ما حكم تسمية المساجد باسم من بناها؟.. «البحوث الإسلامية» يجيب

مجمع البحوث الإسلامية
مجمع البحوث الإسلامية

ورد إلى مجمع البحوث الإسلامية، سؤال عبر الصفحة الرسمية على موقع «فيس بوك»، نصه: «أوصى والدي أن نبني مسجدا على قطعة أرض له فلما أردنا تسمية المسجد باسمه نهانا بعض الناس بحجة أن المساجد لله ولا يحل لنا ذلك فأرجو بيان صحة ما قيل؟».

وأجابت لجنة الفتوى، بأن الإسلام حث على بناء المساجد وبين فضل ذلك في العديد من النصوص منها: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة» متفق عليه، وأخرج الترمذي عن أنس رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من بنى لله مسجداً صغيراً كان أو كبيراً بنى الله له بيتاً في الجنة».

وتابعت لجنة الفتوى أنه بإضافة ذلك إلى وصية الوالد واجبة النفاذ في ثلث ماله فإن فيها براً به وإحساناً له بعد موته.

وأوضحت أن المفتي به أن إضافة اسم الوالد إلى المسجد جائزة شرعاً وهي إضافة تمييز لا تمليك فالوالد لا يملك المسجد وإنما يتميز المسجد هذا عن غيره بتسميته، هذا لمن مات، وفى حق الحي فالأولى ألا يضاف المسجد له تنزيها له عن الرياء.

وقالت إن مثل هذه التسمية قد وقعت في العصر الأول ولم ينكرها أحد فدلت على الجواز. ومنها: روى ابن ماجة عن عبد الله بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال: «جاءنا النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بنا في مسجد بني عبد الأشهل فرأيته واضعاً يديه على ثوبه إذا سجد».

واستدلت أيضا بما روى الدارمي عن ابن عمر رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مسجد بني عمرو بن عوف فدخل الناس يسلمون عليه وهو في الصلاة قال فسألت صهيباً كيف كان يرد عليهم قال هكذا وأشار بيده».

وذكرت لجنة الفتوى بعض النصوص التي يتضح من خلالها كيف نسبت المساجد إلى أصحابها أو من بنوها أو شاركوا في بنائها فقيل: «مسجد بني عبد الأشهل»، «مسجد بني عمرو بن عوف».

وترجم الإمام البخاري في صحيحه ««باب هل يقال مسجد بني فلان» قال ابن حجر تعقيبا: ««قوله باب هل يقال مسجد بني فلان» أورد فيه حديث ابن عمر في المسابقة، وفيه قول ابن عمر « إلى مسجد بني زريق » وزريق بتقديم الزاي مصغرا، ويستفاد منه جواز إضافة المساجد إلى بانيها أو المصلي فيها، ويلتحق به جواز إضافة أعمال البر إلى أربابها، وإنما أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام لينبه على أن فيه احتمالاً إذ يحتمل أن يكون ذلك قد علمه النبي صلى الله عليه وسلم بأن تكون هذه الإضافة وقعت في زمنه، ويحتمل أن يكون ذلك مما حدث بعده، والأول أظهر والجمهور على الجواز، والمخالف في ذلك إبراهيم النخعي فيما رواه ابن أبي شيبة عنه أنه كان يكره أن يقول مسجد بني فلان ويقول مصلى بني فلان لقوله تعالى {وأن المساجد لله}، وجوابه أن الإضافة في مثل هذا إضافة تمييز لا ملك».

وقال الإمام النووي «ولا بأس أن يقال مسجد فلان ومسجد بني فلان على سبيل التعريف»، وأما ما أورده القائل اعتراضًا من نسبة المساجد لله في قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدا} [الجن: 18]، فقد قال القرطبي: أَيْ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَهُ غيره. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَيْ بُنِيَتْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ. 

وقال الإمام ابن العربي «المساجد وإن كانت لله ملكاً وتشريفاً فإنها قد نسبت إلى غيره تعريفا فيقال: مسجد فلان».

وانتهت لجنة الفتوى أنه بناء على ذلك فنسبة المسجد إلى اسم الوالد لا حرج فيها شرعًا ولا إثم يلحق بكم أو بالوالد ولا ينقص ذلك من أجره.