33 عامًا من أحلام اليقظة.. كيف أجهز أردوغان على آمال تركيا في الاتحاد الأوروبي؟

رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان

لا تزال تركيا تلهث وراء حلم الانضمام للاتحاد الأوروبي، منذ أكثر من ثلاثة عقود، دون أن تتحرك خطوةً للأمام في طريق الانضواء تحت لواء التكتل الأكبر في القارة العجوز، بل على النقيض تراجعت خطوات نحو الوراء، وباتت في هذه الأيام أبعد من أي وقتٍ مضى على أن تلتحم إلى جانب 27 دولة أوروبية في الاتحاد الأوروبي.

حلم الانضمام للاتحاد الأوروبي بدأ عام 1987، حينما تقدمت أنقرة بطلبٍ رسميٍ لشغل عضوية بروكسل، وانتظرت بلاد الأناضول بعدها اثني عشر عامًا حتى تم تصنيفها عام 1999 على أنها مؤهلة لنيل عضوية التكتل الأوروبي.

ومع ذلك مضى أكثر من عقدين من الزمن، كانت مقاليد الحكم في غالبيتها في قبضة رجب طيب أردوغان، سواءً رئيسًا للوزراء في جمهورية بحكمٍ برلمانيٍ أو رئيسًا للبلاد بصلاحياتٍ مطلقةٍ، دون أن تجد تركيا لنفسها موطأ قدمٍ داخل الاتحاد الأوروبي.

تقرير صادم لتركيا

نبدأ من حيث انتهت الأمور، حيث أصدرت المفوضية الأوروبية، أمس الثلاثاء، تقريرًا قالت فيه إن آمال تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تلاشت.

وانحنت المفوضية الأوروبية في تقريرها باللائمة على تركيا بسبب تدهور الأوضاع في مجال حرية التعبير هناك، والإفراط في مركزية السلطة الرئاسية في بلاد الأناضول، في إشارةٍ منها إلى التعديلات الدستورية في مارس 2017، التي وسّعت من صلاحيات الرئيس وأطلقت سلطاته بصورةٍ أثارت انتقادات بروكسل.

وقالت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، إن الحكومة التركية تقوض اقتصادها وتقلص الديمقراطية وتدمر المحاكم المستقلة مما يجعل محاولة أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أبعد من أي وقت مضى.

تقرير المفوضية الأوروبية كان بمثابة صدمةً لتركيا ورئيسها أردوغان، الذي بلغ كل ما في وسعه كي تنال بلاده عضوية الاتحاد الأوروبي، دون أن ينال مراده بعد.

تنازلات لم تجدِ نفعًا

تركيا في سبيل مسعاها لنيل عضوية التكتل الأوروبية ألغت في نوفمبر عام 2003 عقوبة الإعدام، انصياعًا لتعليمات بروكسل، كي تتماشى مع القوانين الداخلية لدول الاتحاد الأوروبي كافةً، وذلك على الرغم من أن ذلك يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، التي توجب القصاص في جرائم القتل على سبيل المثال، وهو ما يجعل إلغاء تطبيق عقوبة الإعدام أمرًا غير مألوفٍ في بلدٍ ذي أغلبية مسلمة.

ومع تعثر مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي، وتوصية البرلمان الأوروبي في يونيو عام 2017 بعدم انضمام تركيا للتكتل الأوروبي، لوّح أردوغان وقتها لإعادة العمل بعقوبة الإعدام مرةً أخرى، وبدا حينها أنه ضاق ذرعًا من الاتحاد الأوروبي الرافض ولوجه بين بلدانه.

كما قال الرئيس التركي وقتها إن الاتحاد الأوروبي يعامل بلاده معاملة "المتسول"، حسب وصفه.

لم تقف تنازلات تركيا عند هذا الحد، فكان ما يُعرف بصفقة اللاجئين، بمثابة مهرٍ قدمته تركيا لاسترضاء دول الاتحاد الأوروبي، الذين شكلت لهم قضية اللاجئين صداعًا مزمنًا في رأسهم،

وكان المقصد من صفقة اللاجئين الموقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في بداية عام 2016 تسريع المفاوضات المتعلقة بانضمام تركيا إلى الاتحاد بعد فترة طويلة من الركود، حيث أرادت بلاد الأناضول أن تجعل من احتضان اللاجئين وسيلة تطرق من خلالها أبواب بروكسل الموصدة أمامها.

سياسات أردوغان بعثرت الأوراق

ومع كل هذا لم تُنعم أوروبا على تركيا بعضوية تكتلها الأكبر في القارة، ومضت السنوات الأربع الموالية بأوضاع أكثر تعقيدًا في ظل سياساتٍ للرئيس التركي لفظها الاتحاد الأوروبي، وجعلته دائمًا في مرمى الانتقادات الأوروبية، التي لم تنتهِ.

ويوضح د. محمد رجائي بركات، الخبير في الشئون الأوروبية، المواقف الأخيرة لتركيا، والتي أزعجت الاتحاد الأوروبي، وجعلته يصدر تقريرًا يستبعد خلاله التحاق تركيا بركب دول الاتحاد في بروكسل، فيقول "قرار المفوضية هو محاولة للضغط على أنقرة إزاء الأحداث الأخيرة بسبب دعمها لحكومة الوفاق في ليبيا وعمليات التنقيب عن الغاز والنفط شرق المتوسط".

وحول موقف تركيا الأخير ودعمها لأذربيجان في الصراع مع أرمينيا، ومدى تأثير ذلك على هذا القرار، تحدث بركات لـ"بوابة أخبار اليوم" عن أن دعم تركيا لأذربيجان أيضًا من بين المواقف التي تثير سخط الاتحاد الأوروبي.

ويبدو أن على تركيا انتظار الكثير كي تحظى بعضوية الاتحاد الأوروبي، بيد أن نيل المطالب ليس بالتمنى، وهو ما يجعل سياسات أردوغان المرفوضة من قبل بروكسل عائقًا كبيرًا في طريق تحقيق ذلك.

اقرأ أيضًا: تحقيق| الحالمون بالاتحاد الأوروبي.. حظوظ متفاوتة بين الحقيقة والسراب