إجباري وبالمجان.. حين أدرك «ناصر» أن التربية والتعليم «حق وواجب»

الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر

«التعليم كالماء والهواء».. 3 كلمات تلخص فلسفة عميد الأدب العربي طه حسين حين نادى بمجانية التعليم، فيما كان يقتصر قديمًا على أبناء الذوات الذين يملكون الأموال، لتبدأ التجربة بالمرحلة الابتدائية في عام 1944، ومن ثم المرحلة الثانوية في عام 1950.


ظل حال التعليم في مصر هكذا إلى أن جاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأعلن في الذكرى العاشرة للاحتفال بثورة يوليو 1952 عن مجانية التعليم في جميع مراحله، سواء بالمدارس أو المعاهد أو الجامعات، وعملت ثورة يوليو 1952 على الاهتمام بتعميم التعليم ونشره وإقرار مجانيته وذلك بإصدار القانون رقم 210 لسنة 1953.

التعليم كالماء والهواء

هدى عبد الناصر، ابنة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أكدت في إحدى كتاباتها أن والدها "لم يدّع قط أنه أدخل مجانية التعليم في مصر، وكلنا يعرف دور طه حسين في المناداة بذلك بالنسبة للمرحلة الابتدائية عندما عمل مع وزير المعارف أحمد نجيب الهلالي في عام 1943، وكذلك بالنسبة للتعليم الثانوي والفني، عندما أصبح وزيرا للمعارف في وزارة مصطفى النحاس فى عام 1950".

وعُرفت عن عميد الأديب العربي مقولته الشهيرة: "التعليم كالماء والهواء"، والتي عمل على وضعها موضع التنفيذ حتى أقيلت وزارة الوفد عقب حريق القاهرة مباشرة في 27 يناير 1952.

أهمية التعليم لناصر


وتروي هدي عبد الناصر عن والدها: "أدرك عبدالناصر نفسه أهمية مجانية التعليم التي كانت مرتبطة بالتفوق، عندما سعى للحصول عليها وهو يوزباشي بالجيش المصري لشقيقه الليثي، فكتب إلى صديقه حسن النشار في عام 1938، يقول: عندي موضوع وأظنك تعرف له حلا؛ وهو رغبتي في إدخال الليثي التعليم مجانا، فإنه حصل على مجموع أكثر من 70%، وطبعا هذا يقلل المصاريف علي أنا خاصة.. أرجو أن تهتم بمسألة الليثي وتجاوبني بصراحة.. هل هذا في مقدورك؟ حتى أعرفك بمجرد إرسال الطلب".


أدرك "ناصر" مبكرًا الحمل الذي يقع على عاتق الأسرة المتوسطة من أجل تعليم أبنائها، من خلال مشاركته والده في هذا العبء بالنسبة لإخوته، ففي خطاب أرسله إلى والده يعاتبه فيه لأنه تكبد مشكلة تدبير مصاريف أخيه مصطفى دون أن يفاتحه في ذلك، فقال: "لم يكن هناك داع للسفر لتدبير باقي مصاريف مصطفى، وقد كان الأولى مصارحتي بكل شيء، وممكن توفير المبلغ المطلوب. وقد تألمت لأنك - كما لاحظت من جوابك - تعبت في هذا التدبير.. عموما كان الواجب أن يسبق ذلك خطوة وهي مفاتحتي".

اختيار اسم "التربية والتعليم"

ابنه الرئيس الراحل لفتت إلى أنه منذ بداية الثورة كان "عبد الناصر" يرى أن التربية والتعليم من أسس الوجود القومي، وأنها في نهاية الأمر حق وواجب؛ حق من حقوق المواطن، وواجب من واجباته، وحق للدولة على المواطنين وواجب تؤديه لهم، ولذلك رأت الثورة أن يتم إلغاء اسم "المعارف" ليكون اسمها الجديد تعبيرًا عما تفهمه الثورة منها.

ولقد كان لإدخال عنصر التربية بالاسم والفعل في وزارة التربية والتعليم صدى كبير؛ إذ شهدت المدارس ألوانا عديدة من النشاط الاجتماعي والرياضي والثقافي في داخلها وخارجها.

إجباري وبالمجان

في عام 1956 صدر الدستور وتم الاستفتاء عليه في 22 يونيو من العام نفسه، وقد نصت المادة 48 على أن التعليم حر في حدود القانون والنظام العام والآداب، وقد وردت بالنص من قبل في دستور 1923.

كما نصت المادة 49 على أن التعليم حق للمصريين جميعا تكفله الدولة؛ بإنشاء مختلف أنواع المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية، والتوسع فيها تدريجيا، وتهتم الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والعقلي والخلقي، والمادة 50 نصت على أن تشرف الدولة على التعليم العام وينظم القانون شؤونه، وهو في المراحل المختلفة بمدارس الدولة بالمجان في الحدود التي ينظمها القانون، والمادة 51 نصت على أن التعليم في مرحلته الأولى إجباري وبالمجان في مدارس الدولة.