الرئيس ينتصر للبسطاء.. ويُخفض سعر المتر فى التصالح بالريف إلى 50 جنيهاً

جمال حسين
جمال حسين

مدبولى يكشف الحقائق فى حديث المصارحة والمكاشفة لـ «رؤساء التحرير وقيادات الإعلام»: بدأنا ملف المصالحات بـ «حيتان المخالفات» .. و4 مقاولين سددوا مليار جنيه !

مخالفات البناء التهمت 400 ألف فدان من اجود الأراضى الزراعية منذ عام 1980
البناء غير المخطط يمثل 50 % من الكتلة السكنية وتم انشاء 5 الاف عزبة ونجع فى 5 سنوات



«المسكوت عنه دائمًا».. هنا أقصد ملف التعدى على الرقعة الزراعية ومخالفات البناء الصارخة، التى استمرت عدة عقودٍ دون ضابطٍ أو رابطٍ، والتهمت 400 ألف فدانٍ من الأراضى الزراعية منذ عام 1980، نتيجة الزحف العمرانى العشوائى.. هذا الملف أثار الكثير من الجدل والتساؤلات، بل وأثارغضب البعض خلال الأيام الماضية.

عقود طويلة آثرت خلالها الأنظمة والحكومات المتعاقبة منذ سبعينيات القرن الماضي السلامة، ونأت بنفسها عن الاقتراب من ذلك الملف الشائك.. استسهل المسئولون السابقون ترحيل المشكلة وتأجيل المواجهة لمن يأتي بعدهم؛ فتفاقمت المشلكلة وتعقدت.. اكتفوا بعددٍ من المسكنات، سواء بإصدر قوانين لا تُنفذ، وقرارات يتم الالتفاف عليها، ولوائح استفاد منها فقط لوبي الفساد بالمحليات، وكانت النتيجة أن اكتست الأرض الزراعية الخصبة بالكتل الخرسانية، وأصبح البناء غير المخطط يُمثل 50 % من الكتلة السكنية، وزاد عدد العزب والنجوع من 27 ألف عزبة، وتابع في 2011 إلى 32 ألفًا في 2020.   

