محمد البهنساوي يكتب: البطة المرتاحة.. والمليارات الضائعة !!

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

- عشوائيات السياحة.. لا للتصالح والإزالة هى الحل 

- بعد حادث المكسيكيين الظاهرة تتكاثر وفضائح المواقع الوهمية تتضاعف

- الحل السحري في «أدراج» الدقي و«بوابة» العباسية.. ينتظر قرار العناني!

 

«شركة ال...... للخدمات السياحية».. هكذا وعلى عينك يا تاجر طالعتني لافتة محل بمحطة بنزين في أشهر مناطق التجمع الخامس.. لتعلن الشركة عن رحلاتها المتميزة بالبر المصري وأسعارها الخاصة للحجز بالفنادق وغيرها.. ويستقبل  موظفوا الشركة عملائهم بثقة وراحة بال.. قد يتسائل القارئ الكريم ما المشكلة في كل هذا ؟.. وهنا نوضح أن هذا الإعلان والنشاط مخالف للقانون ويتحدى الرقابة الحكومية ممثلة بوزارة السياحة وشرطة السياحة والأثار وغيرهما.. فتلك المكاتب لا تحمل رخصة من وزارة السياحة وبالتالي كل أنشطتها مخالفة. 

والأنشطة السياحية غير المرخصة تشبه مصانع وأنشطة بير السلم وعشوائيات البناء بل أشد خطرا.. فإذا كانت تلك الأنشطة غير المرخصة تتشارك في التهرب الضريبي وغياب الرقابة عليها مما يضيع المليارات على خزينة الدولة.. وتقديم منتجات تهدد حياة المواطنين.. فإن الأنشطة السياحية العشوائية تهدد سمعة مصر عالميا وتعرض السائحين للخطر بعيدا ضوابط ومعايير وزارة السياحة وجهات حكومية عدة.

البطة المرتاحة وبوزها

ولمزيد من الشرح فإن كافة الأنشطة والخدمات التي تقدم للسائحين تتم وفق ضوابط صارمة ورقابة حازمة وعقوبات مشددة للمخالفين.. ويتم بعشوائيات السياحة تقديمها بلا ضوابط أو رقابة أو عقوبات.. ويعد ترخيص المحليات بابا خلفيا لتقديم تلك الخدمات تحت يافطة بأسماء شبه سياحية.. مثل واجهة المحل التي أشرت إليها بداية المقال الموجودة بمحطة بنزين الحي الراقي.. شركة تحمل ترخيص محليات وترفع شعار خدمات سياحية.. وياله من شعار خادع يتم تحته حجز فنادق وبيع رحلات وإستقبال سائحين وتنفيذ برامج ورحلات سياحة داخلية.. وكلها أنشطة لا يجوز تقديمها إلا من خلال شركات السياحة المرخصة من الوزارة وهو نص قانوني غائب منذ عقود.. وهناك شركات نقل المواطنين بأشكالها المختلفة ولا يجوز لها نقل سائحين أو تنفيذ برامج سياحية.. لكن بعضها يفعل ذلك بأريحية شديدة وبلا خوف.. وكلنا نتذكر شركة نقل رفعت شعار «البطة المرتاحة للسفر والسياحة» وتحته قامت بكل أنشطة شركات النقل السياحي الخاضعة لضوابط صارمة لنقل السائحين والإخطار بخط سيرهم لتأمينهم والسير في طرق بعينها .. كل هذا لا تخضع له «البطة المرتاحة» إلا أنها تنفذ رحلات للسائحين بمزاجها وتخرج «بوزها» للأجهزة الرقابية المختلفة.. نصل لنقطة مهمة في الأنشطة غير المرخصة ألا وهى المطاعم والكافهيات المرخصة من المحليات أيضا والتي تستقبل السائحين بلا ضوابط وغياب الرقابة الغذائية كما أنها معفاة من ضرائب ورسوم مفروضة على أمثالها من المطاعم السياحية مما يهدر مئات الملايين على الدولة.. وأخيرا الخريطة التي تزاحم الشركات المرخصة في بيع الرحلات الإختيارية للسائحين دون رقابة أو تنظيم.. وهؤلاء يملأون محلات ومقاهي وشوارع المدن السياحية.

عشوائية إلكترونية

ومع التطور التكنولجي الكبير هناك أيضا عشوائية سياحية فرضها الإنترنت.. وتلك مصيبتها كبيرة ومخاطرها مضاعفة.. وبدأت تلك الظاهرة تستفحل بمصر وتهدد الإقتصاد القومي والكيانات السياحية القائمة.. وببساطة شديدة يمكن لأي شخص فورا إنشاء موقع إلكتروني وإطلاق اسم «مجعلص» عليه مثلا بوابة مصر الوحيدة.. أو المنفذ المضمون للسياحة المصرية.. أوحتى البوابة الرسمية للسياحة المصرية.. أي إسم بلا رقيب ويبدأ في بيع الرحلات لمصر وحجز الفنادق وتنظيم الرحلات.. ونكون أمام خيارين أحلاهما شديد المرارة.. إما أن تكون مواقع وهمية تنصب على السائحين باسم مصر .. وتلك مصيبة وفضيحة لا تقل عنها أن يتم بالفعل تنظيم الرحلات ولكن بعيدا عن أعين الدولة ورقابتها وما يشمله ذلك من خطورة شديدة.. ولعل ما يجسد هذا النوع لو تذكرون حادث السياح المكسيكيين بالواحات منذ سنوات.. وتعرضهم للقصف بعد سيرهم في منطقة عمليات ملتهبة مع عدم علم أي جهة برحلتهم التي نظمها مرشد سياحي عن طريق شركة باعت إسم شركتها وقبله باعت ضميرها وعرضت سمعة بلدها للخطر .

وتوقعنا بعد هذا الحادث السيطرة علي تلك الرحلات ومنعها.. لكن للأسف العكس هو الصحيح فالآن حدث ولا حرج علي كم المواقع الوهمية التي تبيع اسم مصر قبل أن تبيع رحلاتها.. بعضها وهمي ونصب ..والبعض الاخر لموظفين سابقين بشركات سياحة .. او مرشدين سياحيين يستعينون بشركة سياحة فاشلة تمنحهم ورق الشركة مقابل بضع دولارت زهيدة عن كل سائح ليفعل صاحب الموقع بالسياح ما يشاء بلا رقابة ولا خوف من حساب.

الحل سهل 

البعض قد يرى أن هذا التوقيت الصعب للسياحة ليس مناسبا لإثارة تلك المشكلة العالقة منذ عقود ..لكني أختلف معهم فهذا انسب وقت للقضاء علي تلك الظاهرة .. فالوزير الدكتور خالد العناني يقتحم ملفات ساكنة منذ عقود ويسعد بحلها او تحريك المياره الراكدة بها ..كما ان هناك رغبة صادقة لمواجهة كافة الكائنات العشوائية والغير مرخصة بجانب الدعم الرئاسي الكبير للسياحة ..وإذا كانت مخالفات البناء تحتمل المصالحة.. لكن عشوائيات السياحة وكياناتها الغير مرخصة تحتاج الإزالة الفورية بلا تردد. 

وأعتقد أن الوقت مناسبا جدا أمام العناني للإقتحام الفوري لهذا الملف المسكوت عنه منذ عقود.. وهناك الدور المهم لإتحاد الغرف السياحية ورئيسه الخلوق احمد الوصيف ورؤساء الغرف لفتح الملف ..أما كيفية معالجته تسير في إتجاهين متوازيين ..اولهما الكيانات الغير مرخصة التي تمارس كافة الأنشطة السياحية.. وهناك تصورات محددة وواضحة بكل غرفة في مجال عملها حول آلية مواجهة تلك الكيانات.. وعلى وزير السياحة والآثار إستغلال المجموعة الوزارية السياحة وعرض المشكلة بكافة تفاصيلها خاصة خسائر الدولة من تلك الكيانات ليتم فورا إصدار قرارات وزارية تمنع عمل أية كيانات بالأنشطة السياحية المختلفة الا بترخيص من وزارة السياحة وطبقا لإشتراطاتها ووضع عقوبات مشددة للمخالفين 

البوابة القديمة الجديدة


نصل للجانب الأهم الا وهوالكيانات الإلكترونية التي تعبث بالنشاط السياحي وسمعة مصر .. وهنا الأمر أسهل أمام الدكتور خالد العناني لعدة أسباب .. أولها أن هناك جهد سابق ومهم يمكن البناء عليه سواء من دراسات بدأت بلجنة السياحة بالبرلمان ورئيسه الخبير السياحي عمرو صدقي التي قطعت شوطا في وضع قانون للسياحة الإلكترونية ينبثق عن قانون للتجارة الإلكترونية عامة .. وثانيا كان هناك حل سحري تم التوصل اليه أيام الوزير الأسبق هشام زعزوع بإنشاء منصة كبري للسياحة المصرية ولا يتم السماح بتنفيذ أية رحلات أوحجز إلكتروني الا من خلال تلك المنصة .. ووضع ضوابط لا تسمح لأي كيان غير مرخص سواء شركة أو فندق او أوتوببيس أو مطعم بالعمل علي المنصة ..وهو ما يضمن حقوق الدولة وسمعتها ومصلحة السائح من هذا النشاط.
 
مشروع المنصة كاملا ذهب وقتها الي إتحاد الغرف السياحة لتفعيله الا انه دخل الأدراج بمقر الإتحاد في الدقي ولم يخرج .. فمن السهل أن يبحث عنه يخرجه للنور أحمد الوصيف .. اما حكاية تفعيل المنصة السياحة فهناك فرصة سانحة متميزة الا وهي بوابة العمرة التابعة لوزارة السياحة وأدير العمل بها من قطاع الشركات بمقر الوزارة في العباسية وما يخطط لها من تطوير حاليا بين الوزارة وغرفة الشركات  .. فمن الممكن إستغلال تلك البوابة والجهد الذي بذل فيها لبدء إطلاق وبناء المنصة السياحية المنتظرة ..وهنا نراهن علي نشاط العناني وثقته الت تدفعه للبناء علي ما تم قبله وليس نسفه.

الأحلام قديمة جديدة.. فهل يفعلها العناني ويحولها إلى واقع ؟