ورقة وقلم

تغييب الوعى.. والاتجار فى اليأس

ياسر رزق
ياسر رزق

الحرب النفسية التى تدار ضد المصريين عبر فضائيات الإخوان ولجانهم الإلكترونية
هدفها نشر الإحباط وإضعاف الدولة، ليقفزوا من جديد على السلطة

الغاية من القتال فى مسارح العمليات هى هزيمة الجيوش.
والغاية من الحرب النفسية على وسائل الاتصال والتواصل هى هزيمة الشعوب.
بالسلاح قد تخسر معركة، لكن يمكنك بعد حين أن تعود وأن تضرب وتنتصر.
غير أنك قد تخسر الحرب، دون مجابهة خصم، ودون إطلاق رصاصة، إذا أنت استسلمت لضربات معاول الإحباط والتيئيس، واستطاع العدو تحطيم معنوياتك وكسر إرادتك.
قرابة عشر سنوات ونحن نتعرض لحرب نفسية عاتية، غرضها زعزعة ثقة الشعب بنفسه وبتاريخه وبمستقبله، ليسهل تفكيك أوصال الوطن، مرة واحدة وإلى الأبد.
تسارعت وتيرة تلك الحرب، فى أعقاب ثورة 30 يونيو، التى جسدت تلاحم الجماهير مع جيشها البطل فى مجابهة نظام فاسد خائن كافر بالوطن.
وهيمن الجنون على محركيها فى الخارج، وأدواتهم فى الإقليم، والدمى التى يمسكون بخيوطها فى الداخل، بعدما قبل أيقونة الثورة عبدالفتاح السيسى الأمانة التى عرضها عليه الشعب، وتحمل المسئولية العسيرة بشرف وإخلاص وهمة، ممزوجة بإدراك عميق للمخاطر، ووعى يقظ بالتحديات، ومعرفة يقينية بالطريق نحو التقدم، ومقدرة لا تُبارى على شحذ العزائم وصنع مجد جديد لأقدم بلاد الدنيا.
< < <
كلما اخضرت أرض، وكلما احتفر إنجاز، وكلما قام بناء فى هذا البلد، نهش الحقد صدور الأعداء فى الداخل والخارج.
وكلما ارتسمت بسمة على شفاه، وكلما أشرقت وجوه بالأمل، واستبشرت نفوس بالغد، وأترعت قلوب بالحياة، استبدت بهم نزعات التقتيل والتخريب والتدمير.
حينما انهزم الإرهاب فى الوادى واندحر فى سيناء، وبارت تجارة القتل والخراب لدى جماعة الإخوان وأتباعها وداعميها، بفضل يقظة وبسالة أجهزة الأمن وقوات الجيش والشرطة، تحول المجهود الرئيسى لإخوان الشياطين نحو نفوس أبناء الشعب للتأثير عليها وإضعافها نحو صدورهم لقلقلة استمساكهم بنهج نظامهم الوطنى، ونحو عقولهم لزعزعة وعيهم وصولا إلى تغييبه، أملا فى أن تروج تجارة اليأس الذى يريدون له أن يرعى ويستشرى ويسود فى وجدان المصريين.
< < <
الاتجار فى اليأس صار هدفهم ومازال.
والطريق إليه هو تحويل كل نعمة إلى نقمة، وكل إعجاز إلى إخفاق، والتفتيش فى كل إنجاز عن نقائص، فإن لم يجدوها اصطنعوها، فإن لم يستطيعوا استجلبوا أبواقهم لقلب الحقائق وتزوير الوقائع، عبر شاشات الفضائيات فى الدوحة واسطنبول، وعبر الكتائب الإلكترونية الممولة من قطر وتركيا، وعبر قطعان الضباع الموجهين تنظيميا ليجوبوا باسطوانات الشائعات فى وسائل الانتقال والمواصلات والمحال العامة فى الداخل المصرى.
< < <
وعلى هذا.. تضافرت كل وسائل الحرب النفسية الشرسة التى تستهدف الشعب المصرى وكتلته الوطنية والتحالف المصرى الذى قاد ثورة 30 يونيو، لينشرخ جداره، وتنشق صفوفه، وتتشرذم مكوناته، فيسهل إسقاطه بنفخة ريح سيئة، إن لم يسقط من تلقاء نفسه بعد كل ما أصابه من ضربات.
وهكذا.. اشتغلت ماكينة الدعاية السوداء على نظام 30 يونيو وقائده ومنجزاته.
الثورة صارت انقلابا. والخونة السجناء أصبحوا هم الوطنيين. القرار المستقل صار تبعية،  والانبطاح لطهران وأنقرة وأقزام الدوحة صار تضامناً مع القوى الإسلامية.
قناة السويس الثانية مجرد ترعة كـ«طشت» أم أحدهم.