.. ولأن الرئيس السيسى يبنى مصرالحديثة التي نحلم بها، فقد اختار طريق المصارحة والمكاشفة والوضوح، وأعلنها قويةً بأنه حان وقت إيقاف نزيف الأراضي الزراعية والبناء العشوائى، بالتوازى مع تنفيذ أكبر خطة عمران سكنى فى تاريخ مصر؛ ببناء مليون وحدة سكنية، ومليون أخرى في الطريق، وتشييد العديد من المدن الجديدة فى كل محافظة، وتوسيع الأحوزة العمرانية والمخططات التفصيلية للمدن والقرى بإضافة 160 ألف فدان، وتقنين حالات وضع اليد على أملاك الدولة.
وأصدرت الدولة قانون التصالح فى مخالفات البناء؛ لتقنين حجم المخالفات التى تم بناؤها منذ عام 2008، ولم يُؤتِ ثماره، ثم تم تعديله، ومؤخرًا تم إقرار العديد من التيسيرات للمواطنين؛ حتى يتقدم المواطنون قبل انتهاء المدة فى 30 سبتمبر الحالى بملفات التصالح، وتم عمل تخفيضات فى التسعير، حيث قامت 23 محافظة بتخفيض رسوم التصالح فى مخالفات البناء، بقيم تتراوح ما بين 10% إلى 70%، تخفيفًا عن كاهل المواطنين البُسطاء، لكن استمرت شكاوى المواطنين، خاصةً فى القرى والنجوع.
وهنا تدخل رب العائلة المصرية الرئيس عبدالفتاح السيسى وانتصر للبسطاء من أهلنا بالريف، وقرر أن يكون الحد الأدنى وقدره 50 جنيهًا؛ هو تسعير متر المخالفات بالقرى والنجوع، مراعاةً للبُعد الاجتماعى؛ وهو القرار الذى لاقى ارتياحًا كبيرًا من المواطنين؛ بمجرد أن أعلنه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء.
حديث المصارحة والمكاشفة
صباح أمس توجهنا جميعًا رؤساء التحرير والقيادات الإعلامية والصحفية إلى محافظة القليوبية، عند أطراف مدينة بنها، بمنطقة كفر سعد على ضفاف النيل، وبالتحديد بكفر سعد، بدعوةٍ من الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، لعقد لقاء مفتوح مع رؤساء تحرير الصحف وكبار الكتاب والإعلاميين.. حضر اللقاء الفريق أول محمد زكى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، واللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، واللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، والدكتورعاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، وأسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام.
وعلى مدى ساعتين أسهب الدكتور مصطفى مدبولى فى شرح أبعاد تلك القضية وخلفياتها التاريخية؛ حتى قررت الدولة اختيار الصعب؛ لوقف التعدى على الأراضى الزراعية، وهى تبنى مصر الجديدة على أسسٍ سليمةٍ.. اختار رئيس الوزراء محافظة القليوبية لعقد مؤتمره الصحفي؛ وذلك لشرح الأمر على أرض الواقع، حتى يعرض للمصريين ذلك النموذج الصارخ، الذى تم تصويره جوًا للتعديات على أرض الدولة في مدينة الخصوص، التي أُقيمت بكاملها على رقعة من أجود الأراضي الزراعية، والتى تحولت إلى كتل خرسانية دون تخطيطٍ ولا تنسيقٍ، بل أُقيمت بشكل عشوائى يحتاج مليارات الجنيهات فقط؛ لشق طرق لتحرك سكانها، وخلال سرده للواقع الأليم ركز رئيس الوزراء، فى حوار الصراحة والمكاشفة، على مجموعة من النقاط المهمة، التى يجب أن تصل إلى كل المصريين حتى يعلم الجميع مدى حرص الدولة على إقامة بلد عظيم يعيش على أرضه شعب أعظم، حتى لو كان الشفاء من ذلك المرض المُتأزم، هو ذلك «العلاج المر»، وهذه النقاط التى أعتقد أننا وكل المصريين نتفق مع رئيس الوزراء عليها؛ هى:
الواقع والمستقبل    

- الدولة تسعى لإصلاح الأخطاء الممتدة عبر عقودٍ طويلةٍ؛ لأن سياسة غض البصر عن المشاكل التي كانت متبعةً فى الماضى لا يعني اختفاءها، فقد فقدت مصر على مدار 40 عامًا ما يقرب من 400 ألف فدان؛ منها 90 ألف فدان فى الفترة من 2011 وحتى الآن.
- البناء غير المخطط يُمثل 50 بالمئة من الكتلة السكنية لمصر
- البناء العشوائى يُعرقل جهود الدولة لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين
- الهدف من التصدى لمخالفات البناء هو الإصلاح ووضع حد للبناء العشوائى
- منذ 2011 وحتى الآن تم تسجيل 2 مليون حالة تعدٍ على الأراضى الزراعية فقدت مصر بسببها 90 ألف فدان من أخصب أنواع الأراضى الزراعية
- 5 آلاف كتلة سكنية وسط الأراضى الزراعية بُنيت خلال الخمس سنوات الماضية
- الدولة حريصةٌ على الزيارة الميدانية على أرض الواقع لتوضيح حجم الخسائر التي تتكبدها الدولة
- الدولة ستضطر لبناء الخدمات على أراضٍ زراعيةٍ بالخصوص لحل مشاكل المواطنين
- القانون يُجرم البناء المخالف والتعديات على الأراضى الزراعية
- القانون حدد قيمة التصالح من 50 جنيهاً إلى 2000 كحدٍ أقصى
- مليون مواطن فقط تقدموا بطلب التصالح وشكرهم لأنهم اهتموا بهذاالموضوع وتفهموا حجم المشكلة وتعاونوا لحلها.. ودعا رئيس الوزراء الباقين بالحذو حذوهم والتقدم لتقنين أوضاعهم  
- الدولة سمحت بشهرين بعد 30 سبتمبر.. لاستكمال أوراق التصالح
- خصم 25% من قيمة مقابل التصالح عند دفع المبلغ كاملاً
- قيمة التصالح فى الريف ستكون الحد الأدنى وهو 50 جنيهًا للمتر
- الحكومة تعمل على إنشاء مليون وحدة سكنية جديدة في الفترة المقبلة.. بالإضافة للمليون وحدة التي تم إنشاؤها في الفترة الماضية
 - هناك 23 محافظة خفضت قيمة التصالح.. التوجيه أن نستلم المستندات المتاحة ويتسلم المواطن نموذج 3 الذى يعنى تجميد الموقف حتى اكتمال مستنداته،.. موضوع المكاتب الاستشارية سهلنا بأن يكون مهندس نقابي فقط حتى يقول بأن المبني صالح وغير آيل للسقوط، وأتحنا شهرين بعد 20 سبتمبر لاستكمال المستندات.

