161 سنة على حادثة كارينغتون الشمسية

حادثة كارينغتون الشمسية
حادثة كارينغتون الشمسية


في الأول من سبتمبر عام 1859 ، اجتاحت أعنف عاصفة شمسية في التاريخ المسجل كوكبنا سميت "حادثة كارينغتون"  نسبة إلى العالم البريطاني ريتشارد كارينغتون ، الذي شاهد التوهج الذي بدأه، وهو علامة لاكتشاف التوهجات الشمسية وبداية مجال دراسة جديد  يسمى الطقس الفضائي.

هزت تلك العاصفة المجال المغناطيسي للأرض  بمليار طن من مادة انبعاث كتلي إكليلي، وأثارت الشفق القطبي فوق كوبا وجزر الباهاما وهاواي ، وأضرمت النيران في محطات التلغراف ، وكتبت نفسها في كتب التاريخ على أنها العاصفة الشمسية الأكبر على الإطلاق. 

تذكر السجلات التاريخية أن المخيمون في جبال روكي استيقظوا في منتصف الليل معتقدين أن الوهج الذي يرونه هو شروق الشمس، إلا أنها  كانت أضواء الشفق القطبي ، وايضا استطاع الناس في كوبا قراءة الصحف الصباحية من خلال الأضواء  الحمراء للشفق القطبي. 

مع مرور الوقت ذلك اليوم ضربت العاصفة خطوط التلغراف الذي يمكن اعتباره انترنت العصر الفيكتوري وشحنتها بالكهرباء وأصبحت خارج الخدمة وأصيب المهندسين بالذعر وأضرمت النيران في ورق التلغراف، وسجلت مقاييس المغناطيسية في جميع أنحاء العالم اضطرابات قوية في المجال المغناطيسي لكوكبنا لأكثر من أسبوع.

من ناحية أخرى، كشفت دراسة حديثة نشرت عام 2017 بواسطة فريق علمي من جامعة ناغويا اليابانية للعواصف الشمسية عن أحداث أخرى ذات شدة مماثلة ما يعني بأن حادثة كارينغتون لم تكن استثنائية على الرغم من اعتبارها لفترة طويلة بأنها كارثة تحدث مرة واحدة في القرن ، إلا أن  الرصد التاريخي يقول بأن مثل تلك الحوادث قد تكون شيئًا يحدث بشكل متكرر.

 هذه الأفكار مقلقة، فالتكنولوجيا الحديثة أكثر عرضة للعواصف الشمسية من تلغراف القرن التاسع عشر، فاليوم حياتنا قائمة على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ، والإنترنت ، وشبكات الطاقة العابرة للقارات التي يمكنها نقل العواصف المغناطيسية الأرضية من الساحل إلى الساحل في غضون دقائق. قد يتسبب حدث كارينغتون جديد في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع إلى جانب اضطرابات في الملاحة والسفر الجوي والخدمات المصرفية وجميع أشكال الاتصالات الرقمية.

اعتمدت العديد من الدراسات السابقة للعواصف الشمسية الضخمة بشكل كبير على حسابات نصف الكرة الغربي ، مع حذف البيانات من نصف الكرة الشرقي، هذه التصورات أظهرت أهمية  حدث كارينغتون، بينما تسبب في التغاضي عن العواصف الشمسية الضخمة الأخرى.

إن خير مثال على ذلك هو العاصفة الكبرى التي حدثت في منتصف سبتمبر 1770 ، عندما غطى شفق قطبي أحمر شديد السطوع اليابان وأجزاء من الصين وبالقرب من جزيرة تيمور ، جنوب إندونيسيا. 

لقد عثر الفريق العلمي الياباني مؤخرًا على رسومات للبقع الشمسية ، وهي ضعف حجم مجموعة البقع الشمسية لحادثة كارينغتون، حيث تظهرالسجلات المكتشفة ، خاصة من الصين ، بعض الشفق القطبي في أدنى خط عرض على الإطلاق ، موزعة على فترة 9 أيام، وتم الاستنتاج بأن العاصفة المغناطيسية في عام 1770 كانت مماثلة لحادثة كارينغتون ، على الأقل من حيث مدى رؤية الشفق القطبي، علاوة على ذلك ، كانت مدة نشاط العاصفة أطول بكثير من المعتاد. 

كما قام الفريق بالبحث في تاريخ العواصف الأخرى أيضًا ، حيث قام بفحص اليوميات اليابانية ، وسجلات الحكومة الصينية والكورية ، وأرشيفات المرصد المركزي الروسي ، ودفاتر السجلات من السفن في البحر - كل ذلك يساعد في تكوين صورة أكثر اكتمالاً للأحداث.

فقد وجدوا أن العواصف الضخمة في فبراير 1872 ومايو 1921 كانت مماثلة أيضًا لحادثة كارينغتون ، مع سعات مغناطيسية مماثلة وشفق قطبي واسع الانتشار. هناك عاصفتان أخريان بعد حادثة كارينغتون في 13 مارس 1989 ، وعاصفة  في 25 سبتمبر 1909، أقل شدة. 

في يوليو 2012 ، رصدت وكالة ناسا والمركبات الفضائية الأوروبية عاصفة شمسية شديدة تنفجر من الشمس يعتقد بأنها كانت أقوى من حدث كارينغتون نفسه.ولكنها لم تكن في اتجاه الكرة الأرضية، ولكنه بمثابة تذكير بأن طقس الفضاء العنيف ليس شيئًا من الماضي.

ووفقاً لجمعية الفلكية بجدة، لذلك قد يكون من المرجح أن الحوادث مثل حادثة كارينغتون تتكرر كثيرًا أكثر مما كان يُعتقد سابقًا، وإذا حدثت عاصفة مشابهة في وقتنا الحالي فقد تتسبب في خسائر بقيمة قد تصل مليار دولار للبنية التحتية العالية التقنية وتتطلب سنوات للتعافي الكامل.