سيدة القطار.. أعزكِ الله

جمال حسين
جمال حسين

لم أستغرب جميل صنيع سيدة القطار؛ التى سجَّلت موقفًا بطوليًا، وتصدَّت لتجاوز الكمسارى ورئيس القطار، بحق مجندٍ، وإصرارهما على إنزاله من القطارِ، وتسليمه للشرطةِ؛ بسبب قيمة التذكرة، رغم أن المُجنَّد كان مُنضبطًا إلى أقصى حدٍ، وتحلَّى بالأدبِ والأخلاق الحميدةِ، بينما سخر الكمسارى من ارتدائه الكمامة ؟!!  

لم أندهش من حُسن تصرُّف السيدة صفيَّة أبوالعزم؛ بطلة “فيديو الشهامة”، التى أصبحت حديث الرأى العام المصرى، وأصبحت « تريند” مواقع التواصل الاجتماعى؛ واستحقت ذلك التكريم الرائع من الرئيس عبدالفتاح السيسي الذى أوفد لها وفدًا رئاسياً قدم لها هدية اعتبرتها الأغلى فى حياتها، كما استحقت الإتصال الرائع من الفريق أول محمد ذكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الذي قدم لها الشكر على جميل صنيعها .. لم أندهش لتصرفها الرائع لأنها إحدى عظيمات مصر، اللائى يُؤكِّدن يومًا بعد يومٍ أنهن القدوة والمثل فى البطولةِ والتضحيةِ والفداءِ دون أن ينتظرنَ جزاءً ولا شكورًا.

لم أندهش أيضًا من سوء تصرُّف كمسارى ورئيس القطار، الذى يتكرَّر - للأسف - ممن أساءوا لمرفق السكة الحديد، وشهدت مثله بنفسى أثناء استقلالى قطارات الصعيد، لكن حتى أكون مُنصفًا، كان من بين الكمسارية من يحمل بين أضلعه قلب إنسانٍ، وكان يتعامل مع بعض الحالاتِ بروح الأبوَّة والإنسانيَّة، ويترفَّق بالبسطاءِ حتى لو دفع قيمة التذكرة من جيبه.  

السيدة الفاضلة صفيَّة أبوالعزم، نموذجٌ مشرفٌ للمرأةِ المصريَّة الأصيلةِ، التى لم تتحمَّل أن ترى شابًا مثل أبنائها يتعرَّض لصِلف الكمسارى، وانبرت من بين ركاب عربة القطارِ المكدَّسة بعشرات الركاب، وأصرَّت على دفع قيمة التذكرة؛ حتى لا يتم إنزال المُجنَّد من القطار.

السيدة الفاضلة صفيَّة أبوالعزم، جاء تعليقها على الواقعةِ على قدر عظمتها، حيث أكَّدت أنها لم تفعل إلا الواجب؛ بعد أن استفزَّتها تصرُّفات الكمسارى ضد شابٍ فى عمر أبنائها يفتدي هو وزملائه خير أجناد مصر أرض الكنانة بدمائهم وأرواحهم وقالت: أى حد مكانى كان هيعمل كده.. أنا أم، وتخيَّلت أن إبنى يتعرَّض لمثل هذا الموقف، فسارعت بدفع قيمة التذكرة؛ لإنهاء المشكلة.

حسنًا فعل الفريق كامل الوزير، وزير النقل؛ عندما سارع بالاعتذار عن قيام كمسارية القطار بالتجاوز فى حق المُجنَّد، مؤكِّدًا احترامه واحترام كل العاملين بالسكة الحديد لجمهور الركاب بوجه عامٍ، وكل أفراد القوات المسلحة الباسلة والشرطة على وجه الخصوص.. وحسنًا فعل؛ بإحالة مسئولى القطار للتحقيق وعقابهما وإيقافهما عن العمل.

وكم كان رائعًا أن تصدر القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا، وجَّهت فيه الشكرَ والتقديرَ للسيدة صفيَّة أبوالعزم؛ أكَّدت فيه أن ما فعلته السيدة صفيَّة، تعبيرٌ عن أصالة المرأةِ المصريَّة، التى تحمل فى قلبها الكثيرَ من العطاءِ والإنسانيَّةِ والأمومة.

وأعربت القوات المسلحة عن تقديرها للإجراءات التى اتخذتها وزارة النقل ضد الواقعة، التى لا تنمُ إلا عن سلوكٍ فردىٍّ خاطئ، والتأكيد على أن جُندها هم عصب القوات المسلحة على مر العصورِ، وهم حُماة الوطن الذى نعيش فيه، نذروا أنفسهم فداءً لوطنهم وشعب مصر العظيم، وأنهم يتحلُّون بالانضباطِ.

فى النهاية أقول إن السيدة صفيَّة أبوالعزم، هى بالفعلِ نموذجٌ مُشرفٌ للمرأةِ المصريَّة، تستحق أن نُكرِّمها جميعًا تكريمًا يليق بها.. نعم أعزكِ الله يا سيدة القطار.