«القوى الناعمة» في مواجهة التطرف| خبراء يقدمون «الدليل الإرشادي» للتعامل الإعلامي مع الإرهاب

صورة مجمعة
صورة مجمعة

◄محمد المرسي: توفير الإمكانيات للدراما يجعلها أكثر تأثيرا وجذبا لكشف حقيقة الفكر الإرهابي

◄هويدا مصطفى: التغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية «متعجلة وسريعة» وتفتقد التفسير والتحليل

◄عميد إعلام القاهرة: وضع دليل إرشادي للإعلاميين.. وعدم السعي إلى السبق غير المدروس «ضرورة»

◄الوسطية والرد على الشائعات والتوعية بدور المواطنين في مواجهة تحركات الإرهابيين.. أهم الحلول


شهدت الندوة التثقيفية الـ32 للقوات المسلحة بمناسبة الذكرى الـ47 لانتصارات أكتوبر المجيدة؛ احتفاء الرئيس السيسي بأبطال مسلسل "الاختيار" وتكريمهم قائلا: "بلاش تقدموا غير الحقيقة وبدون مبالغة في أي من الجانبين، انقلوا الصورة من الواقع كما هي، ومسلسل واحد لا يكفي ولا 2 ولا 3 ولا 4". 

من هنا.. تلقي «بوابة أخبار اليوم» الضوء على أهمية «القوى الناعمة» ومنها الدراما ووسائل الإعلام في كشف حقيقة الإرهاب ومواجهة التطرف، فضلا عن مناقشة تأثير الدراما الكبير على المتلقين مقارنة بغيرها من الرسائل الإعلامية، ولعل السؤال الأهم.. ما ضوابط وأخلاقيات التناول الإعلامي للحدث الإرهابي.. وكذا نشر بيانات الجماعة التكفيرية والإرهابية؟

الدراما الناجحة.. ومواجهة التطرف

في البداية..  يقول الدكتور محمد المرسي، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن الدراما أكثر الأشكال التي يمكن أن تؤثر على المشاهد نظرا لأن معالجتها للموضوعات تكون غير مباشرة، وبالتالي المضمون يصل ويتسرب لذهن المتلقي بشكل غير مباشر، فلا يأخذ شكل النصيحة أو المعلومة المباشرة وإنما من خلال الأحداث يتم الوصول للهدف.

وتابع د. «المرسي»، تصريحاته الخاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن الدراما تنقل معنى أو قيمة معينة أو سلوكيات إيجابية وغيرها تصل من خلال الأحداث، لافتا إلى أن الدراما من الأشكال الجاذبة جدا للانتباه وتدور في إطار «حكاية» أو «حدوتة» خاصة إذا تم إنتاجها بشكل جيد وتوفير الإمكانيات لها من الكتابة والممثلين والإخراج والفريق عموما؛ تكون مؤثرة بشكل كبير.

وأشار إلى أن استغلال الدراما لعرض موضوعات معينة تؤدي لتنمية الانتماء والحفاظ على الهوية أو دعم السلوكيات والقيم المجتمعية والمساهمة في التنشئة؛ وكل ذلك دور هام للدراما وبشكل غير مباشر.

ولفت الأستاذ بكلية الإعلام، إلى أن الفترة الماضية شهدت شبه سقوط للدراما بكاف أنواعها، حيث غلبت عليها الموضوعات السطحية وليس بها أي رسالة أو هدف، والدراما الكوميدية منها ضعيفة، وبالتالي كان هناك تراجعا إلى حد كبير، مع غياب لنوعيات مهمة للدراما مثل الدراما التاريخية والدينية والسير الذاتية".

واختتم قائلا: "مع بداية الصحوة في الإنتاج الدرامي تواجد لدينا دراما ناجحة مثل (الممر) و(الاختيار) ومن هنا نجد أن العمل الدرامي عندما يحمل قيمة ومعنى ورسالة يكون حجم الإقبال كبير والمشاهدة مرتفعة للغاية، وتحمل بداخلها كل المعاني التي من الممكن ذكرها في برامج تليفزيونية متعددة، كما تنقل البطولات والتضحيات للجيش المصري وكذا سلبيات العمليات الإرهابية وكيف يفكر الإرهابيون ومنطقهم في التفكير، وبذلك بشكل غير مباشر ومؤثر على الجمهور؛ وفي النهاية كشف هذا الفكر المريض وكيف يتكون.. ولذا يوفر لدينا عدد كبير جدا من البرامج".

التناول الإعلامي للأحداث الإرهابية

من جانبها، تقول الدكتورة هويدا مصطفى، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، إن وسائل الإعلام تلعب دورًا محوريًا في مواجهة الإرهاب، لأنها مصدرًا رئيسيًا للحصول على المعرفة والمعلومات المتعلقة بهذه الأحداث، وبالتالي التأثير على اتجاهات الجمهور.

وأضافت عميد كلية الإعلام، أنه مع التصديق بأهمية البعد الأمني لمواجهة ظاهرة الإرهاب واحتواء أثارها، إلا أن هذه المواجهة تتطلب تفعيلا لدور المؤسسات الإعلامية سواء الرسمية أو الخاصة لمواجهة الإرهاب من واقع المسئولية الاجتماعية التي تمارسها في المجتمع.

