حكايات| الحمام «الإلكتروني».. ذكاء وقوة ورشاقة لسباق المسافات الطويلة

 الحمام «الإلكتروني».. ذكاء وقوة ورشاقة لسباق المسافات الطويلة
الحمام «الإلكتروني».. ذكاء وقوة ورشاقة لسباق المسافات الطويلة

أمام الحمام الزاجل، وقف بعض البشر عاجزين عن فهم أسراره، ما بين مخلوق علم الإنسان «الغزل» وذكاء ورشاقة وقوة وصلت به إلى عنان السماء.

هنا في سنورس بمحافظة الفيوم، حوّل إسلام - أحد عشاق تربية الحمام – دفته من تربية واقتناء حمام المناظر، وتحديدًا الشلقبظات، إلى الزاجل بعد أن أقنعه أصدقائه بضرورة التغيير والتركيز على تربية النوع الأخير.

 

يفتخر الشاب إسلام بأنه صار صديقًا لطائر يحتفظ بسمات القوة والرشاقة؛ إذ يتحدث عن الحمام الزاجل: «دائمًا ما يشعر مربوه بأنهم يمتلكون طائر ذو سمات قوية.. شخصيًا بدأت تربية الحمام بشكل عام في سن السابعة، وما إن ثقلت خبرتي في المجال توجهت إلى تربية الزاجل في سن الـ16 عاما».

 

نصيحة أساسية يوجهها الشاب الفيومي لراغبي تربية الحمام الزاجل: «قبل البدء في تربيته لا بد من توافر (لوفت) - بيت خشبي خاص بالحمام – والذي يتم تركيبه حسب الإمكانيات لكن يجب على الأقل أن يتضمن عنبرين أحدهما للذكور والآخر للإناث لحاجتهما للعزل في بعض الفترات».

 

أما تصميم بيوت الحمام الزاجل، فيلجأ غالبية شباب الفيوم إلى الإنترنت؛ حيث يتم تحديد الشكل والعنابر، والتي تسهل مهمة فرض النظام للجنسين في التدريب والتغذية استعدادا للمشاركة في السباقات.

 

وعن أسعار الحمامة الواحدة فيمكن أن تصل الفردة الواحدة من ألف إلى 5 آلاف جنيه، وهناك أسعار أعلى من هذا.

 

 

اكتشاف مرض الحمام الزاجل وسرعة علاجه، واحدة من أهم مهارات المربي «الشاطر» - والكلام عائد لإسلام – ففي حال ظهور أي أعراض لابد من سرعة إخراج الحمام المصاب من اللوفت فورًا ليخضع لكورس علاج ويتم الاهتمام به وكأنه ما زال صغيرا.

 

سباق الصعيد


من الصعيد وإلى الصعيد يعود.. عنوان قصير لقصة موسمية يعيشها الحمام الزاجل مع سباقات مئات الكليومترات، من أسوان إلى صاحبه في الفيوم، والتي يجرى تنظيمها سنويًا ويشارك فيها عدد كبير من أبناء المحافظة.

 

 

شعبان محمد أحد أبناء محافظة الفيوم المهتمين بالحمام الزاجل، يؤمن بأن التنظيم سر نجاحه في مشوار تربية هذا الطائر؛ حيث يقول إن التسجيل في إحدى الجمعيات الثالث الخاصة بالحمام الزاجل بالفيوم، تمثل أهم نقطة في مرحلة المشاركة بالسباقات.

 

ومن جمعية أبطال الفيوم لسباق الحمام الزاجل، كانت انطلاقة شعبان للمشاركة في السباقات؛ إذ يقول: «كل متسابق تقريبا يشارك في السباق بنحو 100 حمامة، وللدقة من الممكن للمبتدئين المشاركة في السباقات بـ50 حمامة وحتى 100 والمتمرسين وأصحاب الخبرة يرتفع معهم الرقم من 150 إلى 200 (فردة)».

 

تحمل كل رجل للحمامة رقمًا وتاريخ ميلاد، ففيها (كلبسة إلكترونية) تحمل كل البيانات المرتبطة بالطائر نفسه تحمل رقمه واسمه ولونه، ويتم تسليمه للجمعية حيث تمر كل فردة على جهاز يسمى (الماستر) والذي يتولى تحديث البيانات عن الحمامة باستمرار، ثم يتم نقله إلى سيارة محكمة الإغلاق لمنع السرقة وربما تقتني الجمعية الواحدة أكثر من 5 آلاف حمامة.

 


بالعودة إلى السباق، يروي شعبان أن نقطة بداية السباق تكون في المنيا، وتنقل إحدى السيارات الحمام ثم تتركه لمدة ساعة راحة تقريبا، إذ يكون الزاجل قد تعرض لإجهاد خلال فترة النقل ليتم إطلاقه بعدها وأول 50 حمامة تعود إلى مقر إقامتها بالفيوم هي التي تفوز بالسباق من بين 5 إلى 6 آلاف حمامة مشاركة بالسباق ككل.

 

 

الدقة هي واحدة من أبرز سمات الحمام الزاجل، ولذلك فإن الثانية الواحدة تفرق في السباق، وعلى سبيل المثال إذا وصلت مجموعة من الحمام بعد ثانية واحدة من وصول مجموعة أخرى فإنها تعتبر خاسرة، وهنا يجب الإشارة إلى أن أذكى 50 حمامة هي التي تتجه مباشرة إلى برجها أو لوفتها.

 

وعن السباقات قديمًا، يروي شعبان أنها قديما كان يتم تركيب ساعة يدوي صغيرة للغاية في قدم الحمامة بمجرد مرور 60 دقيقة «تضرب الكليبسة فيها»، ويتم احتساب الوقت مباشرة لكنها كانت مرهقة للغاية، أما الآن فأصبح هناك لوح إلكتروني (تِراب) موجود على اللوفت بمجرد وصولها تضع قدمها عليه فيتم تسجيل كافة بياناتها.

 


 

5540 كيلومترًا استطاع الحمام الزاجل الخاص بالشاب إسلام في قطعها بشكل أسرع والفوز بأحد أبرز سباقات الصعيد قبل سنوات، وحسم الفوز بفارق 11 دقيقة، والتي تقتصر على الوجه القبلي فقط من 120 لـ640 كيلومترًا أي أنه يمكن بدء السباق من مسافة قصيرة تكون من المنيا إلى الفيوم أو مسافة أطول من أسوان إلى الفيوم.

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي