حكايات| العرق «النتن».. شعوب ذاقت الأمرين في الملف الأسود لـ«تشرشل»

صورة تعبرية
صورة تعبرية

حين اندلعت مظاهرات في العاصمة البريطانية لندن ضد العنصرية، تضامنا مع الأمريكي الراحل جورج فلويد صاحب البشرة السمراء، كان تمثال رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل أول من تعرض لهجوم من المتظاهرين.. فما السر وراء ذلك؟

 

في وقت كان العالم يعاني فيه من آلام هتلر وموسوليني، لم يكن غريبًا أن يظهر «تشرشل» ليوسع خريطة المعاناة من القصف والتجويع من أيرلندا شمالا إلى كينيا جنوبًا والهند شرقًا وإن كانت أزمات الأخيرة الأكثر بؤسًا.

 

السير ونستون ليونارد سبنسر تشرشل، صعد إلى منصب رئيس الوزراء في المملكة المتحدة من عام 1940 وحتى عام 1945، إبان الحرب العالمية الثانية، ثم في عام 1951 تولى تشرشل المنصب ذاته إلى عام 1955.

 

وحسب ما تحدثت عنه مصادر إنجليزية متعددة فإن تشرشل قضى سنوات حياته الأولى ضابطًا بالجيش البريطاني، و‌مؤرخًا، و‌كاتبًا، بل و‌فنانًا، كلُ في آن واحد.

  

أُرسل تشرشل في مهام للجيش البريطاني بكل من المستعمرة الهندية و‌السودانية، كما شارك بحرب البوير الثانية، بصفته ضابطًا بالجيش البريطاني. وفي تلك الفترة ذاع صيته كأشهر مراسلي الحروب. ألف تشرشل كثيرًا من الكتب، ذكر فيها تجاربه التي شهدها في حملاته و‌حروبه.

  

في قرى الهند ودول الجوار، لا يزال الأجداد يحتفظون بذاكرة مليئة بكوابيس للإنجليز وما فعله تشرتشل من حملات تجويع ممنهجة رافعًا شعار «لا أزمة في تجويع جائع بالفعل»، وليس كما يتم الترويج من تقديم البريطانيين أشياء عظيمة للهند، بداية من السكك الحديدية إلى النظام البريدي.

 

آمن تشرشل – صاحب الخطب الرنانة – بتفوق العرق الأبيض البريطاني على من دونهم من البشر ومن يعترض على ذلك سيقابل بمقابر جماعية بلا شك، وارتبط ذلك بعدم إخفائه إعجابه بـ«موسوليني» قائد الحركة الفاشية الإيطالية.

 

من بين قائمة ضحايا تشرشل كان الهنود هم الأكثر بؤسا، فلم يتوقف يومًا عن وصفهم بأنهم «الشعب الهمجي ذي الدين الهجمي» أو «العرق النتن»، ولعل في تلك الأوصاف ما يؤكد بلا شك أنه كان عنصريًا من الطراز الرفيع.

 

لا ينسى العالم مطلقًا واحد من أقسى قرارات الحاكم البريطاني حين تسبب في مجاعة عام 1943، إذ حصدت أرواح أكثر من 3 ملايين بنغالي، حين أصر على وقف إمدادات الطعام عن الهنود الجوعى وتحويلها إلى الجنود البريطانيين المجهزين في الأساس بما يكفيهم، وتوجيه المخزون الزائد لدى بلاده إلى اليونانيين واليوغسلافيين الذي تعهد لهم بتحريرهم.

 

لم يجد تشرشل حرجًا في تدوين تبرير لفعلته بقوله: «تجويع البنغاليين الذين يعانون أصلاً من الجوع ليس أخطر من تجويع اليونانيين الأصحاء»؛ بل إنه حين سأل عن سبب وقوفوه عمدًا خلف معاناة البنغاليين، كان رده مهينًا للغاية: «لأنّهم يتكاثرون كالأرانب وإذا ما كانت معاناتهم رهيبة إلى هذه الدرجة فلماذا لم يمت غاندي بعد؟».

 

دوّن تشرشل مفتخرًا بـ«تدمير مُمنهج للمنازل، قرية تلو الأخرى، وردم الآبار وتفجير الأبراج وقطع الأشجار الكبيرة التي يستظل بها الناس وحرق المحاصيل وكسر خزانات المياه بطريقة انتقامية وحشية، وكانوا كلما أمسكوا فردًا من إحدى القبائل يغرزون فيه حرابهم أو يقتلونه على الفور».

 

لكن الأمر الأكثر غرابة أن تشرشل هو رئيس الوزراء الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب، وكان أول من تمنحه الولايات المتحدة المواطنة الفخرية؛ إذ كانت والدته عضوًا بارزًا في المجتمع الأمريكي آنذاك، غير أن كل ذلك قوبل بهجوم إعلامي شديد عليه.