أكاديمية الفنون تسبح في بحر الإهمال.. وأزمات هيئة التدريس تنعكس على الطلبة  

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتب: ميرفت عمر

تغرق أكاديمية الفنون «مصنع النجوم» في بحر من الإهمال لسنوات طال كل شيء، تتغير المناصب القيادية بها ولا تحرك ساكنًا في مظهرها وأدواتها وحتى مناهجها، بعد أن ظلت لعقود منارة ثقافية يطمح للالتحاق بها من شغفه الفن ورغب في المعرفة الأكاديمية لأساسياته، أو ليتتلمذ على يد عمالقة الصورة والإخراج والسيناريو مثل علي بدرخان ومحمد عبدالعزيز وسعيد شيمى ومحسن زايد وداوود عبدالسيد، الذين تحملوا ضعف المكافآت والإمكانيات التي تساعدهم على مواصلة العطاء دون تقدير لمكانتهم، مما اضطر عدداً كبيراً منهم للتدريس فى أكاديميات خاصة أو تأسيس أخرى لنفس الغاية، وخوى البناء من عمالقته مع الوقت إلا القليل ممن لديهم القناعة بضرورة تواجدهم والتصدي للأزمات. 

ويتبع أكاديمية الفنون عددا من المعاهد المهمة هى السينما والفنون المسرحية والباليه والكونسرفتوار والنقد الفني والفنون الشعبية والموسيقى العربية، إلى جانب فرع الإسكندرية الذي بدأ تشغيله العام الماضي بما يتضمنه من أقسام موازية، وتخرج من الأكاديمية أسماء بارزة في التمثيل والتصوير والسيناريو والديكور والموسيقى والإخراج والنقد يعدوا من أمهر الموجودين على الساحة، منهم كريم عبدالعزيز وأشرف عبدالباقي وأحمد حلمي وأحمد السقا وعبدالرحيم كمال، ومن يحاول الالتحاق بمعهد السينما بعد تخرجه عليه دفع مصروفات مبالغ فيها ليجد حالة مزرية لم يكن يتوقعها.

فى الوقت الذي تمثل تلك الأكاديمية رافداً ثقافياً وفنياً مهماً على مستوى العالم وليس الوطن العربي فقط، تجد مكتباتها خاوية من المطبوعات الحديثة كأنما التاريخ توقف تماما بعد إنشائها فى عام 1969، واحتفظت بما تزامن مع إنشاء أول معاهدها وهو الفنون المسرحية عام 1935 فقط، وما أصدره أساتذتها وأدرج ضمن مناهجها وبعض الكتب المهداة، إلا أن الجهل بقيمة تلك المطبوعات جعلها لا تصلح سوى أن تبقى إلى جوار أقرانها بدون أغلفة أو حروف ظاهرة، بالرغم من أنها لا يسمح باستعارتها خارج المكتبة.

الإهمال بكل صوره تجده في الأدوات التي تدرس عليها المناهج من أجهزة صوت وبروجكتور والمقاعد والمكييفات أو المراوح إن وجدت فهي غالباً صوت فقط، والمصاعد التي لا تعمل بقدر ما تتوقف والإضاءة والنظافة داخل مرافقه، فالعنكبوت شيد قصوراً بين أروقتها، فتلك البنايات العتيقة بالغة الأثر لا تجد بين قياداتها من يحنو عليها ويدرك قدرها، من يتصدى لبيروقراطية الهيئات الحكومية ويواجهها بقرارات تحفظ ماء وجهه، الأساتذة هربوا والطلبة لا يتحملون محاضرة أو اثنتين ليقررا بعدها اللجوء لروافد أخرى، ولا يصمد سوى مقاتل قرر البقاء على خط النار وعدم إهدار ما أنفقه على التراب. 

المعهد العالى للنقد الفني مثالاً حياً لمعركة فردية، يتقدم لقسميه كل عام أعدادًا كبيرة، يشترط لقسم النقد المؤهلات الجامعية الأدبية وللتذوق مؤهلات عليا، اختبارات التأهل تؤكد الفجوة العميقة بين الدراسة الأكاديمية وخبرة مزاولة النشاط وهو بالطبع يحتاج لإعادة نظر، ومع بدء الدراسة يجد الطالب نفسه أمام كم هائل من الأبحاث التى تتطلب مراجع لا وجود لها داخل المكتبة، وإلى جواره عدد من الزملاء يقل عددهم مع انتهاء الفصل الدراسى الأول، وإذا استمر لآخر فصل دراسى ربما يجد إلى جواره زملاء لا يتخطون أصابع اليد الواحدة، المغادرون اعتمدوا في قرارهم على عدة عناصر سبق الإشارة إليها مع شعورهم بعدم جدوى ما يدرسونه، أو أن بعضاً من هيئة التدريس يعانى أزمات انحسار كفاءته داخل تلك الأبنية ولم تحقق طموحه فى النجاح، وربما صعوبة الوصول للمراجع المطلوبة وضيق الوقت لإعداد الأبحاث المطلوبة، وجميعها عناصر تحتاج إعادة نظر من قيادات الأكاديمية وعمدائها تجنباً لخسائر أخرى، خاصة مع المطالبات الدائمة من هيئة التدريس ذاتها لعمداء الأكاديمية بضرورة التطوير ومنها ما اضطرهم لتقديم استقالة جماعية منذ أربع سنوات ولا حياة لمن تنادى.