« لو « علم المصريون حجم المؤامرات التى تستهدف هدم بلدهم، لوقفوا صفاً واحداً، درءاً لمخاطر كبيرة، تدبرها دول وأجهزة مخابرات، وتتحرك على المسرح عرائس ممسوخة، ترتكب أفدح صور الخيانة ضد وطنهم.
مصر لا تسعى إلا أن يتركوها فى حالها تبنى بلدها وتبذل جهدها لتوفير حياة آمنة لشعبها، وكلما ارتفع البناء علت أصوات الغل والكراهية، لا يريدون لهذا البلد خيراً.
مصر مستهدفة... فى هذا الوقت بالذات:
لأنها وقفت على قدمها، وكان مخططاً لها الركوع، وفى وقوفها إفساد لمخططات، كانت تستهدف إعادة تقسيم الدول على أسس دينية، وفى القلب مصر، التى عطلت «سايكس بيكو» جديدة، تستهدف صياغة المنطقة بعد تفكيكها وإنهاكها بالحروب الأهلية.
هم يريدون مصر لا «تشبع» ولا «تجوع»، إنما حد «الكفاف»، ففى جوعها «خطر»، وفى شبعها «قوة» ومن الأفضل»لهم» أن تنحنى ولا تكون رأسها مرفوعة، ويتصورون أن ضربها يزيدهم قوة ومكانة.
كثيرون يطمحون أن يجلسوا على «عجلة القيادة» فى المنطقة، حتى لو لم يكن فيها عربة ولا قيادة ولا طريق وكثيرون يحلمون بــ «كعكة» النفوذ، دون أن توضع الكعكة على المائدة.
يعلمون جيداً أنه حين تكون التجربة مصرية، تجذب الشعوب المتطلعة، وليس فى صالح مجلس الشر العالمى، أن تكون مصر جاذبة، لم ينسوا محمد على باشا وجمال عبدالناصر.
كانوا يريدون محاصرة مصر على ضفاف النيل، فتضيق الأرض والسماء على أهلها، فيتقاتلون ويتشاجرون ويختلفون فى الوادى المزدحم، ويسهل تقسيمهم لدويلات، ولكنها عمَّرت وتوسعت، هم يعلمون جيداً أن الخروج من الاختناق يساوى الانطلاق.
>>>
يهاجمون مصر لأنها تبنى، بينما القنابل والطائرات تدك ما تبقى من القصور العربية التاريخية، لم يذكروا أن هذا البلد بنى أكثر من مليون وحدة سكنية حضارية للمحتاجين وغير القادرين.
يهاجمون مصر لأنها تنشئ 20 مدينة جديدة.. نسجد لله حمداً وشكراً، المدن حولنا تتهدم والشعوب تتشرد ومصر تبنى.. ونستحق بالفعل حسدهم وحقدهم.
ولا يعجبهم المسجد والكنيسة، ولو سمع الأقدمون كلامهم، لخافوا ولا بُنى الأزهر ولا الأهرامات ولا قصر عابدين ولا معبد حتشبسوت ولا الدير البحرى.. ونسجد لله حمداً وشكراً..على آذان المسجد وأجراس الكنائس.
>>>
كانوا يريديون لمصر حاكماً على مقاس المعزول وجماعته، ليس زعيماً مصرياً وطنياً أصيلاً، يقف مع زعماء العالم على قدم المساواة، ولا يقبل المساس ببلده.. ولا يسعدهم أن يشيدون بجهوده.
يخافون من التجربة المصرية فتسرى عدواها لتحقق آمال وتطلعات الشعوب، فيلعبون بأموالهم وتحريضهم فى الخطوط الخلفية، ويفتشون فى أى دولة يمكن أن يفسدوا علاقتها بمصر، ولكن فاتهم أن الله منح هذا الوطن القوة والصبر والسداد.
وهل تذكرون عبدالناصر عندما غادر قاعة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بعد إلقاء خطابه فى سبتمبر 1960، فخرج خلفه 124 رئيس دولة، فصرخ الرئيس الأمريكى ايزنهاور عبدالناصر يحكم نصف العالم؟