كل يوم

كل الفخر.. رغم كل الأكاذيب

أحمد عبدالرؤوف
أحمد عبدالرؤوف

كنتُ وما زلتُ وسأظل فى حالة فريدة من الفخر كلما تأملتُ ما جرى ظهيرة يوم 6 أكتوبر قبل 47 عاما.

دهشتى تصل حد الذهول وفخرى يبلغ عنان السماء، حين أعرف أن صمت القبور كان يخيم على الضفة الشرقية من القناة يوم 5 أكتوبر، وخلال ساعات أصبح لنا فى سيناء الحبيبة 80 ألف رجل.

تلمع عيناى اعتزازا وأنا أتخيل خط الجبهة بطول نحو 160 كيلومترا، وقد تراصت بامتداده قرابة 2000 قطعة مدفعية تمطر بنيرانها العدو.

أهتز من داخلى زهوا، أمام الضربة الجوية الساحقة بنحو 220 طائرة مقاتلة فقط. تتملكنى العزة والنشوة كلما سمعت من رجالنا الأبطال أولاد الفلاحين كيف كانوا يقبلون على الموت بكل جسارة، بينما كان عدوهم يعيش لحظات الرعب مختبئا خلف تحصيناته ودروعه.

إحساسى كان فى قمة الفخر حين رأيت مراسلا غربيا أمام جداريات على مشارف القدس المحتلة وفوقها حفرت أسماء آلاف مؤلفة من القتلى الإسرائيليين، مشيرا للجزء الأكبر منها لقتلى الاحتلال فى معارك الدبابات فى سيناء. تتأكد ثقتى فى تحرير أرضنا بقوة السلاح حين أجد مصر تعيد فتح قناة السويس عام 1975 قبل ثلاث سنوات من أى مفاوضات.

سيقولون لنا إن ثغرة الدفرسوار حولت الهزيمة إلى نصر، وإن القوات الإسرائيلية أصبحت على بُعد 100 كيلو متر من القاهرة، وسوف ينسجون قصصا عن زرع جواسيس بيننا، وسيزعمون كسبهم تلك الحرب.

سيحاولون طمس صور أسراهم وهم أذلاء يلطخهم عار الهزيمة بعد أول حرب حقيقية يخوضونها منذ اغتصابهم أرض فلسطين.

فى كل عام سيختلقون قصة جديدة قد يدارون بها خيبتهم، بعدما تركوا − وهم يبكون دما − أرضا أمسكوا بها غصبا، وهم الذين لا يتركون أرضا احتلوها إلا إذا رأوا ∩العين الحمرا∪ وذاقوا مرارة الحرب والقتل والأسر.

إن هذا الجيش الجبار المنظم والرجال الأشداء الشجعان قفزوا فوق الموت وأذاقوا إسرائيل كأسا ستظل تتجرع مرارتها سنظل نتباهى بأعظم وأمجد أيام تاريخنا، ولن نلتفت كثيرا للأكاذيب مهما حبكها صانعوها ومهما جمّلها المروجون لها.