنوع من  التباهي والإحسان إليهم وعن تأثيرها في نجاح المرشح، قال الشاعر عبدالمنعم طه بأنه لا يمكن إنكار دورها الدعائي للمرشح وان كانت قليلة العدد وعن تجربته الشخصية أوضح طه بأنه كانت له تجربة مع النائب السابق رامي لكح في دائرة الظاهر أمام المرشح الدكتور عبدالأحد جمال الدين وزير الشباب والرياضة آنذاك وكان من عتاولة الحزب الوطني ووجدنا الأغنية حققت نجاحاً كبيراً وبالفعل نجح لكح في هذه الانتخابات.. يتساءل طه هل كانت الأغنية هي السبب في النجاح؟ (العلم عند الله ) ولكن ما أعرفه أنها نجحت.

ويري الشاعر الغنائي حنفي سليم صاحب أغنية بحلم وأنا صاحي للراحل حسن الأسمر - بأن أغاني الانتخابات تعتبر بمثابة بطاقة تعارف بين المرشح والمؤيدين له وجذب أنصار جدد  واصفاً إياها بأنها ليست وليدة العصر ولكنها قديمة ومستحبة، وأشار حنفي إلى أن صاحب الفكرة وأول من أبدع فيها مديروا حملة المرشح محمد محمد الجويلي ولا نعلم من هو المؤلف للنص الانتخابي أو الأغنية حتي الآن، مؤكداً أن اغاني الانتخابات لم يظهر لها شاعر أو مطرب محدد لأنها أغاني إم بي ثري يعني صوت فقط ولم يصنف ولا يتم تحديد تآريخها  لأنها تظهر في وقت الانتخابات فقط واصفا إياها بأنها من الأغاني الرائجة لأنها تساعد علي ترسيخ هوية المرشح وشرح برنامجه الانتخابي بكل سهولة ويسر ويتم تداولها وسماعها بكل حب وتحدي الشاعر الغنائي حنفي سليم اي مطرب أو مؤلف أو ملحن أن ينسب لنفسه بأنه صاحب السبق لهذا اللون من ألوان الدعاية الانتخابية منتقدا كل من يحاول أن يلصق بنفسه الأسبقية والتميز في ذلك اللون .

ومن جانبه أوضح  الشاعر الغنائى، حسن عزو، أن المرشحين لمجلس النواب كانوا حريصين على استغلال الأغانى فى الدعاية الانتخابية مقارنة بالماضى.

وأوضح» أن أغانى الانتخابات تتراوح تكلفة كل واحدة منها ما بين 8 و10 آلاف جنيه، ويحصل على الكلمات من «أفواه الناخبين»، مشيرا إلى أن كل دائرة تختلف عن نظيرتها من حيث لغة الخطاب - وقال عزو إن أغلب المرشحين لجأوا إلى الأغانى فى الدعاية رغبة منهم فى إثارة حماس الناخبين وتشجيعهم على التصويت والمشاركة، بالإضافة إلى تحريك مشاعرهم تجاه كل مرشح. - كل دائرة انتخابية تختلف عن نظيرتها، فالمناطق الشعبية مختلفة تماما عن المناطق الأرستقراطية، وبالتالى فكل أغنية مرتبطة بالناخبين ولها خطاب يتماشى مع طبيعتهم، فتجد مثلا المناطق الحرفية لها خطاب معين يتضمن أبرز المشاكل الخاصة بالتأمينات على الحياة والبطالة.


وأوضح أنه في أغلب الأحيان، يجلس مع ناخبى الدوائر مثل الصنايعية والفلاحين والعمال، فهم من يساعدوننى على كتابة الأغنية، وقال الشاعر الغنائي أن نوعية الاغاني تختلف من منطقة لمنطقة فمثلاً أحد المرشحين  طلب منى أغنية وطنية، وأغنية شعبية حتى يرقص عليها الشباب فى المناطق الشعبية، أما مرشحو الدوائر الراقية فيطلبون أغانى تتعلق بشعارات الثورة القائمة على الحرية والعدالة الاجتماعية.

ويختلف المطرب أشرف مزيكا عن سابقيه بقوله (بأن الأغنية مابتنجحشي مرشح ) ولكنها عبارة عن أداة وجواز مرور وبطاقة تعارف بين المرشحين والناخبين بالدائرة ،مؤكداً بأن لجوء الغالبية العظمى للمرشحين لتلك النوعية من الأغاني في الدعاية لهم رغبة منهم في الوصول لأكبر شريحة مستهدفة من الناخبين داخل الدائرة باعتبارها صاروخ يخترق المنازل والمحلات والمقاهي وذلك لحثهم علي التسويق والمشاركة في العملية الانتخابية، ويستطرد مزيكا بقوله إن لكل منطقة أو دائرة انتخابية ظروفها المختلفة عن الأخري من حيث نوعية الكلمات والألحان لأن المنطقة الشعبية تختلف عن المنطقة الراقية، مشيراً إلى أن كل أغنية مرتبطة بنوعية وثقافة الناخبين والخطاب الموجه للمنطقة القاطنين بها وعن تكلفة اغنية الانتخابات أشار مزيكا بأن التكلفة الإجمالية للأغنية من كتابة وتلحين وتوزيع تتراوح مابين 7 إلي10آلاف جنيه طبقا للمستوي المالي للمرشح وطبيعة الدائرة. 

ويؤكد الشاعر فضل الراوي بأن الأغنية الخاصة بالانتخابات تعتبر من الأدوات السهلة للمرشح للوصول بسرعة كبيرة للمرشحين خاصة إذا كانت مقرونة باسم شخص مؤكداً أن غنوة الانتخابات أصبحت من أساسيات الدعاية الانتخابية، أشار الراوي إلى أن الأغنية تختلف في مضمونها وشكلها حسب الفئة المستهدفة والموجهة إليها ومدي ثقافتها مضيفآً أن المنطقة الشعبية تحتاج لكلمات بسيطة تصل بالمرشح بسهولة بقلوب وعقول الناخبين أما المناطق الراقية فتحتاج لكلمات رصينة هادفة تصل لعقول الفئة المثقفة وذلك لإيصال برنامج المرشح بكل سهولة ويسهر لأنه يخاطب فئة خاصة من حيث الثقافة ومخاطبة طبيعتهم والتي تختلف اختلافاً كلياً وجذرياًَ عن المناطق الشعبية.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي