46 ألف جندي أمريكي وياباني يتدربون على الإنزال البرمائي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 تبدأ في السادس والعشرين من شهر أكتوبر الجاري أكبر عملية تدريب مشترك على الإنزال البرمائي بين الجيشين الياباني والأمريكي، يشارك فيه 46 ألفا من قوات الجيشين ويعد هذا التدريب هو الأكبر في تاريخ البلدين منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.


القوات اليابانية التي ستشارك في هذا التدريب هي قوات اللواء البرلماني في الجيش الياباني، وهو تشكيل قتالي مستحدث، أما القوات الأمريكية المشاركة فهي تشكيلات من مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) وسيكون مسرح هذا المشروع التدريبي الضخم هو سواحل جزر أوكيناوا المواجهة للشواطئ اليابانية.


وأطلقت قيادة الباسيفيك الأسيوي التابعة للقوات المسلحة الأمريكية على التدريب مسمى "السيف المتحمس" وأكدت في بيان لها نشرته دورية ستارز اند ستريبس الأمريكية المتخصصة في الشأن الدفاعي والعسكري أن اللواء البرلمائي المستحدث في الجيش الياباني الذي سيشارك في التدريب هو جزء من قوات الانتشار السريع اليابانية المسئولة عن الدفاع عن الجزر اليابانية المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي.


وكشف بيان قيادة الباسيفيك الأسيوي في الجيش الأمريكي أن تدريب و تشكيل لواء العمليات البرمائية اليابانى يتم وفق أسلوب التدريب القتالي الأمريكي المتطور ويهدف إلى دعم قدرة القوات المسلحة اليابانية على تنفيذ عمليات انتشار عسكري سريعة الحركة في مختلف مسارح العمليات بما في ذلك مسارح العمليات الساحلية و كذلك أعمال الإغارة على الأهداف الشاطئية المعادية.


وأكد البيان الأمريكي عزم قوات مشاة الأسطول في الجيش الأمريكي وقيادته على العمل المشترك في المرحلة القادمة مع القوات المسلحة اليابانية لتعزيز قدراتها الدفاعية والقتالية ومواصلة برامج التدريب القتالي التي بدأت في العام الماضي، حيث استضافت استراليا تدريبات مشتركة للواء البرلمائي الياباني المستحدث والمارينز الأمريكي، وذلك في إطار التدريبات المشتركة التي تتم كل عامين على الأراضي الأسترالية تحت عنوان / السيف المعوذ - Talisman Sabre / .


وكشفت مصادر عسكرية أمريكية أن التدريب البرمائي المشترك بين القوات الأمريكية و اليابانية للعام 2020 يتم إدارته من قيادة قاعدة أوكيناوا الأمريكية الثالثة التي تستضيف الآن تسعة ألاف من جنود المارينز الأمريكيين الذين سيتدربون جنبا إلى جنب مع جنود يابانيين في الأسبوع القادم، كما ستشارك في التدريب وحدات معاونة من القوات البحرية والجوية لليابان و الولايات المتحدة وسيتم – بحسب المصادر الأمريكية – التدريب داخل حدود المياه الإقليمية اليابانية في أكويناوا.


وأضافت أن المشاركين من الجانب الأمريكي هم عناصر من الأسطول السابع الأمريكي ومن الوحدة 94 دفاع جوى وصاروخي في الجيش الأمريكي، ومفرزة التنسيق الخامسة في القوات البرية الأمريكية، كما ستشارك كندا في هذا التدريب المشرك بفرقاطاتها هاليفاكسHalifax-class frigate في شق العمليات البحرية المتعلقة بعمليات الإنزال التدريبي المزمع إجراؤها بالاضافة إلى المراقبين والخبراء العسكريين.


وتعكس ضخامة عدد القوات اليابانية المشاركة في عملية التدريب البرمائي مدى الأهمية الاستراتيجية للتدريب غير المسبوق بين اليابان و الولايات المتحدة ، إذ يصل عدد القوات اليابانية التي ستنفذ عملية الإنزال البرلماني التدريبي في مياه أوكيناوا اليابانية 39 ألف جندي ياباني منقولين في 20 سفينة إنزال برمائي و170 مروحية إنزال، وذلك بحسب البيانات الصادرة عن قوات الدفاع الذاتي اليابانية / الجيش الياباني/ .


ويقول المراقبون إن اليابان قد بدأت في تعزيز قدراتها على الانزال البرمائي بصورة كبيرة في الاعوام القليلة الماضية بسبب تصاعد التوتر بينها وبين الصين في منطقة شرق بحر الصين الذي تزعم اليابان بأحقيتها في السيادة فيه على جزر شينكاكو / Senkaku / التي تطلق عليها بكين اسم جزر دايو / Daioyu / و تزعم بكين ان لها – هي الاخرى – حقوق سيادة عليها .. ويقول الخبراء ان تلك الجزر بدأت الاستكشافات النفطية في تأكيد احتوائها على احتياطيات ضخمة من الغاز و النفط.


