إنها مصر

المقاتل الشجاع !

كرم جبر
كرم جبر

بعض الجاحدين العرب هم أشد خطورة على ما بقى من عروبة العرب.
وحين كتب نزار قبانى «متى يعلنون وفاة العرب» كانت أحوال العرب أفضل ألف مرة من الآن، ولا أدرى لو كان حياً ماذا كان يكتب؟.
ومع أن أفضل فترات العروبة كانت فى قوة مصر، ورعايتها القضايا العربية وفى صدارتها القضية الفلسطينية، ولكن بعض الأخوة الفلسطينيين يتصورون أن نيل حقوقهم المشروعة لا يأتى إلا بالهجوم على مصر.
لذلك كان السادات على حق عندما حرر أرضه، وحث العرب أن يشاركوه، فلو انتظر مزادات النضال الكلامى، لاستمرت حالة اللاسلم واللاحرب، واستنزفت قوى الوطن، وكان ذلك مستحيلا عند الشعب والجيش.
«لو» تردد السادات لكانت سيناء الآن فى علم الغيب، و»لو» سمع العرب والفلسطينيون كلامه، لكان العلم الفلسطينى يرفرف الآن فوق دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
لم يترك السادات قضية بلاده للمراهنات والمزايدات والصخب والضجيج الآتى من بعض الأصوات المعارضة، وقرر أن يكون شجاعاً فى السلام، كما كان شجاعاً فى الحرب.
البعض لا ينظرون إلا تحت أقدامهم، ويتصورون أن إضعاف مصر قوة لهم، وأن قوتها تمنع جلوسهم على عجلة القيادة فى المنطقة، وأن إغراقها فى المشاكل حل لمشاكلهم.
وتجسدت عبقرية السادات فى فهمه الواعى لموازين القوى فى عصره، فأمريكا تريد أن تحسِّن صورتها فى المنطقة، وإسرائيل تسعى للسلام مدفوع الثمن بعد حرب أكتوبر، والاتحاد السوفيتى مثل الرجل العجوز الطامعون فى تركته، وزعماء الرفض أسرى شعارات النضال بالخطب.
السادات جاء محملاً بنتائج تجربة الرئيس جمال عبد الناصر، الذى عاش ومات من أجل فلسطين، ولكنه أساء التقدير عندما زج به بعض المناضلين العرب فى حرب يونيو التى لم يكن يريدها، وكان منصرفاً لبناء بلده، وإنجاز خطط خمسية ترفع شأن شعبه.
الشجاعة مصدرها التفكير السليم.
وكان الرئيس السادات شجاعاً فى قرار الحرب وخيار السلام، لم يتردد ووضع المصلحة العليا للبلاد نصب عينيه، لأن «إيده كانت فى النار»، فاختار بعقلية المقاتل الشجاع.
>>>
بمناسبة عودة كورونا:
الإنسان بغى وطغى وتكبر وتصور أنه يعيش فى هذا العالم وحده، فدمر البيئة وأساء للطبيعة، وامتدت أصابعه للعبث فيما خلقه الله، ولم يدرك أن كائنات شرسة تعيش بيننا، لا نراها ولكن ترانا، وفى استطاعتها أن تستيقظ فى عنف وعدوانية، لتؤدب الإنسان وترده إلى رشده.
الإنسان مهما بلغت قوته وعلمه، فسوف يظل ضعيفاً أمام قدرة الخالق عز وجل «وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً».
هل السماء غاضبة من البشر؟.. وعندما تغضب لا توزع غضبها على الملحدين وتترك المؤمنين، ولا تنزل على الهندوس فى الهند وتترك المسلمين فى إيران.. ولكنها توزع «عدل غضبها» على الجميع.