العاصمة الإدارية لا لزوم لها. والمدن الجديدة دفن للمال فى رمال الصحراء. البحيرات المنقاة المطهرة إغراق للأموال فى قاع اليم.
محطات الكهرباء العملاقة، محطة الضبعة النووية، مشروعات استصلاح مليون ونصف المليون فدان، واستزراع الأسماك فى شمال الدلتا وشرق القناة، وتسمين مليون رأس ماشية، كلها إما غير مدروسة أو فاشلة أو بلا جدوى.
< < <
كانوا يسخرون من الجيش المصرى وهم فى السلطة ويقارنون بين تسليحه وبين أسلحة أحبائهم فى تركيا وإيران وأعزائهم فى إسرائيل، وحينما شهد الجيش نقلة هائلة وانطلاقة لا مثيل لها تدريبا وتسليحا واستعداداً قتاليا حتى أصبح يصنف كميا ضمن أقوى تسعة جيوش فى العالم، أخذوا يملأون الدنيا عويلا على الأموال التى تنفق على تسليح الجيش.
وتشعر من نبرات الغل فى أصواتهم، أنهم كانوا يتمنون لو أن الجيش المصرى غير قادر على حماية شمال سيناء من جرائم حلفائهم الإرهابيين، كانوا يحلمون لو أنه عاجز عن صون الحدود الغربية مع ليبيا من إغارات ميليشيات الإرهاب ومواجهة التحالف بين نظام السراج العميل والغزاة العثمانيين الذى يستهدف تكريس انقسام ليبيا وتجزئة الدولة واستهداف النظام الوطنى المصرى، وكانو يأملون لو أن الجيش المصرى فاقد لقدرة الردع التى تضمن لجم جموح من يتصور أن بوسعه الإضرار بحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، وغير قادر على الدفاع عن ثروات مصر فى مياهها الاقتصادية الخالصة بالبحر المتوسط.
< < <
تستشعر الكراهية والحسد والغيرة تعربد فى صدورهم الخربة المريضة وهم يثرثرون عبر فضائياتهم، أو يدونون تغريداتهم وتعليقاتهم على شبكات التواصل، حقداً على ما يجرى على أرض مصر بسواعد أبنائها وعصارة خبرة علمائها وفكر ورؤية قائدها.
تتحطم أوهامهم كلما طالعوا الأرقام القياسية التى يسجلها أبناء مصر فى كل يوم، وتتبخر أضغاث أحلامهم بأن يفشل نظام 30 يونيو فى تلبية مطالب الشعب وتحقيق آماله.
فعلى مدى السنوات الست الأولى من رئاسة السيسى، أنجزت مصر 10 مشروعات كل يوم بمتوسط 1.8 مليار جنيه فى كل طلعة نهار.
ووصل إجمالى الاعتمادات التى أنفقت وتنفق حتى يونيو المقبل ما يزيد على 4 تريليونات جنيه لإنجاز 25 ألف مشروع تنموى.
كان حكام مصر السابقون يجابهون من الرأى العام بأسئلة عن أين ذهبت أموال الدولة وكيف أنفقت ثروات الشعب.. لكن المثير للسخرية أن السؤال الذى يوجه للسيسى فى الفضائيات الإخوانية هو: من أين جئت بهذه الأموال؟!!
< < <
إذا تحدثت عن إنشاء 20 مدينة جديدة من رأس الحكمة غرباً إلى رفح الجديدة شرقاً ومن العلمين شمالاً إلى توشكى الجديدة جنوباً، وإذا تكلمت عن إنشاء ٨ آلاف كيلو متر تعادل ٢٥٪ من أطوال شبكة الطرق فى مصر..  سألوك: أين هى القرى من كل هذا؟!
وإذا قلت إن ما يزيد على 40٪ من القرى دخلها الصرف الصحى هذا العام مقابل 14٪ فى عهدهم، وأن 98٪ من مدن وقرى مصر تنعم بمياه الشرب النظيفة، قالوا: وأين المصانع؟.. وإذا تحدثت عن المدن الصناعية الجديدة والقلاع الصناعية فى سيناء والوادى، قالوا: وأين الزراعة؟
وإذا شرحت مشروعات الاستصلاح وزراعة مائة ألف صوبة تدر ما يعادل إنتاج مليون فدان من الخضر والفاكهة، قالوا: أين الصحة؟
وإذا قلت انه تم القضاء تقريبا على فيروس سى الذى كان ينهش أكباد المصريين وإطلاق مشروع التأمين الصحى الشامل وتدشين العديد من المبادرات الصحية لتحسين جودة حياة المصريين وإنشاء مستشفيات متطورة ومجهزة فى مختلف ربوع مصر، سألوك: أين التعليم؟
فإذا شرحت ما يجرى لإنشاء 73 ألف فصل جديد لتقليل الكثافة فى الفصول مع استيعاب الزيادات فى أعداد التلاميذ الجدد، وعرضت ما تم خلال 5 سنوات مضت من إنشاء 68 ألف فصل وصيانة 15 ألف منشأة بخلاف المدارس اليابانية والدولية الحكومية ومدارس المتفوقين وتدريب 2.3 مليون معلم، كل ذلك بتكلفة 100 مليار جنيه، سألوك عن التعليم العالى.