وأشارت إلى أن المتتبع للتغطية الإعلامية للعمليات والأحداث الإرهابية يلاحظ عدة أخطاء من أبرزها؛ التركيز على الحدث أكثر من التركيز على الظاهرة، وهيمنة الطابع الإخباري على التغطية الإعلامية، مع تقديم تغطية متعجلة وسريعة وربما أحيانًا سطحية تهتم بعرض الحدث فقط دون إعطاء خلفية كافية من المعلومات والبيانات.

وأضافت أنه يغيب عن التغطية الطابع التفسيري التحليلي، وعدم الاهتمام بمعالجة جذور ظاهرة الإرهاب وأسبابها العميقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، كما يغيب عن التغطية الإعلامية المعلومات الدقيقة والموثقة المستقاة من الجهات الرسمية المعتمدة، والاعتماد في الغالب على مصادر غير موثوق بها نتيجة الرغبة في تحقيق السبق الإعلامي.

واستطردت قائلة: "في كثير من الأحيان تفتقد التغطية للتوازن فتقع في مأزق التهوين أو التهويل، وهو ما يؤثر سلبًا على مصداقية هذه التغطية وقدرتها على التأثير، ويعكس هذا الأمر عدم وجود استراتيجية واضحة الرؤية والأهداف للتغطية الإعلامية في مواجهة إعلام الإرهابيين الذي يستخدم كافة الأساليب والتقنيات وأدوات الاتصال لترويج الشائعات والبيانات المضللة".

حلول لسلبيات التغطية الإعلامية

وأكدت د. هويدا مصطفى، أننا بحاجة إلى استراتيجية إعلامية واضحة الرؤية والأهداف والوسائل والآليات المناسبة لتجاوز هذه الأخطاء تهدف إلى تنمية وعي الجمهور وإدراكه خطورة الإرهاب وأهمية مواجهته والاهتمام بالمعالجات المتعمقة وعدم الاكتفاء بالمواجهة السريعة والمتعجلة.

وذكرت: "كما تتطلب المواجهة التنسيق بين قطاع الإعلام الحكومي وقطاع الإعلام الخاص لإبراز خطر الإرهاب وأهمية مواجهته والالتزام بالضوابط المهنية وعدم السعي إلى السبق الإعلامي غير المدروس الذي تسعى بعض وسائل الإعلام إلى تحقيقه".

وتابعت: " فضلا عن الاهتمام بتنمية الخلفية المعلوماتية لدى الإعلامي عن الإرهاب من خلال أدوات تثقيفية تعنى بتفسير الظاهرة وأبعادها وتحديد المصطلحات المتداخلة معها كالمقاومة المسلحة، والمقاومة السلمية، والصراع بأنواعه المذهبي والطائفي والعرق، والتعامل بحذر مع البيانات الإعلامية للتيارات الإرهابية التي تبث في المواقع الإلكترونية حتى لا تكون وسيلة للترويج لتلك التيارات".

وأضافت، كما تتطلب المواجهة الفكرية لظاهرة الإرهاب والتطرف تطوير البرامج والمواد الدينية المعروضة في وسائل الإعلام بالتركيز على الوسطية وقيم التسامح والسلام ومحاربة الفكر المتطرف والتكفيري.

وأوضحت أنه يجب على الإعلام الاهتمام في صياغة الرسالة الإعلامية بالرد الفوري على كل الشائعات سواء كان مصدرها داخليًا أو خارجيًا وشرح الأبعاد القانونية والأمنية والتشريعية المتعلقة بمواجهة جرائم الإرهاب، وكذلك الاهتمام بالإرشادات الخاصة بدور المواطنين في مواجهة الإرهاب وتحركات الإرهابيين.

وأشارت د. هويدا مصطفى، أن هذا الأمر يتطلب وضع دليل إرشادي للإعلاميين لكيفية التعامل مع الأحداث الإرهابية وأساليب التغطية وأنواع الرسائل الإعلامية التي يمكن استخدامها في تغطية تلك الأحداث وأهم الضوابط والمعايير التي يجب الالتزام بها.

وشددت عميد إعلام القاهرة، على أهمية وجود ميثاق شرف إعلامي أمني لمواجهة الإرهاب تلتزم به كافة وسائل الإعلام ينمي الإحساس بالمسئولية الإعلامية تجاه الجمهور والمجتمع بالالتزام بالمعايير المهنية الإعلامية الصحيحة واحترام مبادئ المنافسة الإعلامية الشريفة والعادلة وعدم الانسياق وراء السبق المروج لأفكار هدامة أو للتنظيمات الإرهابية، والحذر في استخدام المصطلحات والمفردات المتعلقة بقضايا الإرهاب وهو ما يتطلب إعداد دليل للمصطلحات الإعلامية المتعلقة بالإرهاب وتدريب الإعلاميين عليه.

واختتمت: "أخيرا.. ضرورة الالتزام الأخلاقي بتجنب بث ونشر كل ما من شأنه أن يثير الانقسامات السياسية والطائفية في المجتمع".

اقرأ المزيد:

«إن جاء كم فاسق بنبأٍ» فهو إخواني.. الشائعات سلاح «الإرهابية» لزعزعة الاستقرار