مجرد سؤال

هنتجوز مين لما نكبر!

صفاء نوار
صفاء نوار

حين اندلعت حرب أكتوبر 73 شهدتها بعيون 3 سيدات كان عمرى أقل من 10 سنوات، كنت أعرف ماذا جرى من التليفزيون والراديو وإذاعة المدرسة، لكنى تعلمت الغوص فى أعماق الأحداث وتحليلها من الاتصال المباشر وقتها والدتى وخالتى حكمت وابلة فوزية مدرسة التاريخ والجغرافيا!
فأما والدتى يرحمها الله فلم تكن تكتفى بشراء الصحف والمجلات وإلقائها فى طريقى ولكن كانت تدعو لجنودنا بالنصر بكل ثقة لكن دموعها كانت تفضحها، وأما خالتى فكانت حالتها تجسيدا لأم البطل بشكل حقيقى فقد كان لها ثلاثة أبناء على الجبهة، كانت تدعو وكلها ثقة بنصر الله وعودة أبنائها سالمين،
أما أبلة فوزية فقد سمعت صاحبتى ناهد وهى تسألنى على جنب: كل الرجالة راحوا الحرب احنا هنتجوز مين لما نكبر؟
والحقيقة كنت محتارة فى الرد عليها لأنى كدت اتفق معها وأنا أشاهد الكلام ليل نهار عن الهزيمة ومرارتها وماجرى فيها من تهجير، لدرجة أن عائلة كاملة من الاسماعيلية تتكون من اربع بنات وأمهم وجدتهم بلا أى رجل بعد أن مات رجل البيت فى الهزيمة واستشهد ابنهم خلف خطوط العدو فى حرب الاستنزاف، وما أن انتهت الفسحة، حتى جمعتنا ابلة فوزية حولها وتكلمت عن الحرب وقدسية تراب الوطن، وماذا تفعل التلميذات أثناء الحرب، ثم قالت ممكن تلميذة شاطرة تسألنى ازاى نحب الحرب وهى بتموت الشباب وما نلقيش حد نتجوزه؟
وقالت: تعالوا نتكلم بالخريطة، من هنا جاء الهكسوس وقتلهم أحمس ومن هنا جاء الاسكندر الأكبر لكن مات وترك لنا أسرار الحضارة اليونانية، ومن هنا وأشارت إلى الاسكندرية جاء نابليون وهرب بعد سنتين، وبعده بـ 80 سنة جاء الانجليز وبعد 72 سنة حملوا عصاهم وخرجوا، وفى كل الحروب دى مات شباب مصرى كتير ولولا تضحياتهم لما كنا كلنا ولاد وبنات عشنا ولا شفنا الدنيا، وفى الحرب المشتعلة الآن فى سينا بإذن الله هننتصر لكن بشرط كلنا يكون عندنا الاستعداد ندافع عن تراب البلد بالروح وبالدم وبالمال إذا عشنا نعيش فى وطنا المحرر بكرامة، وإذا متنا واحنا ندافع عن تراب البلد سنكون شهداء، ولا تنسوا قول الله: ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون !