فى الصميم

البهجة الغائبة فى كرة القدم

جلال عارف
جلال عارف

عشت معظم حياتى قريباً من دنيا كرة القدم متابعا ومحباً للعبة التى جمعت شعوب العالم فى عشقها يصدمنى ما أراه فى مناخ الكرة عندنا من ممارسات لا علاقة لها بالرياضة، ومن احتقان يسمم الأجواء، ومن أزمات يعرف الجميع أسبابها ووسائل حلها لكنها تترك لتتراكم نتائجها السلبية على اللعبة الجماهيرية التى يفترض أن تكون مصدر بهجة دائمة ومتعة تزداد حاجة الملايين لها يوماً بعد يوم.
عشت زمن الهواية، وزمن الاحتراف الذى كان يراعى ظروف بلاده ويحترم ـ فى نفس الوقت ــ قوانين اللعبة فى العالم. فى كل الأحوال كان الكل يعمل من أجل متعة الجماهير، وكان الكل يعرف أنه لا معنى لأى انجاز اذا غابت الروح الرياضية الحقيقية.
كانت المنافسة موجودة، لكن الاحترام المتبادل كان سيد الموقف بين إدارات الأندية، والمحبة كانت تجمع النجوم من الفرق المتنافسة والبهجة كانت سيدة الموقف فى المدرجات، والنوايا الطيبة كانت تحل أى أزمة وتنهى بسرعة أى احتقان.
أما فى الصحافة والإعلام ومع اختلاف المدارس والتوجهات فقد كانت الأولوية للالتزام المهنى ولما تفرضه الروح الرياضية، لم تكن الأموال تتحكم، ولا الانحياز الأعمى يقود للأخطاء، ولا غياب الوعى يجعل من بعض القنوات منابر للفتنة ولا من بعض ستوديوهات التحليل منابر للردح الكروى!!
تعلمنا أن نحيى المهزوم اذا أدى واجبه فى حدود امكانياته وأن نقسو فى محاسبة النجوم ونترفق بالصاعدين وأن تكون عيوننا دائما على المدرجات حيث الجمهور الواعى العاشق للكرة الذى يقتصد ثمن التذكرة المتواضع لكى يملأ الملاعب بالحياة ويأخذ منها البهجة التى تعينه على الحياة.
تغيرت الدنيا. امتلكت كرة القدم من الامكانيات المادية والفنية والإعلان والتنظيم ما لم يكن متوفراً فى يوم من الايام لكن للأسف الشديد وجدنا فى السنوات الأخيرة من الظواهر السلبية فى الكرة المصرية ما يستوجب وقفة جادة تفرض احترام القانون وتمنع كل عوامل الاحتقان وتعيد الحياة للمدرجات والبهجة لعشاق الساحرة الجميلة.