ومن الناحية العسكرية.. ترصد اليابان بقلق تحرك الصين باتجاه تعزيز قدراتها على تحريك قوات صينية ضخمة عبر وسائل الانزال البرمائي ، و من ثم تحركت اليابان من اجل بناء قدرات موازية للقدرات الصينية على الإنزال البرمائي ووجدت طوكيو في الولايات المتحدة – المنافس التقليدي للصين – حليفا قويا لها بعد تاريخ عداء طويل منذ الحرب العالمية الثانية.


يقول جرانت نوشام وهو كولونيل بحري سابق في الأسطول الياباني وعضو هيئة خبراء منتدى الدراسات الاستراتيجية الياباني في اتصال هاتفى اجرته مع دورية / ستارز اند ستريبس / الأمريكية في أغسطس الماضي انه يجب الانتباه إلى خطورة تنامى قدرة الصين على امتلاك قوات ضخمة لعمليات الانزال البرلمائي فهي تثير مخاوفا لدى واشنطن و حلفائها الاقليميين في آسيا.


ويقول المراقبون أن ثمه سباقا محموما بدأ في العام الماضي بين الصين و اليابان على صعيد امتلاك قدرات حاسمة لتنفيذ عمليات الانزال البرمائية لقوات بأعداد كبيرة ، ففي العام الماضي دشنت الصين سفينتى انزال برمائيتين هجوميتين من طراز Type 075 وكلاهما من نفس الحجم و القدرة و الكفاءة العملياتية لسفن الإنزال البرمائي الأمريكية المعروفة USS Wasp، ومن المقرر بحسب تقديرات الخبراء أن تدشن الصين ثالث سفن الإنزال البحري الهجومية قبل نهاية العام الجاري.


ويؤكد الخبير الياباني أنه إذا كانت التقديرات الأولية لأجهزة الاستخبارات الأمريكية الدفاعية تشير إلى حداثة عهد قدرة الصين على إدارة هذا النوع من العمليات الانزالية الهجومية لقوات برمائية ضخمة في الوقت الراهن، إلا أنه لا يجب تجاهل حقيقة أن الصينيين يتميزون بأنهم "سريعو التعلم واكتساب الخبرة".

 

وعلى هذا الأساس يؤكد خبير منتدى الدراسات الاستراتيجية الياباني أهمية المناورات البرمائية القادمة بين القوات الأمريكية واليابانية التي ستجرى في الأسبوع القادم لما سيكون لها من إسهام في تعزيز القدرة العملياتية للواء البرلمائي المستحدث في الجيش الياباني ومحاولة خلق توازن مع التطور المتسارع للقدرات العسكرية البرمائية للصين.


وكانت وزارة الدفاع اليابانية قد طلبت اعتماد موازنة قدرها 52 مليار دولار أمريكى للعام 2021 أي ما يعادل 49ر5 تريليون ين ياباني و بزيادة نسبتها 3ر3 في المائة عن اعتمادات الدفاع للعام الجاري 2020 و كانت 32ر5 تريليون ين أي ما يعادل 50 مليار دولار أمريكي.


ويعكس ارتفاع مستوى الإنفاق الدفاعي لليابان على هذا النحو حذرا من جانب طوكيو من تنامى ما تعتبره تهديدات من جانب الصين و كوريا الشمالية و من ثم تعمل اليابان على امتلاك قدرات دفاعية جيدة مع التركيز على توظيف التكنولوجيا اليابانية في مجالات تتعلق بالدفاع الفضائي و الأمن الرقمي وإجراءات الدفاع الرقمي والسيبراني وكذلك تطوير منظومات جديدة للحرب الاليكترونية وإنشاء وحدة جديدة للدفاع الذاتي الفضائي في طار استراتيجية تطوير القوات الجو – فضائية اليابانية.


كذلك سيكون من بين بنود الموازنة الدفاعية الجديدة لليابان للعام 2021 اعتماد قيمته 92ر1 مليار دولار أمريكي لشراء طائرات شبح أمريكية طراز / اف – 35 / لتعزيز قدرة سلاح الجو الياباني و 218 مليون دولار أمريكي لتطوير و رفع كفاءة مروحيات النقل العسكرية اليابانية.


وتضمنت موازنة الدفاع اليابانية للعام القادم كذلك بندا بقيمة 9ر1 مليار دولار أمريكي لتغطية كلفة استضافة القوات الأمريكية المتواجدة على الأراضي اليابانية و سداد رواتب أطقم المعاونة اليابانية العاملة معها و تنفيذ عمليات الصيانة اللازمة لمنشآت إيواء القوات الأمريكية و اليابانية المعاونة وذلك بموجب الاتفاقات المبرمة بين حكومتي الولايات المتحدة و اليابان التي يعود تاريخها إلى تسويات الحرب العالمية الثانية وهزيمة اليابان أمام القوات الأمريكية فيها.