من وراء النافذة

البحراوى.. ونسائم أكتوبر

هالة العيسوى
هالة العيسوى

تهل علينا نسائم شهر أكتوبر العظيم حاملة معها ذكرى انتصار تتناقله الأجيال وتتحاكى به. هى ذكرى لا يعرف حلاوتها إلا من عاشها. من أسف أن الأجيال الجديدة لا تعرف عنها سوى بضع سطور فى كتب التاريخ أو التربية القومية، وحفنة أفلام يتكرر عرضها بهذه المناسبة، دون إدراك حقيقى لقيمة المناسبة أو انفعال طازج بها.. وقد أسعدني فى هذا الشهر أن يطل علينا الغائب الحاضر الأستاذ الدكتور إبراهيم البحراوى فى مناسبة النصر العظيم باثنين من أهم أعماله، التى تخرج إلى النور بعد رحيله فى بواكير هذا العام؛ فتصدر له دار الشروق كتاب "حكاية مصرى مع إسرائيل"، ويصدر المركز القومى للترجمة رابع مجلدات سلسلة ترجمة وثائق حرب أكتوبر الإسرائيلية ليصبح الاحتفال بالذكرى المجيدة احتفالين، ويظل فى أكتوبر ما يستحق الاحتفاء به.
 يحيا التزوير فى جوائز الدولة
لم أكن لأمرر هذه المناسبة الجليلة التى رفعت الهمم فى حينه وخلّتنا من الكثير من مفاسد حياتنا دون أن أقارنها بما يجرى فى زمننا الحالى من تستر على الفساد وتعتيم فى مسألة تمس سمعة الوطن، برغم كل حملات مكافحة الفساد التى توجه بها القيادة السياسية. أن تسمع وتلمس وتطلع على قضية فساد وتزوير فى تقارير المحكمين بجوائز الدولة التشجيعية فرع نقد النص الشعري، وبصفتك صحفيًا تكشف المستوربالوثائق والمستندات، ولا تجد من المسؤولين عن هذه القضية سوى الاستهانة وإخراج اللسان والإصرار على الخطأ وتسليم الجائزة لشخص معين يراد تكريمه بأى ثمن فهذا دليل على تورطهم شخصيًا فى هذا الخطأ الذى يرقى إلى مستوى التستر على جريمة تزوير.
فى شهر يونيو الماضى أثرت على صفحات جريدة أخبار الأدب قضية تقديم ثلاثة من المحكمين شكوى لوزيرة الثقافة بصفتها أيضا تشرف على نشاطات المجلس الأعلى للثقافة بخروج نتائج الجائزة خلافًا لم اجتمع عليه رأى الأغلبية (3 حجب، و2 منح). أثناء تقصى الوقائع تبين وقوع تزوير فى تقرير أحد المحكمين الثلاثة بحذف السطور الأخيرة التى تلخص توصيته بحجب الجائزة واستبدالها بعبارة منح الجائزة! على الرغم من أن متن التقرير يظهر بجلاء الرأى السلبى للمحكم. الهدف واضح بالطبع هو تغيير نسب التحكيم لتصبح الأغلبية بالمنح. كان بديهيًا أن تأمر السيدة وزيرة الثقافة بفتح تحقيق رسمى فى الواقعة أو تحيلها إلى النيابة ذات الاختصاص درءا لشبهة انحيازها لموظفى وزارتها على حساب الحق والحقيقة. لكن هذا لم يحدث، على العكس أحالت السيدة الوزيرة ملف الواقعة للشخص المسؤول عنها! وبدلًا من فتح تحقيق رسمى دعا المستشار القانونى للوزارة الأستاذ الدكتور عضو لجنة التحكيم الذى تعرض تقريره للتزوير على فنجان قهوة، وبعد أربع ساعات من محاولات إثنائه عن الاستمرار فى الشكوى وتلميحات وتهديدات باتهامه شخصيًأ بتسريب أوراق سرية، انتهت الجلسة اللطيفة دون أخذ أقواله رسميًا. مرت الشهور وتسلم الفائز جائزته، وتم التجديد للمسؤول عن الملف، والأدهى تم حرمان المحكمين من مكافأة التحكيم!!! فى هذه الواقعة لا تهمنى أسماء الشخوص إنما تحديد المسؤوليات واضطلاع كل مسؤول بمهامه بنزاهة وشرف.. وسلملى عالقانون وروح أكتوبر.