صدى الصوت

مذكرات «نهال»

عمرو الديب
عمرو الديب

هل تموت الأرواح؟، بالطبع لا يمكن أن تفنى الأرواح كما تبلى الأجساد وتصير غبارا منثورا، لأن الروح شفيفة وهاجة كأنها الشمس المشعة ضوءاً ودفأ، كما هى روحه المتألقة أبدا بأنوار صفائها، والمشعة بأضواء نقائها، والمغبوطة على سطوع بهائها، وبريق عطائها، ونبيل تراثها الذى تركته يتلألأ فى الأفق عقب رحيلها، بعد أن ظل يشع على مدى سنى العطاء الحافل، ولا شك أن روح الخال الفذة تبلغ الذروة فى تألقها، وبقاء أثرها طويلا بل أبدا، حيث تتردد أصداء منجزه الإبداعى وتفوقه الإنسانى على مر العصور دون أن تخفت نضارتها، أو يخبو بريقها، لهذا يظل نقاد الأدب مشدوهين إلى إبداعه الفذ الذى يبدو حيا، رغم رحيل صاحبه، وكأنهم يقبسون من شمسه، ويغترفون من محيط عطائه، وتبقى سمات الروح المحلقة فى أجواز النبل كنزا ينتظر الكشف عنه، وما اتصف به صاحبها من إنسانية مرهفة، ونبل أهداف، وسمو رسالته التى قصدت ارتقاء الأوطان وإنسانها، وسلامة الكيان وأبنائه، وفى حياة شاعرنا الفذ عبد الرحمن الأبنودى الكثير جدا من الأسرار التى تكشف روعة جوهره، وأصالة ذاته، وتبين عما كان يتصف به من سجايا وسمات خلقية فريدة، تشبه تلك التى يتسم بها الأصفياء، لذلك استقبلت أحدث كتاب عن الخال بترحاب وشغف كبير وشوق عظيم، لأننى مولع بشخصيته وإنسانيته، مثلما أنا مفتون بإبداعه ومأخوذ بتراثه تماما،فقد أهدتنا رفيقة الخال الإعلامية المخلصة نهال كمال مذكراتها عن حياتهما معا التى اختارت لها عنوانا رائعا دالا معبرا هو «ساكن فى سواد الننى»، ولا أريد أن أسرد المحتوى الشيق، لأن المساحة قد لا تسمح، ولأننى لا أرغب فى حرق مفاجآت الأسرار التى كشفتها نهال رفيقة درب الخال، ولكنى أشير إلى سمة رائعة تميزت بها هذه المذكرات عن غيرها، وهى تلك الحميمية الدافئة التى احتضنت كل سطر فيها، وهذا القدر المذهل من الصدق الذى حكت به نهال مواقفهما المؤثرة معا، واللحظات الفارقة فى رحلتهما التى تتبدى خالدة كحكاية «إيزيس وأوزوريس»، والمذكرات الصادرة عن دار «ريشة» ممتعة وكاشفة لأسرار حقيقية فى حياة الخال، مما يجعلها جديرة بالقراءة العميقة.