عضو بالمجلس الوطني الفلسطيني يستحضر الذكرى الـ31 لوقوعه في أسر الاحتلال

عبد الناصر فروانة
عبد الناصر فروانة

"كأنه البارحة".. هكذا وصف الأسير المحرر عبد الناصر فروانة، عضو المجلس الوطني الفلسطيني ومدير وحدة الدراسات والتوثيق بهيئة الأسرى والمحررين، الذكرى الحادية والثلاثين لاعتقاله من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وكانت هذه هي المرة الرابعة والأخيرة، التي يقع فيها عبد الناصر فروانة في قيود أسر المحتل الإسرائيلي، وهي المرة التي أمضى فيها أطول فترة في سجون الاحتلال.

يوم لا يُنسى

ويسرد فروانة ما حدث في ذلك اليوم الخامس والعشرين من سبتمبر عام 1989، فيقول، "أذكر جيدًا أنه في ليلة الخامس والعشرين من سبتمبر1989، داهمت قوات الاحتلال المدججة بالسلاح ورجال المخابرات الإسرائيلية، بيتنا الصغير الكائن في حارة بني عامر القديمة في حي الدرج العتيد وسط مدينة غزة، وقاموا بتفتيشه والعبث بمحتوياته، وقالوا لوالداي: خمس دقائق وسيعود!".

ويضيف فروانة، "أخذوني إلى خارج البيت، كبّلوا يداي ووضعوا عصبة على عيناي وألقوا بي في جيب عسكري واقتادوني إلى جهة مجهولة، إلى أن وصلت إلى سجن غزة المركزي "السرايا"، وبعدها زُج بي في زنازين ضيقة وقذرة لا تدخلها أشعة الشمس، بقسم التحقيق هناك، الذي كان يُعرف بـ"المسلخ"، لما عُرف عن قسوته وشدة التحقيق والتعذيب فيه".

ويمضي قائلًا، "أمي ومعها والدي ينتظران عودتي بعد انقضاء الخمس دقائق، وقد عُدت إليهما بالفعل ولكن بعد خمس سنوات!".

ويقول فروانة لـ"بوابة أخبار اليوم"، إنه وقتها كان يبلغ من العمر 22 عامًا، مشيرًا إلى أن أخاه الصغير والوحيد كان في السجن أيضًا.

وحول عمره عندما تم اعتقاله أول مرة، يذكر فروانة أنه كان يبلغ من العمر 19 عامًا تقريبًا، مستدركًا بالقول، "لكن والدي اعتُقل وأنا عمري أقل من 3 سنوات، وأمضى أكثر من 15 سنة في السجن، أما أخي الصغير اعتُقل وكان عمره 16 سنة، وأمضى على فترتين ٧ سنوات في السجن".

تجربة مريرة

وعن تجربة ما حدث له، يروي فروانة أن تجربة اعتقاله كانت هي الأقسى من بين تجارب الاعتقال التي مرر بها في حياتي، مضيفًا "مكثت مائة يوم متواصلة، بين المسلخ القاتل والزنازين الضيقة المعتمة، تعرضت خلالها لصنوف مختلفة وبشعة من التعذيب الجسدي والنفسي، ومكثت فيما يُطلق عليه الأسرى "الثلاجة" أيامًا وليالي طوالًا، ما تزال ماثلة في عمق وعيي صورة المحقق المستمتع بتعذيبنا، وكذلك موت الأسيرين خالد الشيخ علي وجمال أبو شرخ اللذين استشهدا على يدي ذات المحقق، في تلك الأيام العصيبة".

ويتابع قائلًا، "تلك التجربة التي امتدت إلى مائة يوم من التعذيب المتواصل داخل أقبية التحقيق، كانت فترة مؤلمة ومعاناتها قاسية، وكل من عايشها يُدرك ما أقول، فلطالما تمنيت خلالها الموت مرة واحدة، كي لا أموت ببطء مرات ومرات عدة، وهي تجربة شخصية تتشابك بالتأكيد مع التجربة الجماعية لكل الأسرى الفلسطينيين".

ويكمل حديثه قائلًا، "وهناك من التجارب أكثر قسوة، وقد تكون تجربتي هذه أقل مرارة من غيرها، إذ أن ما من فلسطيني مرّ على سجون الاحتلال ودخل زنازينها، إلا وتعرض للتعذيب. وما من معتقل عُذب إلا وقد بقيت صورة المُعذِب عالقة في وجدانه، محفورة في ذاكرته".