صدى الصوت

دائرة المعارف

عمرو الديب
عمرو الديب

كلمتان تعنيان الكثير جدا، على الرغم من بساطتهما، فهما تمثلان ذروة حضارية تشهد للأمة التى شيدت الصرح الذى يحمل عنوانهما، بالتفوق اللافت، والقدرة الجلية، وأعنى بالكلمتين اصطلاح «دائرة المعارف»، الذى يشير إلى ذلك السياق الشامل الذى يحتضن المفاهيم الأساسية، والحقائق العلمية، والمعارف الإنسانية فى شتى حقول العلوم على اختلاف ميادينها، فدائرة المعارف الشاملة هى تلك المعلمة التى تنظم المعارف الإنسانية كلها فى سلك واحد قد تتعدد وسائطه، من مطبوع فى عدة أجزاء ورقية،أو مرقوم على أقراص مدمجة، أو منشور على مواقع شبكة المعلومات الدولية، والمحك فى اصطلاح «دائرة المعارف الشاملة هو استيعابها لأبرز المعارف الانسانية فى شتى المجالات، حيث تتصدى إلى بسط خلاصة المعارف البشرية، ولا يخفى على كل ذى لب، ما يمثله انجاز ذلك من مشقة بالغة، وما يتطلبه من جهد خارق، ولكنها سمة التفوق، ودليل على القدرة على الانجاز، وطبعا مهمة عملاقة كإصدار دائرة معارف شاملة، يصعب أن يتصدى إليها جهد فردى، بل تستلزم إمكانات أمة بأسرها، أو مؤسسة كبرى ذات قدرات هائلة،كما حدث فى دائرة المعارف البريطانية ومثيلتها الفرنسية، والأخرى الإيطالية ناهيك عن دائرة المعارف الأمريكية أو الروسية، وكلها مشروعات عملاقة تصدت لها دول تعتقد أن إصدار دائرة معارف بلغة أبنائها أحد ملامح الدولة الحديثة المتفوقة، وإحدى سمات الهوية تماما كالعلم المرفرف الذى يعلن فى الآفاق كل لحظة حضورأمة من الأمم، ولكن للأسف شتى المحاولات المبذولة فى وطننا لإنجاز ذلك المشروع العملاق لم تتجاوز الخطوات الأولية، وما جرى تحقيقه على أرض الواقع للأسف لا يليق إطلاقا بعراقة أمتنا وخصوبتها ورصيدها الحضارى ومنجزها العلمى، وقد كتبت مرارا، وناديت تكرارا بضرورة أن تتصدى مصر العريقة بما تملكه من قامات علمية، وكفاءات فكرية، إلى إصدار دائرة معارف شاملة بالعربية تقدم خلاصة المعرفة الإنسانية فى ثوب مصرى، ولنا فى التجربة السورية التى تحققت فى هذا الصدد، والأخرى السعودية ائتناس بقدرة اللغة العربية على احتضان شتى المعارف فى مختلف الحقول والمجالات، فقد أصدرت الأولى «الموسوعة العربية» فى 24 مجلدا عام 1998، وإتاحتها على موقع «ألكترونى»، بينما أصدرت الثانية «الموسوعة العربية العالمية» فى 30 مجلدا عام 1996.