فإذا عرضت ما تم من زيادة عدد الجامعات من 41 جامعة إلى 72 جامعة خلال السنوات الستة الماضية فقط وإنفاق 90 مليار جنيه على مشروعات التعليم العالى والبحث العلمى، سألوك: وأين الثقافة؟
 فإذا تناولت ما يجرى من تطوير لقصور الثقافة وإقامة الجديد منها، ثم درة عقد الثقافة المصرية وهى مدينة الثقافة والفنون الرائعة بالعاصمة الإدارية، انتقلوا بك إلى نقطة أخرى وقالوا: وأين الفقراء من أبناء هذا البلد الذين قال عنهم السيسى إنهم لم يجدوا من يرفق بهم أو يحنو عليهم؟
فإذا تحدثت عن زيادة المعاشات وعن الإسكان الاجتماعى وعن مشروعات الأسمرات وبشائر الخير وغيرها لإسكان مليون ونصف المليون إنسان من قاطنى العشوائيات الخطرة فى مجمعات سكنية راقية مزودة بالخدمات والمرافق، بدون أى مقدمات مع تزويد الشقق بالأثاث والمفروشات والأجهزة المنزلية مجانا.. ستجدهم يقولون وقد أعجزهم المنطق.. ولكنكم إنقلابيون!
< < <
ثمة من يراهن أو على الأقل يتمنى أن تنزل إلى الشوارع اليوم (20/9/2020)، مجموعات من جماهير محبطة أو غاضبة ليتستر خلفها ومن ورائها جماعات حقد وحشود قتل وتخريب، تعيث فى الميادين فساداً.
رأيى المتواضع أن أحدا لن ينزل، لا اليوم ولا فى أى تاريخ آخر له وقع وبريق.
لا الناس معصوبة البصائر تنقاد وراء دعاة الخراب ولا الإرهابيون من أعضاء جماعة الإخوان سيجرؤون على منازلة الجماهير الوطنية التى لابد أن تتصدى لمن يريد قطع الطريق على مستقبلها، ولا سيتجرأون على مجابهة قوات الشرطة التى لن تسمح لأحد فرداً أو جماعة بأن يعبث بمكتسبات الشعب ومقدرات الوطن.
ولست أظن أن العمليات النفسية التى تدار عبر الفضائيات وعبر الفضاء الإلكترونى، والتى تحاول التدثر فى دعاواها بالحملة الصادقة التى تديرها الحكومة للحفاظ على الأرض الزراعية والتصدى لاغتصاب أراضى الدولة، من شأنها أن تنطلى على جموع الشعب الواعية التى صبرت على مرارة الإصلاح الاقتصادى وعلقم قراراته وفوتت الفرصة مرات عديدة على دعاة الفوضى والخراب، الذين لا يريدون إلا بث اليأس فى نفوس الناس، وإضعاف الدولة، ليتسنى لهم القفز مجدداً على السلطة!
< < <
إن جماعة الإخوان المسلمين ليست فى خصومة مع ثورة 30 يونيو فحسب، إنما هى فى خصومة مع مصر.
والإخوان لا يكرهون النظام وحده، وإنما يكرهون الوطن ويتمنون له الخراب.
هم لا يعادون السيسى، وإنما يعادون الغالبية الكاسحة من المصريين، الذين اكتووا بنار نظامهم الاستبدادى الخيانى.
والغرض الذى يبغيه قيادات تلك الجماعة الإرهابية هو تغييب وعى أبناء الشعب وقلب الصورة فى أذهانهم ولى أذرع الحقائق، سعيا لتشكيك المواطنين فيما يجرى على أرضهم من إنجاز، وإضعاف الرابطة الوثيقة التى تجمعهم بقائدهم البطل عبدالفتاح السيسى وبجيشهم الوطنى العظيم، عسى أن يتملك الإحباط من نفس الرجل فيذهب مغاضبا ولا يواصل مهمته فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وعلى أن يركن الجيش إلى الابتعاد عن الحياة العامة، فلا يشارك فى مشروعات التنمية، ولا ينهض بواجبه المستجد الذى أناطه به الدستور الجديد وهو الدفاع عن مدنية الدولة المصرية، أى باختصار قطع الطريق على جماعة الإخوان وحلفائها ومنعهم من القفز على السلطة وتغيير هوية الدولة المدنية.
.. ولكن هيهات أن ينجح الإخوان فى مسعاهم!