ليست جباية أموال
وفي نهاية اللقاء رد رئيس الوزراء بكل صراحة ووضوح على أسئلة واستفسارات رؤساء التحرير وكبار الكتاب والإعلاميين والمفكرين، حيث أكد أن الدولة لا تقوم بجباية الأموال وقيم التصالح سيتم إنفاقها على القرى الأكثر فقرًا، حيث أنفقت الدولة 13 مليار جنيه، وتحتاج 40 مليار جنيه لتطوير 1000 قرية ونجع.. أكد أن الحكومة ليست في حربٍ مع المواطن، وأن قانون التصالح فى مخالفات البناء ليس لعقاب المواطنين، ولكن لخدمتهم عشان يكون وضعهم قانونياً.
وكشف الدكتور مصطفى مدبولى أن الدولة بدأت فى ملف التصالح في مخالفات البناء بمن يسمون بـ»الحيتان».. وأن النيابة العسكرية قررت حبس عدد كبير من المقاولين ودفعوا من أجل التصالح
رئيس الوزراء قال: بدأنا بأحد رجال الأعمال الذي دفع 200 مليون جنيه دفعة واحدة للتصالح في مخالفات بناء تخصه وأن هناك 4 مقاولين دفعوا ما يقرب من مليار جنيه للتصالح، حيث إن أحدهم بنى 200 برج سكنى.. أكد بكل حزمٍ وقوة على أن الدولة لن تسمح مستقبلاً بأي بناء على أراضٍ زراعية أو أي أراضٍ مخالفة للبناء، وستتعامل بمنتهى الحزم مع الأمر، حتى تحفظ الأرض للأجيال القادمة.. وقال إن استمرار نزيف الأراضي الزراعية يهدد بالوصول لمشكلة حقيقة في توفير الغذاء لـ100 مليون مواطن في المستقبل.
أضاف أن برنامج الإسكان الجديد سيتضمن سكنًا اجتماعيًا، وبديلاً للعشوائيات، وسكنًا متوسطًا، وكل النوعيات من الإسكان.
وشدد على أهمية المدن الجديدة التي تعمل الدولة على بنائها، وضرورة تشجيع المواطنين للذهاب إليها، مضيفًا: «مفيش محافظة مفيهاش مدينة جديدة»، بالاضافة إلى توسيع الأحوزة العمرانية.
رئيس الوزراء أشاد بدور الإعلام والكتاب في إيضاح الصورة لحجم الخسائر التي تتكبدها الدولة من البناء المخالف.
واختتم لقاءه المفتوح مع الإعلاميين بالقول: إنه آن الأوان ومن الضرورى غلق صفحة مخالفات البناء والعشوائيات، وتقنين الأوضاع، وعلى المواطنين تقديم طلباتهم لغلق هذا الملف، مؤكدًا أن الدولة لن تسمح بالبناء مرة أخرى على الأراضى الزراعية.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي