«بلاغ لمن يهمه الأمر».. كتب الجماعة الإرهابية على أرصفة القاهرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتب: علي عبد الحفيظ

الجماعة تتحايل على قرارات التحفظ.. وتروج مؤلفات البناء وقطب والهضيي بأسعار زهيدة

المراقبون: ينشرون أفكارهم الهدامة ولجانهم الإلكترونية تبث السموم
 

ما زالت جماعة الدم والإرهاب تلقي رمادها ونيرانها وسمومها على المجتمع، فبالرغم من المواجهات المسلحة بين تلك العصابة الإرهابية وجميع مؤسسات الدولة؛ فإنها حتى اللحظة لم تتوان عن نشر منهجيتهم وفكرهم الدموي الهدَّام.

وعلى الرغم من تحفظ الأجهزة المعنية على جميع دور النشر والطباعة المملوكة لجماعة الإخوان الإرهابية إلا أنَّه ما زالت كُتب ومؤلفات قيادات وعناصر التنظيم الإرهابي تُباع على الأرصفة للعامة وبأسعار زهيدةٍ جداً لا ترقى إلى سعر الطباعة خاصة كُتب ومجلدات لقياداتهم الأوائل أمثال حسن البنا، وسيد قطب، وحسن الهضيبي.

ما يُؤكد أنَّ التنظيم الإرهابى يدعم تلك الكتب والمجلدات التي تحوى بين طياتها وصفحاتها منهجهم وأفكارهم الهدامة لاستقطاب أكبر عدد مستهدف من المواطنين، حتى تُصبح في متناول العامة في محاولة لغزو العقول بالفكر الهدام.

في البداية أكد منير أديب الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن جميع التنظيمات الإرهابية لديها العديد من دور النشر والطباعة ما يساعدها لنشر أفكارها الهدامة من خلال طباعة كُتبهم ومؤلفاتهم التي تحمل بين طياتها أفكارهم ومرجعياتهم ومنهجهم المتطرف وتوزيعها وبيعها للعامة بأسعار زهيدةٍ لا ترقى إلى مستوى التكلفة أو الطباعة للوصول لأكبر قدرٍ من المواطنين المستهدف الوصول إليهم ومحاولات نشر فكرهم المتطرف وإدخاله كل بيت مصري، فضلا عن لجانهم الإلكترونية التي تروج لسموم الجماعة في جميع وسائل الاتصال.

ونوه بأنَّ حسن البنا مؤسس تلك الجماعة الإرهابية أنشأ عام 1933 أول جريدة لجماعة الإخوان، أي بعد 5 سنوات من نشأة التنظيم، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تلك الجماعة الإرهابية منذ نشأتها تدرك مدى أهمية دور النشر والطباعة لنشر كُتبهم وطباعتها طباعة فاخرة وبيعها للجمهور المستهدف بأسعار أقل من تكلفتها لأن الغرض منها ليس الربح.

وأكمل: "الربح المستهدف المرجو تحقيقه هو وصول الكتاب الذي يحمل بين صفحاته أفكارهم ومنهجيتهم وتوجهاتهم كل بيت مصري، ما يعني أنَّ مجلداتهم ومؤلفاتهم نواة مهمة وأساسية لتلك الجماعة لنشر أفكارها".

«المهام والاستراتيجية»

وكشف الباحث فى شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب منير أديب، أن جماعة الإخوان الإرهابية وضَعت في استراتيجياتها لاقتحام عقول الشباب بأفكارها الهدَّامة عدة أطر أهمها طباعة الكتب الخاصة به والتى تحمل رسائل توجيهية وإرشادية والتي لا يتم تداولها إلا بين أعضاء التنظيم لا يقرأها ولا يُسمح بالاطلاع عليها للقارئ أو المواطن العادي.

والإطار الآخر طباعة كُتب أعضاء الجماعة الموجهة للعامة والتي تحوى منهجيتهم وأفكارهم السوداء ومحاولات التشويه في العقيدة والفكر وبيعها للعامة بأسعار زَهيدةٍ لا تحقق ربحاً والهدف منها استقطاب السقف العادي من العامة ومحاولات تفكير أنماط تفكيرهم بما يتماشى مع أفكارهم الهدامة.

«كتب الأرصفة»

وأوضح منير أديب- الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي- أنه بعد ثورة 30 يونيو تم إغلاق جميع دور النشر المملوكة لعناصر التنظيم وكذا التي تعمل خارج إطار القانون والتحفظ عليها والتي كانت تقوم بطباعة وتوزيع مؤلفات وكتب عناصر الجماعة الإرهابية، وهنا لجأت عناصر التنظيم إلى عدد من تجار وبائعي الكتب على الأرصفة لعرض كتبهم وبيعها بأسعار زهيدة للعامة خاصة أن هؤلاء لا يتم تعقب مصدر هذه الكتب التي يعرضونها للعامة حتى نرى أنَّ هناك كتباً ومجلدات لعناصر وقيادات التنظيم، طبعت منذ عشرات السنين وما زالت تتم طباعتها وتداولها حتى الآن بطباعة فاخرة لا تقل النسخة الواحدة في تكلفتها عن 100 أو 80 جنيهًا في حين يتم بيعها بـ 15 أو 20 جنيهاً، وربما 10 جنيهات في محاولة لإدخال تلك الكتب جميع منازل المواطنين.

ويؤكد ذلك أنَّ هُناك دَعماً مادياً من قبل تلك الجماعة الإرهابية لدعم وتخفيض القيمة المادية لسعر الكتاب بهدف غزو المنازل ونشر فكرهم ومنهجيتهم، والأمر يتطلب دَعم المؤسسات الدينية في الرد ومواجهة تلك الأفكار الدموية والهدامة والتي يستدل فيها أعضاء التنظيم بأحاديث ضعيفة وشاذة يستندون بها لأنها تتماشى مع فكرهم المتطرف، بالرغم من أن هناك مواقف مشرفة للأزهر الشريف وعلمائه تجاه آراء وأفكار ومنهجية جماعة الإخوان الإرهابية ويكفي أنَّ شيخ الأزهر الأسبق الراحل مصطفى المراغي، سجَّل أول موقف من جماعة الإخوان عام 1954 حين طالب أحمد ماهر، رئيس وزراء مصر آنذاك بحل تلك الجماعة.

«التوسع فى دور النشر»

من جانبه قال عمرو فاروق- الباحث في شؤون الحركات والجماعات الإرهابية إنَّ جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها وضعت استراتيجية لتأسيس دور النشر والتوسع في انتشارها داخل المحافظات المختلفة، فضلا عن أنهم طبعوا كتبهم التي حملت منطلقاتهم الفكرية القائمة على التكفير وجاهلية المجتمع، وتوزيعها في طباعات فاخرة وبأسعار زهيدة حتى تصل إلى مختلف شرائح المجتمعين المصري والعربي.

وأضاف «فاروق»: «الجماعة خلال مرحلة الرئيس مبارك نَشَرت كُتبها في شكل حملات مجانية بهدف كسب أكبر عدد ممكن من الأتباع والمؤيدين لفكرها واستمالتهم لمشروعها التخريبي الهدَّام، لاسيما المكتسبات التي تخاطب الشريحة العمرية الأقل بين الشباب للتأثير على قناعتهم مبكرًا».

«سور الأزبكية»

وأوضح الباحث فى شؤون الجماعات الإرهابية- عمرو فاروق، أنه تماشياً مع سياسة جماعة الإخوان الإرهابية للوصول إلى قطاع أكبر واستهداف مختلف الفئات العمرية لنشر أفكارهم أيضاً لجأت إلى سور الأزبكية وتجار الأرصفة لبيع كتبهم وتوزيعها لأكبر جمهور بأسعار مخفضة جداً وبأقل من أسعار الطباعة أحياناً وبتخفيضات تصل إلى 80 جنيهًا في أحيان أخرى، مدعمة من أموال التنظيم حتى تصل أفكارها المنحرفة إلى كل بيت مصري.

وأكمل: «كُتب أعضاء الجماعة الإرهابية المتداولة على الأرصفة وبيعها للعامة دون رقيب بمثابة قنابل موقوتة لا تقل خطورتها عن بيع الأسلحة التي تستخدم في العمليات الإرهابية، لكونها تؤصل لمفاهيم الخروج على الحاكم، وجواز استخدام القوة المسلحة من أجل إقامة مشروع دولة الخلافة والوصول لأستاذية العالم التي طرحها حسن البنا في كتاب الرسائل». 

«القرضاوي وقطب»

ولفت الباحث عمرو فاروق إلى خطورة ما تحويه كتب الجماعة الإرهابية المتداولة من تكفير المجتمع، وتفسير القرآن حسب أهوائهم ومرجعياتهم وهو ما شهد به أحد قياداتهم، حيث قال مفتى الدم والإرهاب يوسف القرضاوي في إحدى لقاءاته التليفزيونية إنَّ كتاب "في ظلال القرآن" لـ سيد قطب ملئ بالتكفير الصريح، وهو الكتاب الذي يحمل المنهجية والأطر الفكرية لنظريات سيد قطب، والذي يستخدم فيه التصورات الأدبية في عملية التفسير ويركز فيه على الإطار الحركي للجماعة وكذا كتابه «معالم في الطريق» والذي يصف فيه قطب آنذاك أن المجتمع أصبح يتعايش في ظل ما يعرف بالجاهلية الأولى أي مرحلة ما قبل النبوة.

وأكمل: "هذه هي الأفكار التي تتربى عليها القواعد التنظيمية، في مختلف دول العالم، وأصبحت مرجعيات فكرية مثل كتاب «المنهج الحركى للسيرة النبوية» لمؤلفه السوري القيادي الإخواني منير الغضبان، والذي استساق فيه الكثير من أدبيات التكفير لـ سيد قطب".

وأشار إلى أنَّ جميع الحركات المحسوبة على «الإسلام الحركي» أو «التيار الجهادي المسلح»، خرجت من الوعاء الفكري لجماعة الإخوان التي أسسها حسن البنا عام 1928.

«تيارات موالية لـ الجماعة»

كما نوه عمرو فاروق- الباحث فى شؤون الحركات الإرهابية بأنَّ عدداً كبيراً من تيارات «السلفية السائلة»، يميلون إلى جماعة الإخوان وموقفها المعادي والمحرض ضد الدولة المصرية ومؤسساتها.

وأوضح «فاروق» أنَّ خطورة تلك التيارات السلفية أنها بيئة صالحة وداعمة للسلفية الجهادية المتمثلة في تنظيم داعش وتنظيم القاعدة، فضلاً عن تبنيها رؤية وأفكار سيد قطب التكفيرية رغم عدم إفصاحها الكامل لمثل هذا الخطاب أمام العوام من الناس، ما يعني أنها تمثل حالة تماهي بين الإخوان وجماعات العنف المسلح بشكل عام ولها كتبها ومؤلفاتها المطروحة والمعروضة أمام العامة والتي تحوى أفكاراً متشددة ما يمثلُ خطورة على المجتمع.