نشأت الطفلة ملك ١٣ عاما في بيئة مترفة، فاسدة، وباتت تبحث عن الحب في قلوب متحجرة، بعدما تزوج أبيها من أخرى، والأم تقبع بين جدران السجن، لقضاء عقوبة الاتجار في المخدرات، وتولت خالتها، وزوجها اللذان تعلو وجهيهما هبة الإجرام، ولم تكن تعلم بأنها ستصبح ضحيتهما، بعدما أذاقها أبشع أنواع التعذيب دون رحمة أو شفقة، ولم يكتفيا بالاعتداء عليها بالضرب، والصعق بالكهرباء، بينما كانا يعذبانها بقطرات الزيت المغلي الذي لم يتحمله جسدها الضعيف، وماتت متأثرة بجراحها.
وكانت أرض الصحراء التي تبعد عن الكتلة السكانية بمنطقة القطامية، ساخنة ملتهبة، كأنها جوف فرن متقد، لاينبت من جوفها زرع، ولا ينفجر من آبارها ماء، بينما كانت ملك ترقد داخل جوال، وحولها الرمال الممتدة بصفرة فيها بريق الذهب ولمعان التبر،
ويمر عليها اليوم قائظا محرقا، ويودعها بليل هادئ رطب، وما إن وقعت عين أحد المارة عليها، جحظت عيناه، وتسارعت دقات قلبه من هول المشهد، وسارع بإبلاغ المقدم محمد الألفي رئيس مباحث قسم شرطة القطامية، والذي انتقل على الفور بمصاحبة معاونيه، ورجال المباحث، لمعاينة جثة الطفلة التي تبين وجود آثار تعذيب، وكدمات بجسدها، لم يغمض لهم جفن، وعلى الفور تم عمل تحريات مكثفة تحت إشراف العميد عمرو إبراهيم رئيس مباحث القاهرة الجديدة، لحل لغز مقتل الطفلة، خاصة بعد فحص بلاغات التغيب على مستوى الجمهورية، وتبين عدم وجود أية بلاغات تحمل مواصفات الطفلة.
وفي أقل من ٧٢ ساعة كشفت التحريات عن شقيقة الطفلة التي ذكرت بأنها كانت تقيم برفقة خالتها، وزوجها، بمنطقة القطامية، واللذان تركا المنزل، وتمكن رجال المباحث من القبض عليهما بمنطقة اللبيني بحي الهرم، وتبين أنهما من عتيدي الإجرام، وبتضييق الخناق عليهما اعترفوا بجريمتهما، وأنهما كانا يقومان بتعذيبها، ومعاقبتها بالاعتداء عليها بالضرب، وصعقها بالكهرباء عندما هددتهما بإبلاغ الشرطة عن قيامهما بإدارة دولاب للمخدرات، وأثناء تعذيبها بالزيت المغلي لفظت أنفاسها الأخيرة، فما كان منهما إلا أن حملاها داخل جوال، وقاما بإلقاءها وسط الصحراء، معتقدين الهرب من جريمتهما.
وتم عمل المحضر اللازم، وأحالهما اللواء نبيل سليم، مدير مباحث العاصمة إلى النيابة التي صرحت بدفن جثة الطفلة الضحية، وقررت حبسهما ٤ أيام على ذمة التحقيقات.
